تركيا

القاهرة وأنقرة.. طي 10 سنوات من القطيعة والعداء


قامت مصر وتركيا اليوم الخميس بالإتفاق على فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية. في خطوة تأتي بعد سنوات من القطيعة والعداء وأيضا ضمن مسار مصالحات شاملة في المنطقة يشكل في توقيته منعطفا حاسما يرسم خارطة سياسية جديدة في الشرق الأوسط. بينما تمسكت القاهرة بضرورة سحب أنقرة لقواتها من سوريا لضمان وحدة أراضيها.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره المصري سامح شكري الذي يزور تركيا للمرة الثانية بعد زيارة أولى قام بها بعد زلزال 6 فبراير. إن البلدين بحاجة لتطوير العلاقات الثنائية وفتح صفحة جديدة. مضيفا أنهما معنيان كذلك بالسلام في سوريا وأنهما تتفقان في العديد من النقاط.

وأضاف أن بلاده تريد ملء الصفحة الجديدة التي فتحتها مع مصر بمشاريع مشتركة وقصص نجاح. مضيفا أنه اتفق مع نظيره المصري على اتخاذ خطوات ملموسة خلال الفترة المقبلة لتعزيز العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين.

وقال “نحن سعداء بالزخم الذي بدأ في علاقاتنا منذ اجتماع الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبدالفتاح السيسي في الدوحة. واليوم جددنا إرادتنا لزميلي وشقيقي شكري بمواصلة هذا الزخم”.

ولم يخف الوزير التركي وجود اختلافات حول بعض المسائل لكنه شدد على أنها ليست مختلفة تماما و”قد نفكر بشكل مختلف حول بعض الأساليب. لكن ينبغي لنا العمل على خريطة طريق والتعاون بشكل أوثق وسنواصل العمل معا في الفترة المقبلة”.

كما ذكر أنه تناول مع نظيره المصري آخر المستجدات على الساحة السورية. مبينا أنه زوّد شكري بمعلومات عن الاجتماع الرباعي المقرر عقده في الأيام المقبلة بين وزراء خارجية تركيا وروسيا وسوريا وإيران.

وأضاف “بالطبع لدينا إجماع حول سوريا أيضا، هدفنا هو سلامة حدود سوريا وسلامة أراضيها ووحدتها السياسية ويجب إحياء العملية السياسية… نحن في تركيا نعرب عن دعمنا لوحدة أراضي سوريا وسلامة حدودها في كل فرصة لأن أي تطور في هذا البلد يؤثر على تركيا بشكل مباشر مثلما تؤثر التطورات في ليبيا بشكل مباشر على مصر”.

وأشار إلى أن أولويات تركيا في سوريا هي “مكافحة الإرهاب ونحن بحاجة إلى تهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين بأمان وبشكل طوعي. لهذا السبب فإن التعامل مع النظام (السوري). مهم أيضا وهذا ما نحاول فعله الآن، لكن وجودنا الحالي هناك (في سوريا) مهم للغاية لمنع التهديدات ضدنا ولإفشال جهود تقسيم سوريا”.

وشدد على أن “السلام والاستقرار الدائمان في سوريا مهمان لنا جميعا. لهذا يجب اتخاذ خطوات جادة. وسنكون في تعاون وثيق مرة أخرى في هذا الصدد”. موضحا أن سلامة المنطقة مهمة بالنسبة إلى تركيا وأنه تحدث مع نظيره المصري حول ليبيا. مؤكدا على وجوب أن تكون هناك انتخابات نزيهة وحرة وشفافة في هذا البلد.

وبشأن تعيين السفراء بين البلدين، قال جاويش أوغلو “في الفترة المقبلة سنعلم الرأي العام ببيان مشترك حول هذا الشأن وسنواصل اتخاذ بعض الخطوات حتى ذلك اليوم. أود أن أقول مسبقا إنه لا مشكلة في هذا الخصوص”.

وقال أيضا “لقد ناقشنا هذا الموضوع معا اليوم ونتخذ خطوات ملموسة لرفع مستوى التمثيل إلى مستوى السفير. وكنا قد قررنا العمل معا بشأن هذه القضية خلال زيارتي إلى القاهرة”.

وأعلن كذلك أن البلدين سيواصلان اتخاذ خطوات ملموسة لتحسين العلاقات في كل المجالات. مضيفا أن هناك خطة لعقد قمة على مستوى الرؤساء في المستقبل وأن التحضير لها بدأ اعتبارا من اليوم.

وأشار الوزير التركي إلى أن حجم التجارة بين البلدين يبلغ حاليا 10 مليارات دولار وأنه من الممكن رفع الرقم إلى 15 مليار دولار.

وتابع “تركيا هي الدولة الأكثر استيرادا من مصر وخاصة الغاز المسال والآن نريد شراء الغاز المصري بشكل مباشر وليس عن طريق أسواق أخرى. وذلك عبر اتفاقية بين شركة الطاقة لدينا بوتا  ونظيرتها المصرية وقد أبلغنا مطلبنا هذا للسيد شكري اليوم”.

ولفت إلى أن مصر وتركيا سيشجعان مواطنيهما على زيادة عدد السياح المتبادلين في المستقبل، ذاكرا أن 227 ألف مصري زاروا بلاده العام الماضي.

وقال إن “الخطوط الجوية التركية رفعت عدد رحلاتها لمصر إلى 50 رحلة أسبوعيا. وكنت قد طلبت من السيد شكري خلال زيارتي إلى القاهرة. عودة المؤسسات التركية مثل تيكا ووكالة الأناضول وقناة تي آر تي ومعهد يونس إمره إلى مصر مجددا”.

وأضاف أن “العلاقات والتعاون بين تركيا ومصر مهمان لاستقرار المنطقة على اعتبار أنهما دولتان مهمتان في العالم الإسلامي وفي منطقة البحر المتوسط”.

وفي ما يتعلق بالملف الليبي قال الوزير التركي إنه لا توجد خلافات كبيرة بين بلاده ومصر حول هذا الملف، مضيفا “اتفقنا على العمل مع مصر بشأن حلّ الأزمة في ليبيا”. مؤكدا في الوقت ذاته أن تركيا “تقدّر الدور الذي تلعبه مصر في المنطقة بشكل عام وفي الملف الفلسطيني على وجه التحديد”.

وقال وزير الخارجية المصري من جانبه “اتفقنا على استمرار هذه الوتيرة السريعة في الاتصال والتواصل للإيجابيات التي تنتج عنها، منها تحديد المزيد من التفاهم والخطوات لنعمل به. كما اتفقنا على إطار زمني في مسار إعادة العلاقات بين بلدينا. وسيعلن عن ذلك في الوقت المناسب، وصولا إلى عقد لقاء قمة بين رئيسي البلدين”.

وتابع “توافقنا واتفقنا على مسارات وتوقيتات محددة وعلى التوقيت الملائم للقيام بهذه الخطوة المهمة (تعيين السفراء). وكذلك قمة الرئيسين وسيتم الإعلان عن تفاصيل ذلك لاحقا بشكل متزامن من الطرفين التركي والمصري”.

وأكد شكري أن تركيا ومصر بحثتا الملف السوري. مشددا على ضرورة احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية. ورفض وجود القوات الأجنبية على أراضيها وضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم وتفعيل المسار الدستوري مع المبعوث الأممي.

وحضّ وزير الخارجية المصري سامح شكري الخميس تركيا على سحب قواتها من سوريا، في موقف يؤكد أن التوتّرات لا تزال قائمة على الرغم من جهود رأب الصدع.

التواصل الدبلوماسي

ويأتي تسريع وتيرة التواصل الدبلوماسي مع تركيا الغارقة في أزمة اقتصادية والتي ستشهد الشهر المقبل انتخابات مفصلية، في إطار الجهود المبذولة لتطبيع العلاقات مع عدد من الدول العربية التي وقع خصام بينها وبين أنقرة خلال العقد الماضي.

وجدّد شكري التأكيد على أنّ القاهرة تريد مواصلة تحسين العلاقات. التي انقطعت إثر إطاحة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، حليف تركيا في العام 2013.

لكنّه أشار إلى وجود تباينات حول سوريا حيث تنشر تركيا قوات وتدعم فصائل معارضة في الحرب التي تشهدها البلاد.

وشدّد وزير الخارجية المصري خلال مؤتمر صحافي مشترك عقب المحادثات مع نظيره التركي على ضرورة الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها وعلى وجوب انسحاب القوات الأجنبية من الأراضي السورية.

ويعقّد الانتشار العسكري التركي في شمال غرب سوريا جهود أنقرة الرامية إلى عقد قمة للسلام مع الرئيس السوري بشار الأسد. بينما تسرّع مصر وحكومات عربية الجهود للتقارب مع دمشق، في خطوات أثارت حفيظة واشنطن.

وكان وزير الخارجية المصري قد استقبل في وقت سابق من الشهر الحالي الحالي نظيره السوري فيصل المقداد في القاهرة. في زيارة هي الأولى لمسؤول سوري على هذا المستوى منذ أكثر من عشر سنوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى