أنقرة تطرح نفسها كضامن رئيسي لاستقرار البحر الأسود
أعربت مصادر دبلوماسية تركية عن استعداد أنقرة من حيث المبدأ لتحمّل مسؤوليات والقيام بدور قيادي في المجال البحري في البحر الأسود، بمشاركة شركاء آخرين، ضمن إطار ضمانات أمنية تُعتمد بناءً على اتفاق سلام يتوصل إليه الطرفان الروسي والأوكراني بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا.
ولطالما مثلت منطقة البحر الأسود شريان حياة حيوياً للقوى الإقليمية والعالمية، ومسرحاً تاريخياً للتنافس الجيوسياسي. ومع اندلاع الحرب في أوكرانيا، تحول هذا المسطح المائي الاستراتيجي إلى نقطة توتر قصوى، مهدداً التجارة العالمية والأمن الإقليمي.
ومن شأن الدور القيادي المحتمل في المجال البحري أن يرسخ مكانة تركيا كقوة إقليمية محورية، لا سيما في ملفات الطاقة والتجارة وتصدير الحبوب التي تعتمد على الممرات البحرية في البحر الأسود.
ويعد هذا الموقف التركي محاولة لتحويل دور الوسيط إلى دور الضامن في مرحلة ما بعد الحرب، مما يخدم أمن أنقرة القومي ويعزز نفوذها كقوة إقليمية محورية في أكثر المناطق استراتيجية في محيطها.
ووفق المصادر، فإن تركيا حذرت عقب الهجمات التي استهدفت سفنا تجارية في البحر الأسود في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، من مخاطر امتداد الحرب نحو سواحلها وانتشارها عبر كامل البحر الأسود، مؤكدة أنها لن تسمح بتهديد أمن البحر الأسود لا من الأطراف المعنية ولا من أي دولة في العالم، حسبما نقل مراسل الأناضول.
وتدعم أنقرة بقوة مسار التفاوض لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وتشدد على أن القرار النهائي بشأن أي اتفاق سلام يعود فقط إلى الطرفين المعنيين.
ومنذ بداية الحرب، لعبت تركيا دورا محوريا في التوصل إلى تفاهمات مهمة مثل مبادرة حبوب البحر الأسود وتبادل الأسرى بين الجانبين، وتواصل إعطاء الأولوية لجهود إنهاء الحرب.
وبينما تُلحق الحرب أضرارا بالغة بكل من أوكرانيا وروسيا، تبقى تركيا واحدة من قلة من الدول التي حافظت على تواصل مع الجانبين، مؤكدة استعدادها لتقديم كل دعم ممكن في المسار المؤدي إلى السلام.
وفيما يتعلق بالضمانات الأمنية التي ستُبنى على اتفاق السلام المحتمل، تؤكد تركيا أنها مستعدة من حيث المبدأ للقيام بدور قيادي وتحمل مسؤولية في المجال البحري في البحر الأسود بمشاركة أطراف أخرى.
وبحسب المصادر نفسها، تلعب تركيا دورا مهما في أمن أوروبا نظرا لحجمها وقدراتها، حيث تمتلك ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وتعد ثاني أكبر مساهم في عمليات ومهام الحلف، تصدّر منتجات دفاعية تفوق قيمتها 7 مليارات دولار، ويعمل في صناعاتها الدفاعية أكثر من 100 ألف موظف.
وتشير المصادر إلى أن استبعاد دولة بهذه القدرات من المبادرات الدفاعية لا يخدم مصالح الاتحاد الأوروبي الساعي لتأسيس بنية دفاعية خاصة به.
وتلفت تركيا الانتباه إلى أن سياسة توسّع الناتو تستند إلى المادة العاشرة من معاهدة شمال الأطلسي، التي تشترط أن يكون انضمام أي عضو جديد مفيدا لأمن الأعضاء الحاليين. وبحسب المصادر نفسها فإنه وبناء على ذلك، إذا رأى الأعضاء الحاليون أن التوسع غير مناسب في مرحلة ما، يجب احترام هذا الموقف.
ومنذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني عام 2014، تواصل تركيا دعم سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام إلى كيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف “تدخلا” في شؤونها.
