خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري، أصدر مايسمى “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” بيانين.
يحمل كلاهما رسالة موجهة حسب ادعائه إلى “المجتمع الجزائري”. وأصدر أولهما في الأول من يناير/كانون الثاني الماضي، والذي جاء تحت عنوان: “بيان حول الجهاد والأحداث السياسية الجارية في الجزائر”.
وكان البيان عبارة عن وثيقة من خمس صفحات حاول التنظيم فيها، بكل وقاحة، تبنّي سردية الحراك، مُشجّعاً الجزائريين على التظاهر من أجل ما أسماها “الحرية”.
إن أهداف “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” واضحة وجليّة في بيانها، وتتمثل في السعي إلى تقسيم المجتمع الجزائري إلى كتلتين، ووضع التنظيم نفسه لاحقاً إلى جانب أنصار الحراك.
أما البيان الثاني “للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” فكان في 16 مارس/آذار الجاري، ويتبع نفس نهج البيان السابق. لقد شبّه القبض على إرهابيي “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أبو الدحداح جليبب، باعتقال أي ناشط آخر في الحراك. إنهم يصفون الجيش بالإرهابي، وينفون وجود أي محادثات بين “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وأي حزب سياسي داخل الجزائر وخارجها.
ويأتي هذا التغيير في موقف تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” مقارنة بالسنوات الماضية، حين كانوا لا يلقون أي بال لعملياتهم التي تستهدف المدنيين الجزائريين، لعدة أسباب وهي:
وجود جماعة الإخوان المسلمين في المشهد السياسي الجزائري، فمن الطبيعي أن وجودهم يخدم مخططات تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” للقيام بعمليات إرهابية. والآخر هو حزب حركة مجتمع السلم المقرب من الإخوان المسلمين والذي يبذل كل إمكاناته من أجل إيجاد موطئ قدم له في الانتخابات المقبلة. وهناك حالات أخرى لمحاولات التأثير من خارج الجزائر، مثل ما يقوم به، وجدي غنيم، الداعية المصري التابع للإخوان المسلمين، الذي لجأ إلى تركيا، والذي يطلب مباشرة من الجزائريين أسلمة حراكهم والمطالبة “بدولة إسلامية”.
ولا يخفى على أحد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وبعد سنواته الكارثية والعدوانية يحاول الآن تلطيف الأجواء، خاصة مع الدول العربية وأوروبا. ويمرّ الحل حتماً عبر التخلّي عن الإخوان المسلمين، الذين كان حتى الآن يدعمهم ويلجؤون إلى بلاده. بعد المحادثات بين أنقرة والقاهرة، يُستشعر أن هذه المصالحة تتسارع.
كل هذا الضغط دفع راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة في تونس وزعيم الإخوان المسلمين في هذا البلد، إلى العمل على إعادة بعث مايسمى “اتحاد المغرب العربي” الذي يضم الإخوان في تونس والجزائر وليبيا، بينما يتم استبعاد كل من المغرب وموريتانيا لأسباب معروفة.
من الواضح أنه لم يعد للإرهابيين في شمال أفريقيا أي سردية ولا حجج، والطريقة الوحيدة المتبقية لمحاولة الوجود في هذه البلدان هي من خلال السياسة. النقاط الهشة الآن هي ليبيا حتى إجراء انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2021 والجزائر في 12 يونيو/حزيران المقبل، وهما بلا شك المكانان الوحيدان اللذان للإخوان المسلمين فيهما إمكانية الاستمرار في الوجود في منطقة البحر الأبيض المتوسط الأفريقية.