السودان تحت نيران المسيّرات: مقتل اللواء أبو عبيدة واستهداف مصفاة الجيلي يفتحان مرحلة جديدة من الصراع

في تطور خطير يعكس حجم التحولات في طبيعة الحرب الدائرة في السودان، تعرضت مصفاة الجيلي النفطية شمال مدينة بحري لهجوم جوي نفذته ثماني طائرات مسيّرة، في وقت متزامن مع أنباء مؤكدة عن مقتل اللواء أبو عبيدة، مدير الأمن العسكري الجديد ونائب مدير الاستخبارات العسكرية، وإصابة ثمانية من كبار الضباط بجروح متفاوتة.
هذه التطورات المتلاحقة تكشف أن البلاد تقف اليوم على عتبة مرحلة جديدة من الصراع، حيث لم تعد الحرب تقتصر على الميدان، بل انتقلت إلى ضرب البنية التحتية والقيادات العليا معًا.
استهداف مصفاة الجيلي: الاقتصاد في مهب الريح
بحسب مصادر محلية، سارعت إدارة مصفاة الجيلي إلى إخلاء جميع العاملين كإجراء احترازي، ما حال دون وقوع خسائر بشرية. غير أن فرقاً فنية وأمنية ما تزال تعمل على تقييم حجم الأضرار المادية وسط مخاوف كبيرة من تأثيرات مباشرة على إمدادات الوقود والكهرباء في البلاد.
وتُعد المصفاة من أهم المنشآت النفطية في السودان، إذ تشكل العمود الفقري لقطاع الطاقة، حيث يتم عبرها تكرير النفط الخام وتوزيع المشتقات البترولية التي تعتمد عليها القطاعات الحيوية. ومن هنا، فإن أي تعطيل في عملها قد يؤدي إلى شلل شبه كامل في الاقتصاد، ويزيد من حدة الأزمات المعيشية التي يواجهها المواطنون منذ اندلاع الحرب.
مقتل اللواء أبو عبيدة: ضربة للقيادة الأمنية
في موازاة ذلك، أكدت مصادر عسكرية رفيعة أن الهجمات الأخيرة أسفرت عن مقتل اللواء أبو عبيدة، الذي كان قد تولى مؤخرًا منصب مدير الأمن العسكري ونائب مدير الاستخبارات العسكرية. ويُعرف أبو عبيدة بكونه أحد العقول الأمنية التي لعبت أدواراً مهمة في مواجهة قوات الدعم السريع، ما يجعل مقتله خسارة كبيرة للجيش السوداني.
كما أصيب ثمانية من كبار الضباط بجروح متفاوتة، بينهم قادة بارزون في سلاح الجو والاستخبارات، وهو ما يضع المؤسسة العسكرية أمام فراغ قيادي خطير في وقت حساس.
قراءة في دلالات الاستهدافات
يرى خبراء عسكريون أن تزامن استهداف المصفاة مع مقتل اللواء أبو عبيدة ليس صدفة، بل جزء من استراتيجية متكاملة تقوم على:
-
إضعاف المنظومة الأمنية والعسكرية عبر تصفية القيادات المؤثرة.
-
شلّ الاقتصاد الوطني من خلال ضرب البنية التحتية الاستراتيجية.
-
إضعاف المعنويات داخل الجيش والشارع على حد سواء، عبر إثبات أن لا قيادة ولا منشأة باتت بمأمن من الضربات.
انعكاسات داخلية خطيرة
-
عسكريًا: خسارة قيادات رفيعة قد تربك منظومة اتخاذ القرار وتؤثر على سير العمليات الميدانية.
-
اقتصاديًا: تعطيل المصفاة يهدد بحدوث أزمة وقود وكهرباء قد تدفع الشارع نحو موجات غضب جديدة.
-
سياسيًا: استمرار هذه الهجمات قد يُعمّق الانقسامات داخل المؤسسة العسكرية، ويضعف موقفها في أي مفاوضات أو تسويات مقبلة.
المجتمع الدولي بين القلق والتحذير
في ظل هذه المستجدات، جددت منظمات إقليمية ودولية دعواتها إلى تحييد المنشآت المدنية وحماية البنية التحتية من الصراع. وحذّرت تقارير اقتصادية من أن أي تعطيل طويل لمصفاة الجيلي سيضاعف معاناة المواطنين، ويدفع البلاد إلى أزمة إنسانية واقتصادية غير مسبوقة.
مرحلة “كسر الأعناق”
إن ما جرى خلال الساعات الأخيرة ليس مجرد سلسلة من الهجمات، بل بداية لمرحلة جديدة يمكن وصفها بـمرحلة كسر الأعناق، حيث تستهدف الحرب أعمدة الاقتصاد ورؤوس القيادة العسكرية في وقت واحد.
مقتل اللواء أبو عبيدة واستهداف مصفاة الجيلي رسالتان واضحتان: لا حصانة لأحد، ولا أمان لأي منشأة. وإذا لم يتم احتواء هذه الضربات والرد عليها بفاعلية، فإن السودان مهدد بالدخول في دوامة انهيار أعمق، قد تعيد رسم خريطة الصراع داخليًا وخارجيًا.