الشرق الأوسط

استعصاء حزب الله يعرقل جهود الدولة اللبنانية لحصر السلاح


يواجه لبنان واحدة من أصعب أزماته السيادية في تاريخه الحديث، فبينما تحاول الحكومة الاستجابة لضغوط دولية، مكثفة لحصر السلاح بيد الدولة، تصطدم بواقع ميداني وعسكري يفرضه حزب الله الذي يرفض التخلي عن ترسانته.

وكشف نائب رئيس الحكومة، طارق متري، خلال مؤتمر “كارنيغي” الذي انعقد بالعاصمة بيروت، عن تفاصيل تقنية من الخطة التي اقترحها قائد الجيش اللبناني وتتألف من 5 مراحل، لافتا إلى أن المرحلة الأولى منها حققت تقدماً تدريجياً جنوب نهر الليطاني.

واعتبر أن الجيش “يؤدي دورا جيدا ويتمتع بمصداقية واضحة، وهو ما لمسه السفراء ميدانيًا خلال جولاتهم”، مضيفا أنه “جاهز للانتقال إلى المرحلة الثانية من حصر السلاح بيد الدولة، وذلك دون جدول زمني على أن تمتد هذه المرحلة من نهر الليطاني إلى نهر الأوّلي”.

ورغم الجاهزية العسكرية والاعتراف الدولي بمصداقية الجيش، إلا أن الحكومة اللبنانية تفادت وضع جدول زمني ملزم للمراحل اللاحقة، وهي خطوة يفسرها المراقبون بأنها “مناورة سياسية” لتجنب المواجهة المباشرة مع القاعدة الشعبية والعسكرية للحزب.

في المقابل، يضع حزب الله شروطاً تعجيزية أمام خطة حصر السلاح. وتؤكد تصريحات الأمين العام للجماعة، نعيم قاسم، بوضوح أن نزع السلاح ليس مطروحاً للنقاش قبل انسحاب إسرائيلي كامل من كافة الأراضي اللبنانية. ويضع هذا “الاستعصاء” الحكومة في موقف محرج، فهي ملتزمة بقرار حصر السلاح، لكنها تفتقر للأدوات التنفيذية لإجبار الحزب على ذلك دون جر البلاد إلى فتنة داخلية.

وتجد الدولة اللبنانية نفسها في سباق مع الزمن، فالمرحلة الأولى من سحب السلاح جنوب الليطاني يفترض أن تنتهي بنهاية العام الجاري. وبين “مصداقية الجيش” التي يراهن عليها المجتمع الدولي، وترسانة الحزب التي يرفض التخلي عنها، يظل لبنان ساحة مفتوحة على كافة الاحتمالات العسكرية والسياسية.

وفي الشأن السوري قال متري “ثمة اهتمام عربي ودولي أكبر بدعم سوريا أكثر من لبنان، لكن ليس علينا التفكير بأنفسنا كمنافسين لدمشق على الدعم، فالخطوة الأفضل تكمن في التعاون الاقتصادي”.

وأضاف أن “العرب والشركاء الدوليين يشجّعون السوريين واللبنانيين على العمل معًا، فهما يواجهان مشاكل بسبب الهجمات الإسرائيلية، ومع أن استراتيجياتنا التفاوضية مختلفة فالموقف الجوهري هو نفسه”.

ولفت متري إلى أن “القضية الملحة التي يجب أن نتعامل بشأنها مع القيادة السورية تتعلّق بالمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، لكن لا بدّ من إيجاد قاعدة قانونية للتوصل إلى حل للمسألة وهنا تكمن المشكلة”.

ولسنين طويلة ظل ملف المفقودين والمخفيين قسراً طي النسيان في لبنان، إلى أن أقر مجلس النواب اللبناني عام 2018 إصدار قانون ينص على التحقيق في حالات الاختفاء القسري وتحديد أماكن المفقودين في العقود الأربعة الماضية، ومثّل سقوط نظام الأسد “موسم أمل لعودة المنسيين”.

من جهته قال نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي، مروان المعشّر “نشهد حاليا تحوّلًا نحو نظامٍ عالمي متعدّد الأقطاب، لكنه ليس عالمًا ينعم بالاستقرار”، لافتا إلى أن “إسرائيل غير مهتمة بالحل السياسي بل بالهيمنة العسكرية والتخلّص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين”.

واستدرك المعشّر “لكن هل هذه الهيمنة العسكرية تؤدّي إلى تعزيز السلام في المنطقة وإرساء ترتيبات أمنية؟ كلّا”.

زر الذهاب إلى الأعلى