أزمة الحكومة تتعمّق… صراع أجنحة بين المالكي والسوداني
تتصاعد التوترات داخل الإطار التنسيقي للكتل الشيعية، بعد أن كشف ائتلاف دولة القانون، الثلاثاء، عن رفضه لمبادرة أطلقها ائتلاف الإعمار والتنمية بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني والتي تهدف إلى تحديد مرشح الكتلة الأكبر لرئاسة الحكومة الجديدة.
وقالت النائب عن ائتلاف دولة القانون ابتسام الهلالي، في تصريح لوكالة شفق نيوز، إن “مبادرة الإعمار والتنمية عبارة عن محاولة من السوداني للحصول على ولاية ثانية، ونحن نرفضها بشكل قاطع”، مضيفا أن “قادة الإطار التنسيقي أبلغوا السوداني سابقًا رفضهم تجديد ولايته لأسباب عدة، آخرها القرارات غير الصحيحة، التدخل الخارجي في الشأن الداخلي، وتدهور الأوضاع الاقتصادية التي أدخلت البلاد في أزمة حادة”.
وتعكس تصريحات الهلالي تصعيدًا في المواجهة السياسية بين جناحي الإطار الشيعي، حيث يتمسك ائتلاف دولة القانون بترشيح زعيمه السابق نوري المالكي لمنصب رئيس الوزراء المقبل، معتبرًا أن “هناك دعمًا من الأحزاب السنية والكردية لتولي المالكي المنصب”، في خطوة تشير إلى تحالفات معقدة قد تؤثر على حسم الاستحقاق المقبل.
وتأتي هذه التطورات في وقت تسعى فيه بغداد إلى إنهاء الانسداد السياسي بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث يواجه الإطار التنسيقي ضغوطًا داخلية وخارجية للاتفاق على مرشح رئيس الحكومة الجديد قبل انتهاء المهلة الدستورية لتشكيل المؤسسات.
ويؤكد خبراء سياسيون أن الأزمة بين المالكي والسوداني تمثل اختبارًا لقدرة البيت الشيعي على ضبط توازناته الداخلية، خصوصًا بعد الانقسامات التي رافقت مرحلة تشكيل الحكومة السابقة والتي أسفرت عن تراكم أزمات اقتصادية وسياسية.
وكان ائتلاف الإعمار والتنمية قد طرح مبادرة سياسية تهدف إلى اعتماد التوافق داخل الإطار التنسيقي لتحديد مرشح رئاسة الحكومة، مع وضع معايير محددة أبرزها الخبرة التنفيذية والقبول الوطني، إضافة إلى خيار بديل يعتمد على الأوزان الانتخابية للكتل في حال تعذر الوصول إلى اتفاق شامل. وتعد المبادرة محاولة لتفادي الانسداد السياسي وتمكين الإطار من حسم ملف رئاسة الحكومة ضمن التوقيتات الدستورية.
لكن رفض دولة القانون للمبادرة يشير إلى أن المواجهة بين المالكي والسوداني لن تكون محدودة على الورق، بل قد تتحول إلى صراع مفتوح داخل الإطار التنسيقي، مع انعكاسات على مسار تشكيل الحكومة. ويعتقد مراقبون أن هذا الخلاف الداخلي يعكس عمق الانقسامات داخل البيت الشيعي بين من يريد استمرارية قيادات معينة وبين من يسعى لتجديد الأطر القيادية بما يتوافق مع تطلعات قواعدهم الحزبية واستجابة للضغوط الاقتصادية والسياسية.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الإطار التنسيقي سيحدد مرشحه النهائي بعد انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب وانتخاب الرئيس ونائبيه، وهو ما يجعل المواعيد الدستورية حافزًا لتكثيف المشاورات والاتصالات بين الأطراف المختلفة لتجنب مزيد من الانقسام الذي قد يطيل أمد الفراغ الحكومي. وفي هذا السياق، يرى سياسيون أن قدرة الإطار على التوافق ستحدد بشكل كبير مدى استقراره الداخلي ومقدار تأثيره في الحوارات مع القوى السنية والكردية، التي تلعب دورًا محوريًا في نجاح أو فشل أي توافق شيعي.
وعلى الرغم من المبادرات المطروحة، يبقى ملف رئاسة الحكومة مرهونًا بالتوازنات بين الأجنحة الشيعية، حيث يمثل رفض السوداني من قبل دولة القانون تحديًا كبيرًا للجهود الرامية إلى توحيد البيت الشيعي حول مرشح واحد، ويطرح علامات استفهام حول مستقبل التعاون بين الكتل داخل الإطار التنسيقي، ومدى قدرتها على تجاوز الخلافات في مرحلة دقيقة تواجه فيها البلاد تحديات اقتصادية وسياسية كبيرة.
وبينما تتواصل المشاورات، يترقب الشارع العراقي نتائج هذه المعركة الداخلية التي قد تهز البيت الشيعي وتعيد رسم خريطة التحالفات المقبلة، في وقت يحتاج فيه العراق إلى حكومة قوية قادرة على معالجة الأزمات الاقتصادية والسياسية دون الانغماس في الصراعات الداخلية الطويلة.
