اخترنا لكم

الأرمن ونازية رجب

يوسف مبارك


من أضرار إحياء التاريخ لتغييب الحاضر والتحريض على المكاسب المستقبلية بواسطة العدوان أن يُسقط إردوغان تركيا في تفاخر قومي مهين ومتعجرف تجاه الأرمن والأكراد والعرب، فهو بمثابة تفاخر ألمان اليوم بالرايخ الثالث البائد.

يضاف إلى الهم الاقتصادي، والمعاناة الشعبية والاستبداد العابر لمصالح المعسكرات الكبرى، هم جديد هو اعتماد إدارة بايدن التأبين الأمريكي الرسمي والسنوي للإبادة الجماعية للأرمن في ذكراها السادسة بعد المائة، على الأقل احتراما لأرمن أمريكا. هذا باب انفتح ويؤسس لاعترافات بالظلم الراهن من قبل العثماني الجديد لأعراق أخرى، قياسا على ما لحق من عار بإرث الظلم الكبير والاضطهاد الذي مارسه عصمليو القرون السابقة.

كلما تهور رئيس دولة في سلوكه الإقليمي، ورفض التعايش مع جواره والتصالح مع ماضيه، نجد تكالب العقوبات الخارجية وسوء التدبير الداخلي والظروف المفتعلة والصدف على تدمير منجزاته، هذا إن أمكن الاستمرار بتسميتها منجزات. الشواهد كثر، وعواقب التطهير العرقي الحديث في ذاكرتنا من مصائر قادة الصرب في محكمة العدل الدولية، ومثلهم قادة الهوتو من رواندا.

تمادى سلطان تركيا الحالي يجعل من مسألة التعويضات أو التنازلات أو الخسائر – وهي الأقرب – شرٌ آتٍ لا محالة. رجب ساند أذربيجان ضد أرمينيا، وبذلك أحيى الأحقاد المتوارثة منذ قتل أجداده الأرمن قبل قرن، واعتدى على ليبيا وتآمر على مصر وأساء إلى كبرى دول الخليج، وأحيى بذلك حقد العرب على احتلال أجداده، وتجاوز حدود سوريا وكردستان العراق ليقتل الأكراد في الموضعين، مجددا بذلك ما لهم من مظالم تاريخية مزمنة.

على غرار تعويضات ألمانيا لليهود عن محارق النازية، لا بد من تحريك ملفات الأعراق المجني عليها من قبل الأتراك – تاريخا وحاضرا – لدفع الضرر عنها وتعويض الضحايا الفعليين والمعنويين من أفرادها ودولهم، إذ أن جعل تركيا إردوغان عبرة في هذا المجال مقدمة لجعل إيران الملالي مسؤولة بذات الطريقة عما ألحقته من ضرر بالعواصم العربية الأربع التي تتباهى بالسيطرة عليها. أمام كل ذلك، لا معنى لقبول مساعي المصالحة التركية مع مصر، إلا إذا وضعت مصر شروطا مرغِمة بشكل مستمر لأنف رجب وحزبه.

في تاريخ العثمانيين، سلطان اسمه ابراهيم المجنون Deli Ibrahim، تم خلعه لجنونٍ ألمّ به، وأُعدم خنقا، فهل يعيد التاريخ نفسه؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى