الصفقة النووية التي مزقها ترامب.. هل تُبعث من جديد؟

هل يمكن للرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي مزق الاتفاق النووي أن يوقع اتفاقا جديدا مع إيران؟
يقول إيفو دالدر، السفير الأمريكي السابق لدى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في في مجلة “بوليتيكو”، إن ترامب الذي كتب “فن الصفقة”، “لم يحقق نجاحا كبيرا في عقد الصفقات حتى الآن”.
فروسيا رفضت مبادراته لإنهاء الحرب في أوكرانيا، وتحدت إسرائيل وحماس جهوده لإنهاء الحرب في غزة. ويبدو أن الصين ليست في مزاج لإبرام صفقة لإنهاء الحرب التجارية التي أشعلها.
-
قبل المفاوضات.. البرنامج النووي الإيراني يثير فزع المراقبين
-
النووي الإيراني يعود للواجهة.. وترامب يبحث عن اختراق سياسي
لكن دالر، يرى أنه عندما يتعلق الأمر بإيران، قد تتحسن الأمور.
والسبت الماضي، اجتمع مفاوضون من الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عُمان، ومرة أخرى في نهاية هذا الأسبوع، لإجراء محادثات وجها لوجه حول البرنامج النووي الإيراني.
وترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي الأصلي لعام 2015 خلال ولايته الأولى، أصبح الآن في وضع جيد لتأمين اتفاق دائم. وفق السفير الأمريكي السابق.
-
جهود دولية مكثفة لاحتواء أزمة البرنامج النووي الإيراني
-
5 نقاط لفهم مسار المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة
بيْد أن السؤال هو: أي نوع من الاتفاق؟
منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الذي قيد البرنامج النووي الإيراني عام 2018، تقول “بوليتيكو” إن إيران “سرّعت تخصيب اليورانيوم، وهي خطوة حاسمة نحو بناء سلاح نووي. وبالتالي، فإن الحاجة إلى حل سريع أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى”.
حاليا، هناك ثلاثة جوانب من الأنشطة النووية الإيرانية مثيرة للقلق بشكل خاص، وفق إيفو دالدر، وهي:
أولا، بعد نشر أجهزة طرد مركزي متطورة قادرة على تخصيب اليورانيوم بوتيرة أسرع بكثير، وسّعت البلاد قدراتها على التخصيب بشكل كبير.
-
بعد التقدم في البرنامج النووي.. ضغط واشنطن على أوروبا لوقف أي إجراءات ضد إيران
-
«ساعة الصفر» النووية.. كيف يختبئ الرئيس الأمريكي في لحظات الخطر؟
ثانيًا، نظرا لإنتاجها اليورانيوم عالي التخصيب منذ عام 2021، فقد خزّنت إيران الآن حوالي 275 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. هذا يكفي لنحو ستة أسلحة نووية بمجرد تخصيبها إلى نسبة نقاء 90% – أي أن إيران ستحتاج أقل من أسبوعين لإنتاج ما يكفي من المواد اللازمة لصنع قنبلة نووية واحدة.
وأخيرا، في أواخر العام الماضي، خلصت أجهزة الاستخبارات الأمريكية إلى أن إيران تدرس سبل بناء مخزون من الأسلحة الخام في غضون أشهر، بدلا من الانتظار لمدة عام أو أكثر، وهو ما سيستغرقه مهندسوها لتصنيع سلاح يمكن نشره على صاروخ باليستي.
-
الصفقة النووية التي مزقها ترامب.. هل تُبعث من جديد؟
-
مفاوضات «النووي»: إيران تدرس الخيارات بعد وصول رسالة ترامب
بين الدبلوماسية والعسكرة
يشير دالدر إلى أصوات داخل إدارة ترامب تدعو إلى اتخاذ إجراءات متنافسة. حيث يعتقد فصيل، بقيادة وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز، أن النهج الدبلوماسي سيفشل لأن إيران لا يمكن الوثوق بها، ويفضلون شن حملة عسكرية.
في حين يرى فصيل ثان، بقيادة نائب الرئيس جيه دي فانس ووزير الدفاع بيت هيغسث، أن استخدام القوة محفوف بالمخاطر، ويفضل الحل الدبلوماسي.
وكعادته، أشار ترامب إلى دعمه لكلا الطرفين، وهدد مرارا باستخدام القوة، قائلا: “إذا لم يتوصلوا إلى اتفاق، فسيكون هناك قصف… قصف لم يروا مثله من قبل”.
-
إيران ترد على رسالة ترامب بشأن “النووي”.. ماذا قالت طهران؟
-
مشاورات إيرانية-أوروبية حول النووي تسبق عودة ترامب وسط تحديات معقدة
ولتأكيد تهديده، نقلت الولايات المتحدة قدرات عسكرية كبيرة إلى المنطقة – بما في ذلك قوتان ضاربتان لحاملات الطائرات وست قاذفات قنابل من طراز B2 على الأقل قادرة على إسقاط قنبلة GBU-57 “الخارقة للتحصينات”، القادرة على اختراق 200 قدم من الخرسانة قبل الانفجار.
وفي الوقت نفسه، أعرب عن رغبته في حل القضية دبلوماسيا. وأرسل كبير مبعوثيه للسلام، ستيف ويتكوف، لقيادة المحادثات، وتواصل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حاثا موسكو على المساعدة في إقناع طهران بضرورة التوصل إلى اتفاق.
-
حملة ضغط غربية مكثفة: العالم يحارب لوقف برنامج إيران النووي
-
ترامب وإيران.. صفقة أم مواجهة جديدة حول النووي؟
الترهيب والترغيب
ويرى السفير الأمريكي السابق والرئيس التنفيذي لمجلس شيكاغو للشؤون العالمية، أن “سياسة الترهيب والترغيب التي انتهجها ترامب أدت إلى أول محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران منذ عقد من الزمان، وهذا ليس بالأمر الهين”.
فالأهم من ذلك، يضيف “يبدو أن طهران تدرك أن البديل للدبلوماسية هو المواجهة العسكرية المباشرة، في وقت ربما تكون فيه أضعف مما كانت عليه منذ الحرب الإيرانية العراقية في ثمانينيات القرن الماضي”
-
إيران تستعد لتغيير استراتيجيتها النووية قبيل مفاوضات مع أوروبا
-
تعرف على أسرار ترسانة إسرائيل وإيران النووية
وأشار إلى أن “محور المقاومة الذي بنته طهران بشق الأنفس على مدى العقود الماضية، والذي يمتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان، قد تم تفكيكه فعليا خلال الأشهر الستة الماضية بسبب الضربات الإسرائيلية وإطاحة بشار الأسد من دمشق”.
وفي هذا السياق، لفت إلى تقارير أفادت بأن “قادة إيرانيين بارزين تمكنوا من إقناع المرشد الأعلى خامنئي بأن الفشل في التوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى حرب في الخارج، بالإضافة إلى انهيار اقتصادي في الداخل قد يهدد النظام”.
وعليه فإن البداية الحالية للمحادثات تؤكد أن كلا الطرفين مهتمان بالتوصل إلى اتفاق. بحسب دالدر.
-
إيران النووية أصبحت “أكثر خطورة” بعد التصعيد مع اسرائيل
-
ما هي منشآت إيران النووية التي قد تستهدفها إسرائيل؟
هل ستتكرر نسخة 2015؟
بعد انتهاء الجولة الأولى من المحادثات، قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن التخصيب الذي يتجاوز 3.67% فقط هو المحظور – كما هو الحال في اتفاق عام 2015.
ولكن بعد يوم واحد، أشار إلى أن “صفقة ترامب” يجب أن تشمل القضاء على جميع عمليات التخصيب النووي.
في غضون ذلك، شدد ترامب نفسه أنه “على إيران التخلص من مفهوم السلاح النووي”. لكن ما يقصده بذلك غير واضح.
-
أمريكا تهدد بإجراءات قوية ضد إيران بسبب ملفها النووي
-
الاتفاق النووي مع إيران.. بين روبرت مالي وإشراك دول الخليج
بشكل عام، وبالنظر إلى ضعف وضع إيران وحرص ترامب على إبرام اتفاق، فإن النجاح وارد، كما يقول السفير الأمريكي السابق.
ومع ذلك- يتابع- فإن الاتفاق النهائي – إن وُجد – من المرجح أن يكون مشابها لاتفاق عام 2015 الذي وصفه مرارا وتكرارا بأنه “أسوأ اتفاق في التاريخ”، بدلا من أن يكون أكثر صرامة، وهو ما رغب فيه العديد من منتقدي الاتفاق، وخاصة الجمهوريين.