البحر الأحمر يترقب المهمة الأوروبية
لا تختلف المهمة الأوروبية الأمنية بالبحر الأحمر وخليج عدن كثيرا عن عملية “حارس الازدهار”، فكلاهما تستهدفان حماية الملاحة من هجمات الحوثيين.
وتدخل مهمة الاتحاد الأوروبي التي أطلق عليها اسم “خطة أسبيدس” وتقودها اليونان، حيز التنفيذ يوم 19 فبراير/شباط الجاري، جنبا إلى جنب مع عملية “حارس الازدهار” التي تقودها الولايات المتحدة والتي تواجه اختبارا صعبا في ظل استمرار الهجمات الحوثي البحرية.
وتشارك في “أسبيدس”، التي تعني “الدرع”، كل من فرنسا واليونان وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا، على أن تقتصر المهمة في البحر لحماية السفن وعدم المشاركة في أي ضربات عسكرية، وفقا للاتحاد الأوروبي.
وتبلغ ميزانية المهمة الأوروبية 8 ملايين يورو توفرها خزانة الاتحاد الأوروبي، على أن يتم خلال الأيام المقبلة إعداد خطة العمليات وقواعد الاشتباك وتشكيل القوة البحرية والجوية، التي ستتولى الدوريات في أجواء مياه البحر الأحمر وخليج عدن.
أوجه الاختلاف
وبحسب مراقبين، فإن “أسبيدس” لن تختلف كثيرا عن “حارس الازدهار”، وأن الهدف من هذا القرار هو حضور أوروبي متمايز عن الدور الأمريكي، فيما قال آخرون إن المهمة الأوروبية ستكون هامشية كونها لن تتطور إلى ضربات فعالة ضد الحوثيين.
وقال رئيس مركز “نشوان” للدراسات في اليمن، عادل الأحمدي، إنه “حتى الآن، من الواضح أن الاتحاد الأوروبي يستهدف التدخل في البحر الأحمر من أجل حماية سفن دول الاتحاد أو للانضمام لأي قوات تقوم في ذات المهمة”.
وأضاف الأحمدي أن “التدخل الأوروبي جاء بقرار منفصل، وأنه ليس جزءاً من تحالف حارس الازدهار، ولكنه في الوقت ذاته سيعمل بالتنسيق والتكامل مع قوات هذا التحالف، كما هو حال أي قوة دولية بحرية”.
وأشار الأحمدي إلى أن الهدف من هذا القرار هو إيجاد حضور أوروبي متمايز عن الدور الأمريكي وهو على ما يبدو فرصة لتدخل دول أوروبية بشكل منفصل عن الولايات المتحدة وبريطانيا، بغض النظر عن وجود أي اختلافات في المهام أو العمليات العسكرية المحتملة”.
وقال إنه “على الأرجح أن ما سيختلف هو القرار بدرجة أساسية، أما ميدانيا فهذه الدول أغلبها إن لم يكن جميعها في الناتو وهي والولايات المتحدة بنفس التحالف العسكري، لكنها تريد أن تتمايز بقرارها هذه المرة، لكن الهدف والمهمة واحدة فيما يتعلق بالملاحة وحمايتها من التهديدات الحوثية الإيرانية، أو هذا ما يبدو حتى اليوم”.
افتقار سياسة واضحة
ويفتقر الأوروبيون إلى سياسة واضحة ومتماسكة للتعاطي مع الواقع في البحر الأحمر، وكذلك مع المشكلة الأوسع نطاقاً، وهي الدور الإيراني المزعزع للاستقرار في المنطقة، وفق خبراء.
في هذا السياق، يرى رئيس مركز “جهود” للدراسات في اليمن عبدالستار الشميري أن “الأوروبيين ما زالوا مترددين في التعاطي مع مليشيات الحوثي كمنظمة إرهابية، ومترددين في إطلاق عمليات عسكرية نوعية ضد الحوثيين“.
وقال الشميري إن “ما أعلن عنه الأوروبيون هو حماية بعض السفن فقط، وبذلك سيكون دورهم هامشيا وتقليديا، حيث يحمون بعض السفن التجارية لا أقل ولا أكثر”.
وفيما أشار الشميري إلى أن الموقف الأوروبي ربما يتطور لاحقاً؛ وذلك عندما تصاب بعض سفنهم أو بعض قواتهم البحرية من قبل الحوثيين، إلا أنه أكد أن الموقف الأوروبي في الوقت الحالي لا رهان عليه، على عكس الموقف المتقدم والنوعي الأمريكي والبريطاني ودوره في تحجيم قدرات الحوثيين.
وبحسب الباحث السياسي اليمني فإن “معركة البحر الأحمر يبدو أنها طويلة، ما لم تتغير الاستراتيجية الأمريكية وتتوحد مع الرؤية الأوروبية، ويتم التنسيق مع الحكومة اليمنية، وهو الخيار الوحيد الحاسم لردع هجمات الحوثيين“.
وأكد أنه “دون ذلك سوف تظل المهمتين الأوروبية والأمريكية عمليات قاصرة، ولن تؤدي إلى القضاء على مليشيات الحوثي التي تمتلك ترسانة كبيرة من أسلحة حصلت عليها من قوات الحرس الثوري عبر التهريب خلال 8 سنوات مضت”.
وقال الشميري: “إجمالا يتطلب من المهمة الأوروبية و”حارس الازدهار” إنشاء ردع موثوق به، حيث تتخذ العمليتان إجراءات هجومية وتدابير عسكرية وقائية ضد القدرات الحيوية للحوثيين، وفق مراقبين.
وكانت الولايات المتحدة أعلنت يوم 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، عن تأسيس تحالف عسكري بحري متعدد الجنسيات، تحت اسم “حارس الازدهار”، بهدف التصدي لأي هجمات تستهدف سلامة الملاحة البحرية الدولية.
ومنذ 12 يناير/كانون الأول الماضي بدأت أمريكا وبريطانيا بدعم من دول أخرى بتوجيه سلسلة ضربات جوية على أهداف حوثية بهدف تحجيم قدرات الحوثيين والحد من هجماتهم ضد خطوط الملاحة الدولية.
لكن ورغم تواصل الضربات الأمريكية البريطانية فإن مليشيات الحوثي لم توقف هجماتها ووسعت من بنك أهدافها بما في ذلك “السفن الأمريكية والبريطانية”، إلى جانب السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إلى موانئها.