الرصاص يربك حسابات هدنة السودان
هزت غارات جوية جدران المنازل في الخرطوم اليوم الأحد، بحسب شهود عيان بعد ساعات من إعلان هدنة برعاية سعودية أمريكية
وفي جنوب الخرطوم تحدث شاهد عيان لفرانس برس عن “تجدد الاشتباكات بمنطقة الصحافة”.
ويشهد السودان نزاعا منذ منتصف الشهر الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع التي ترفض خطة لدمجها في صفوفه.
وأوقعت المعارك منذ اندلاعها نحو ألف قتيل غالبيتهم مدنيون ودفعت أكثر من مليون سوداني إلى النزوح أو اللجوء إلى بلدان مجاورة، بينما انهارت المنظومة الصحية. التي تعاني أصلا جراء نقص الإمدادات، وتردي الوضع الأمني والإنساني.
وأعلنت الولايات المتحدة والسعوديّة مساء السبت في بيان مشترك أنّ ممثّلي الجيش السوداني وقوّات الدعم السريع وافقوا على وقف لإطلاق النار مدّته أسبوع يبدأ الإثنين.
وقال البيان إنّ وقف النار “يُمكن تمديده بموافقة الطرفَين”.
وأوضح أنّ طرفي النزاع اتّفقا أيضا على “إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانيّة، واستعادة الخدمات الأساسيّة وسحب القوّات من المستشفيات والمرافق العامّة الأساسيّة”.
وتابع البيان المشترك أنّ وقف النار “يدخل حيّز التنفيذ الساعة 21:45 بتوقيت الخرطوم (19:45 ت غ) يوم 22 مايو ” ويستمرّ سبعة أيّام.
سقوط جديد
هذا الاتفاق ليس الأول منذ بدء الحرب، إذ اتفق الطرفان على ما يقرب من 12 هدنة. قاما بخرقها كلها بعد دقائق من دخولها حيز التنفيذ.
وقال حسين محمد المقيم بمدينة بحري شمال الخرطوم لفرانس برس “نأمل أن يراقب الوسطاء تنفيذ” الاتفاق.
في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور قال آدم عيسى لفرانس برس عبر الهاتف “نحن لا نثق بالأطراف المتصارعة (…) نريد وقفا نهائيا لإطلاق النار وليس هدنة موقتة”.
وكان البيان الأمريكي السعودي المشترك أكد أنه “خلافا لوقف إطلاق النار السابق. تمّ التوقيع من قِبَل الطرفين على الاتّفاقيّة التي تمّ التوصّل إليها في جدّة. وستدعمُها آليّة لمراقبة وقف إطلاق النار مدعومة دوليًّا” من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
وخلفت الحرب الدائرة خسائر فادحة في البنية التحتية إذ خرجت معظم المستشفيات عن الخدمة سواء في الخرطوم أو إقليم دارفور غرب البلاد. حيث يشتد القتال أيضا.
كما أجبر الذين لم يتمكنوا من الفرار من سكان العاصمة البالغ عددهم 5 ملايين نسمة تقريبا على ملازمة منازلهم بدون ماء أو كهرباء.
وتطالب الطواقم الإنسانية منذ أسابيع بتأمين ممرات آمنة لنقل الأدوية والوقود والمواد الغذائية. في محاولة لتوفير بعض الخدمات التي تشهد تدهورا منذ عقود.
وبعد صلاة التبشير الملائكي الأحد في الفاتيكان قال البابا فرنسيس “من المحزن أنه بعد شهر من اندلاع العنف في السودان، لا يزال الوضع خطيرا”.
وأضاف مخاطبا طرفي النزاع “دعونا من فضلكم لا نعتاد على الصراعات والعنف والحرب”.
والجمعة، أقال قائد الجيش عبدالفتاح البرهان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو من منصب نائب رئيس مجلس السيادة (أعلى سلطة سياسية حاليا في البلاد). وقرر تعيين مالك عقار في المنصب. كما عيّن ثلاثة من حلفائه في مناصب عسكرية رفيعة.
ووقع مالك عقار في 2020 ومعه قادة حركات تمرد اتفاق سلام مع الخرطوم. وهو عضو في مجلس السيادة منذ فبراير 2021.
وأعلن في بيان أصدره السبت أنه مصمّم على السعي إلى “إيقاف هذه الحرب” والدفع باتّجاه مفاوضات. وتوجّه مباشرة إلى دقلو بالقول. “لا بديل لاستقرار السودان إلا عبر جيش مهني واحد وموحد، يراعي التعددية السودانية”.
ويعد دمج قوات الدعم السريع في الجيش نقطة الخلاف الأساسية بين دقلو والبرهان.
الوضع الإنساني
وتحذّر الأمم المتحدة من وضع إنساني سريع التدهور في ثالث أكبر بلد أفريقي مساحةً. علما بأن ثلث السكان كانوا يعتمدون على المساعدات حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة.
ورفعت الأمم المتحدة قيمة الأموال التي تحتاج إليها لمساعدة السودان مؤكدة أنها تسعى لجمع 2,6 مليار يورو.
ومن المتوقع أن يلقي المبعوث الأممي إلى السودان فولكر بيرتيس كلمة أمام مجلس الأمن الدولي الإثنين.
وكان مسؤول الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث أعلن الجمعة تخصيص 22 مليون دولار من صندوق طوارئ تابع للأمم المتحدة لمساعدة السودانيين. الذي فروا إلى البلدان التي لها حدود مع السودان.
وأعلنت الولايات المتحدة الجمعة مساعدة قيمتها 103 ملايين دولار للسودان ودول الجوار لمواجهة الأزمة الإنسانية.