العراق يقود وساطة لتسريع المصالحة بين مصر وإيران
تستضيف العاصمة العراقية بغداد قريبا اجتماعا بين مسؤولين إيرانيين ومصريين لإعادة العلاقات إلى طبيعتها في تطور يأتي على وقع إنهاء القطيعة الدبلوماسية بين طهران والرياض بموجب اتفاق تاريخي رعته الصين.
بينما تحول الى العراق في السنوات الأخيرة إلى لاعب محوري في تسوية الأزمات بين دول المنطقة وإيران التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع النخبة الشيعية الحاكمة.
ونقلت شفق نيوز العراقية الكردية عن مصدر حكومي قوله، إن اجتماعات غير معلنة ستعقد بين المسؤولين المصريين والإيرانيين بوساطة عراقي. بينما يأتي هذا التطور على اثر زيارة قام بها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مؤخرا للقاهرة يعتقد أنه عرض خلالها على الجانب المصري التوسط بين البلدين لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي.
وبحسب المصدر ذاته فإن “زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى مصر كانت ناجحة بملف الوساطة العراقية ما بين طهران والقاهرة وفي الأيام القليلة المقبلة ستحتضن العاصمة بغداد اجتماعات جديدة غير معلنة ما بين مسؤولين إيرانيين ومصريين لبحث عودة العلاقات إلى طبيعتها ما بين البلدين”.
وتابع “الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أكد للسوداني دعمه وبقوة للوساطة العراقية وللنتائج التي تحققت من الحوارات السابقة ما بين المسؤولين الإيرانيين والمصريين في بغداد خلال الفترة الماضية”.
وكان السوداني قد زار مصر يوم الاثنين الماضي على رأس وفد رفيع المستوى لبحث تعزيز العلاقات واختتم زيارته بحضور توقيع 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم.
ولم يعلن سابقا عن وساطة عراقية بين مصر وإيران، لكن بغداد كانت قد لعبت دورا مهما في تقريب وجهات النظر بين طهران والرياض. واستضافت خمس جولات مهدت في النهاية لاتفاق تاريخي بين البلدين أنهت سنوات من العداء والقطيعة، لكن تحت رعاية صينية.
وأعطى استئناف العلاقات بين المملكة والجمهورية الإسلامية دفعة قوية لمسار المصالحات في المنطقة. بينما برزت السعودية كقوة دبلوماسية وازنة قادرة على إعادة ترتيب الوضع في الشرق الأوسط ورسم خارطة سياسية جديدة.
وترتبط مصر بعلاقات تحالف وثيقة مع المملكة، ما حدد اتجاه مسار المصالحات ومدى سرعته في إعادة تشكيل وصياغة المعادلة السياسية في المنطقة في ذروة فتور في العلاقات بين دول الخليج العربية والولايات المتحدة.
وكان رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة محمد حسين سلطاني فر قد قال إن “إيران ومصر تحاولا رفع العلاقات بينهما إلى مستوى سفراء”، وفق وكالة ‘نكاه نو’ الإيرانية. مشيرا إلى أن “تحسين العلاقات بين البلدين سيكون له تأثير إيجابي على مستوى العلاقات الإيرانية العربية”، لافتا إلى أن تطوراته ستشمل فلسطين.
وتابع أنّه “بالنظر إلى دور ومكانة مصر وإيران، لا يمكننا القول إنّ التفاهم بين القاهرة وطهران سيكون التفاهم نفسه الذي حصل بين إيران والسعودية، لكن يمكننا القول إنّه قد يتأثّر به”، وفق المصدر نفسه.
ووصف عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني فدا حسين مالكي في وقت سابق العلاقات الإيرانية المصرية بـ”المهمة”. مشيرا إلى أن العراق يحتضن محادثات بين طهران والقاهرة، متوقعا أن يتم خلال الفترة المقبلة “إعادة افتتاح سفارتي البلدين”.
وكان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان قد قال في تصريح سابق إنه “لا توجد أيّ مشكلة ثنائية بين طهران والقاهرة ونرحب بأي مبادرة لتحسين العلاقات”.
وأكد علي خامنئي أعلى مرجعية دينية وسياسية في إيران خلال لقائه بسلطان عمان هيثم بن طارق آل سعيد نهاية الشهر الماضي أن “طهران ترحب بتحسين العلاقات الدبلوماسية مع مصر”
وظلت العلاقات المصرية الإيرانية طيلة العقود الماضية مشحونة. على الرغم من أن البلدين لم يقطعا اتصالاتهما الدبلوماسية.
وكان سفير إيران في العراق محمد كاظم قد كشف الشهر الماضي عن مساع لإعادة العلاقات مع الجانب المصري، مرحبا بجهود العراق لتنظيم لقاء قريب بين مسؤولين في البلدين.
وأكد متحدث الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني هذا الأسبوع أن “بلاده ترحب بإعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر إذ كان الجانب المصري راغبًا في ذلك”.
وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري في تصريح إعلامي الشهر الماضي إن “العلاقات بين مصر وإيران مستمرة كما هي عليه”. مضيفا أن القاهرة “تتابع تطورات المتعلقة بعلاقات إيران بدول الخليج والسياسات التي تعبر عنها الجمهورية الإسلامية”، موضحا “عندما تكون هناك مصلحة في تغير المنهج سنلجأ دائما إلى تحقيق المصلحة”.
والعلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران مقطوعة منذ العام 1980، بعد اندلاع الثورة الإسلامية التي كانت معادية لنظام الرئيس المصري الأسبق أنور السادات بسبب سعيه إلى توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل.
وتعمقت الخلافات بين البلدين خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك بعد أن عرضت طهران في العام 2008 فلم “فرعون مصر” الذي تضمن إساءة إلى السادات وتكريما لقاتليه.