المفاوضات بين إسرائيل وحماس لا يبشّر بهدنة وشيكة
قالت وسائل إعلام عبرية اليوم السبت إن وفد التفاوض الإسرائيلي عاد من باريس وتحدث عن مفاوضات جيدة وأجواء إيجابية، فيما واصلت إسرائيل قصفها المكثف على قطاع غزة، في وقت تقترب فيه حصيلة الحرب من 30 ألف فلسطيني.
وأفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن “الوفد الإسرائيلي المشارك في محادثات التوصل إلى اتفاق جديد لإطلاق سراح المختطفين والتي جرت في باريس، عاد إلى إسرائيل في وقت مبكر من الصباح”.
ونقلت عن مسؤولين مطلعين لم تسمهم إن المفاوضات كانت “جيدة، بل واستمرت لفترة أطول من المخطط لها”. وأضافوا “لا يزال هناك طريق يجب قطعه”.
بدورها نقلت القناة (13) الإسرائيلية الخاصة عن مسؤول سياسي إسرائيلي قوله “هناك تقدم كبير في المفاوضات يخلق الظروف الملائمة لصفقة تبادل”، مضيفا “توصل الوفد الإسرائيلي إلى مخطط متفق عليه يمكن أن تبدأ به المفاوضات ومناقشة قائمة الأسماء”.
لكن هيئة البث الإسرائيلية الرسمية قالت إن “محادثات باريس تمحورت حول أربعة مطالب لحماس تعارضها إسرائيل”، مشيرة إلى أن الحركة “طالبت بعودة جميع سكان شمال القطاع وإجلاء جميع قوات الجيش الإسرائيلي من هذه المنطقة” وقالت إن الموافقة على هذا المطلب “تعني عودة حماس للسيطرة على شمالي القطاع”.
وتابعت “هناك ثلاث قضايا أخرى محل خلاف وهي زيادة المساعدات الإنسانية ومدة وقف إطلاق النار وعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم”.
وكانت محادثات قد بدأت ظهر الجمعة بالعاصمة الفرنسية باريس بمشاركة وفد إسرائيلي برئاسة رئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل، في محاولة للتوصل لصفقة لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس اليوم السبتب ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 29606 منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقتل العشرات في قصف وغارات ليلية إسرائيلية في قطاع غزة ويأتي هذا فيما تستمر الحرب طاحنة بعد مرور عشرين أسبوعًا على اندلاعها وبعد أن تعرضت خطة “ما بعد الحرب” في غزة التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لانتقادات كبيرة، بما في ذلك من قبل الحليف الأميركي وقد رفضتها كذلك حماس والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة.
كما يأتي في وقت تتزايد المخاوف على مصير المدنيين في القطاع مع تحذير الأمم المتحدة من تزايد خطر المجاعة، فيما لفتت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) اليوم السبت إلى أن سكان غزة “في خطر شديد بينما العالم يتفرج”.
وقالت حماس اليوم السبت إن القوات الإسرائيلية شنت أكثر من 70 غارة على منازل المدنيين في دير البلح وخان يونس ورفح من بين مواقع أخرى خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، أسفرت عن مقتل 92 شخصا على الأقل.
وتابعت أن القتال يدور في منطقة الزيتون في الشمال وأظهرت لقطات فيديو فلسطينيين منهكين يصطفون الجمعة للحصول على الطعام في شمال القطاع المدمر وهم ينددون بظروفهم المعيشية.
وقال أحمد عاطف صافي، أحد سكان جباليا، “انظروا، نحن نتقاتل على بعض الأرز. أين يُفترض أن نذهب؟” وصرحت أم وجدي صالحة “ليس لدينا ماء ولا دقيق ونحن منهكون بسبب الجوع. ظهورنا وأعيننا تؤلمنا بسبب النار والدخان. نحن حتى لا نستطيع الوقوف على أقدامنا بسبب الجوع ونقص الغذاء”.
وفي بيان نشره ليلة الجمعة على منصة “إكس” قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) “من دون إمدادات كافية من الغذاء والمياه، فضلا عن خدمات الصحة والتغذية، من المتوقع أن يزداد خطر المجاعة في غزة”.
وأعلنت وزارة الصحة أن غارة جوية إسرائيلية دمرت الجمعة منزل الفنان الكوميدي الفلسطيني الشهير محمود زعيتر، ما أدى إلى مقتل 23 شخصا على الأقل وإصابة العشرات.
ومساء الخميس طرح نتنياهو على مجلس الوزراء الأمني المصغر لحكومته خطة تنص بشكل خاص على الحفاظ على “السيطرة الأمنية” الإسرائيلية على القطاع بعد انتهاء الحرب على أن يتولى إدارة شؤونه مسؤولون فلسطينيون لا علاقة لهم بحماس.
ونصت الخطة على أنه حتى بعد الحرب، سيكون للجيش الإسرائيلي “مطلق الحرية” للدخول إلى أي جز من غزة لمنع أي نشاط معادٍ لإسرائيل وعلى أن تمضي إسرائيل قدماً في خطة، جارية بالفعل، لإنشاء منطقة أمنية عازلة داخل غزة على طول حدود القطاع.
وأثارت الخطة انتقادات من الولايات المتحدة حيث قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الجمعة إن واشنطن “كانت واضحة باستمرار مع نظرائها الإسرائيليين” بشأن ما هو مطلوب في غزة بعد الحرب.
وقال “ينبغي أن يكون للشعب الفلسطيني صوته وأن يعبر عن موقفه … عبر سلطة فلسطينيّة مستصلحة” وشدّد على أنّ واشنطن ترفض تقليص حجم غزة والتهجير القسري.
ورفض أسامة حمدان المسؤول الكبير في حماس خطة نتنياهو ووصفها بأنها غير قابلة للتنفيذ. وقال من بيروت “هذه الورقة لن يكون لها أي واقع أو اي انعكاس عملي لأن واقع غزة وواقع الفلسطينيين يقرره الفلسطينيون أنفسهم”.
وتتزايد الضغوط على حكومة نتنياهو للتفاوض على وقف إطلاق النار وتأمين إطلاق سراح الرهائن بعد أكثر من أربعة أشهر من الحرب. ودعت مجموعة تمثل عائلات الأسرى إلى مسيرة ضخمة مساء اليوم السبت تتزامن مع محادثات باريس للمطالبة بتسريع التحرك.
وتشارك الولايات المتحدة ومصر وقطر في جهود الوساطة بهدف التوصل إلى هدنة وتبادل أسرى ورهائن. وأجرى مبعوث البيت الأبيض بريت ماكغورك. محادثات هذا الأسبوع مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في تل أبيب بعد أن التقى وسطاء آخرين في القاهرة التقوا برئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية المقيم في قطر.
وقال مصدر في حماس إن الخطة تنص على وقف القتال ستة أسابيع .وإطلاق سراح ما بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني مقابل 35 إلى 40 رهينة تحتجزهم الحركة.
وفي جنيف، أدانت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة. للأمم المتحدة في تقرير الجمعة “الانتهاكات الجسيمة”. لحقوق الإنسان في غزة “من قبل كافة الأطراف” منذ بداية الحرب.
ومن جانبه، أصر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الذي أثار مؤخراً أزمة دبلوماسية .عندما قارن الهجوم الإسرائيلي بالمحرقة على اتهام. إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في قطاع غزة.
وفي غضون أربعة أشهر ونصف الشهر، أدت الحرب إلى نزوح مئات آلاف الفلسطينيين .ودفعت حوالي 2.2 مليون شخص، هم الغالبية العظمى من سكان قطاع غزة. إلى حافة المجاعة، وفقا للأمم المتحدة.
ويتزايد القلق يوما بعد يوم في رفح حيث يتكدس ما لا يقل عن 1.4 مليون شخص. فر معظمهم من القتال، في حين يلوح شبح عملية برية واسعة النطاق يعد لها الجيش الإسرائيلي.
وما زالت المساعدات الشحيحة التي تحتاج لموافقة إسرائيل للدخول إلى القطاع غير كافية .وإيصالها إلى الشمال صعب بسبب الدمار واستمرار القتال.