الإخوان يعيدون الفوضى إلى معاقلهم القديمة عبر المدارس

تتسع أزمة الصلاة في مدرسة بتونس، ويتداخل فيها العام والخاص، ما يكشف دور الإخوان، وتحرك أياديها لإثارة الشارع، في “معقل قديم”.
ودخلت نقابة التعليم الثانوي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل، على خط أزمة محاولات الإخوان السيطرة على القصر والتلاميذ أيديولوجيا.
المنظمة نددت بالأحداث الأخيرة داخل مدرسة ثانوية بمدينة الحمامات بمحافظة نابل شمال شرقي تونس، والتي تتعلق بجدال بين الإدارة وتلاميذ حول الصلاة في المدرسة.
وشددت النقابة في بيان على ضرورة فتح تحقيق وتحميل كل طرف مسؤولية ما حدث.
بدوره، دعا الكاتب العام لنقابة التعليم الثانوي محمد الصافي، الأئمّة، إلى “رفع أيديهم عن المؤسسات التربوية لأنهم ليسوا أوصياء عليها”.
“القانون هو الفيصل”
كما طالب وزارة التربية، بـ”عدم الالتزام بالحياد”، معتبرا أن ما يُتداول على بعض صفحات التواصل الاجتماعي يثير المخاوف من عودة ممارسات سابقة حاولت التأثير على سير المؤسسات التعليمية.
وأكد رفضه الزجّ بالمؤسسات التعليمية و”توظيفها توظيفا رخيصا في سجالات ومهاترات”، موضحا أن “القوانين والمناشير هي الفيصل، ويجب حماية المؤسسات ومحيطها من أي تدخل خارجي أو توظيف سياسي أو ديني”.
الصافي مضى قائلا إن “معالجة مثل هذه الإشكاليات تتطلب ضبط النفس من جميع الأطراف، واعتماد الحوار داخل المكاتب الإدارية بعيداً عن ردود الفعل المتشنجة”.
وأفاد بأن النقابة “حاضرة للدفاع عن المدرسة الحكومية وحماية تلاميذها من الاستغلال”، داعيا إلى “إصلاح شامل للمنظومة التعليمية في تونس”.
وأثار منع تلاميذ من أداء الصلاة داخل حرم إحدى المدارس في تونس جدلاً واسعاً، بعدما طلبت المديرة من الطلاب تأجيل صلاتهم إلى حين عودتهم إلى منازلهم، معتبرة أن المؤسسة التعليمية مخصّصة للعلم لا للعبادة.
وتعود القصة إلى مقطع فيديو انتشر الخميس الماضي على مواقع التواصل، أظهر طالباً يحمل سجادة صلاة في معهد محمد بوذينة بمدينة الحمامات، وقد تدخلت المديرة لمنعه من الصلاة في ساحة المدرسة، الأمر الذي قوبل باحتجاجات من جانب عدد من التلاميذ الذين تحدّوا القرار وأدوا صلاة جماعية داخل الساحة.
تحرك الإخوان
وبالرغم من أن الحادثة قد تبدو عادية، إلا أنها تعكس تحرّك أيادي الإخوان للسيطرة على القُصَّر والشباب.
وقال البرلماني الإخواني الأسبق رضا الجوادي، إنه ينتظر من وزارة التربية أن تقوم بواجبها في ضمان حرية التلاميذ في أداء شعائرهم الإسلامية، بما لا يعطل السير العادي للدروس، ووفق ترتيبات معقولة لا ضرر فيها ولا ضرار.
ودعا في منشور على صفحته الرسمية بـ”فيسبوك”، الأئمة، إلى نصرة حق التلاميذ في إقامة الصلاة لوقتها بالمؤسسات التربوية.
من جهته، قال الناشط والمحلل السياسي التونسي، نبيل غواري إن هذه الحادثة دليل على تحرك تنظيم الإخوان في السيطرة على التلاميذ.
وأكد أن وزير الشؤون الدينية الأسبق والقيادي بالنهضة نور الدين الخادمي، والبرلماني الإخواني، رضا الجوادي، والقيادي بالنهضة، رفيق عبد السلام، سارعوا إلى التعبير عن مساندة هؤلاء التلاميذ، في اعتراف بوقوف الجماعة وراء ذلك.
معقل قديم
نبيل غواري أشار إلى أن محافظة نابل تُعد إحدى المحطات التاريخية والسياسية لحركة النهضة في تونس، ففيها نٌظم عام 1981 المؤتمر الأول العلني للحركة تحت مسمّى الاتجاه الإسلامي، وهو ما شكّل نقلة نوعية من النشاط الدعوي السري إلى الانخراط في الساحة السياسية.
وأفاد بأن نابل بالنسبة للنهضة تمثل رصيدا بشريا وسياسيا لأي عودة محتملة إلى الساحة السياسية، محذرا في ذات الوقت، من “خطر التطرف الذي مازال ينخر المجتمع ومشروع الإخوان الظلامي”.
وسبق أن قال صابر الحمروني، المنشق عن حركة النهضة، في منشور على صفحته الرسمية على “فيسبوك”، “إن التاريخ الأسود لا يزال يصرخ: آلاف التلاميذ سقطوا ضحايا تجييش سياسي في التسعينيات على يد محمد عون في الجهاز السري لحركة النهضة”.
وتابع: “اليوم، لا يمكن التساهل. على وزارة التربية التحرك فورًا بوضع خطة محكمة، صارمة، وواقعية لحماية مستقبل أبنائنا، ومنع أي محاولة لاستغلالهم سياسيًا أو أيديولوجيًا. هذه مسؤولية وطنية عاجلة لا تحتمل التأجيل”.