تحقيق: هل تستخدم إيران داعش كأداة لزعزعة استقرار المنطقة؟
في ظل تصاعد التوترات السياسية في سوريا، تتجدد التساؤلات حول الدور الإيراني الخفي في دعم التنظيمات الإرهابية، خاصة تنظيم “داعش”.
تقارير حديثة تشير، أن إيران قد سلّمت أسلحة للميليشيات الإرهابية قبل انسحابها من الأراضي السورية؛ مما أثار جدلاً حول العلاقة الخفية بين طهران والتنظيمات المسلحة، هذا التطور يعيد فتح ملفات حساسة تتعلق بالتحالفات السرية التي ساهمت في تشكيل خريطة النفوذ الإقليمي.
وبينما يواجه المشهد السوري تحولاً جديدًا، يظهر تنظيم داعش مجددًا بقوة، مستفيدًا من هذه التحالفات الغامضة، في وقت تسعى فيه إيران إلى تعزيز نفوذها وسط التغيرات السياسية والعسكرية المتسارعة في المنطقة.
اتفاقات سرية تثير التساؤلات
في خضم التقارير المتزايدة عن ارتباط إيران بتنظيم داعش، تبرز تساؤلات حول دور هذه العلاقة في تعزيز النفوذ الإيراني داخل سوريا.
تصريحات المسؤولين الإيرانيين تعكس محاولات واضحة لإعادة صياغة المشهد السوري بما يتماشى مع مصالح طهران.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، وجود إشارات واضحة لتنسيق سري بين إيران وتنظيم داعش، مشيرًا إلى تقارير تؤكد هذا التعاون لتعزيز نفوذ إيران داخل سوريا.
استشهد المنجي بتصريحات لوزير الخارجية الإيراني الأسبق عباس عراقجي، الذي وصف التحركات الإرهابية بأنها ” تهديد للأمن السوري”، مؤكدًا الحاجة إلى مواجهة ما أسماه “الفوضى الإرهابية”.
وأضاف المنجي أن الوزير الإيراني قد نشر العام الماضي مقالًا عبّر فيه عن مخاوفه من تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب، بينما وظفت الدبلوماسية الإيرانية هذا الملف كجزء أساسي من رؤيتها المستقبلية لسوريا.
وتابع المنجي: المرشد الأعلى علي خامنئي أشار كذلك إلى توقعات بظهور قوى محلية “مخلصة وقوية” لمواجهة الأزمات الأمنية؛ مما يعزز الشكوك حول نوايا إيران في إدارة الملف السوري بشكل غير مباشر.
علاقة قديمة أم تكتيك جديد؟
من جانبه، أكد إبراهيم ربيع، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أن العلاقة بين إيران والتنظيمات الإرهابية ليست وليدة اللحظة، ولفت إلى تاريخ طويل من التنسيق بين طهران و”القاعدة”، حيث عرض وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو وثائق تؤكد أن إيران وفرت ملاذًا آمنًا للقاعدة، وارتقت بعلاقتها مع التنظيم إلى مستويات جديدة.
ربيع أوضح أن هذه التحالفات كانت مدفوعة بسعي إيران لتعزيز نفوذها الإقليمي، مستذكرًا تصريحات لزعيم القاعدة أسامة بن لادن، الذي وصف إيران بأنها “الشريان الرئيسي” للتنظيم.
دوافع إيران ودور داعش
بحسب ربيع: تسعى إيران إلى استنزاف القوى السورية الجديدة عبر خلق أزمات داخلية، بما يدفع النظام الجديد إلى طلب مساعدتها.
وأشار أن طهران قد تستفيد من “داعش” لشن هجمات مسلحة تهدف إلى زعزعة الأمن وإعادة تفعيل دور الميليشيات الموالية لها في سوريا.
وتشمل هذه العمليات اقتحام سجون تضم إرهابيين، في خطوة قد تسهم في تقويض استقرار سوريا، وتفتح الباب أمام طهران للعودة كلاعب رئيسي في إدارة المشهد.
دلالات التصعيد
تزامن عودة داعش إلى النشاط مع انسحاب الميليشيات الإيرانية يثير تساؤلات حول توقيت التحركات.
الخبراء يرون، أن هذا التزامن ليس مصادفة، بل يعكس استراتيجية مدروسة تهدف إلى إعادة رسم خريطة السيطرة والنفوذ بما يخدم المصالح الإيرانية.
التحالفات الإيرانية مع الجماعات الإرهابية مثل “داعش” تشكل عاملًا رئيسيًا في تعقيد المشهد السوري، حيث تسعى طهران إلى توظيف هذه الجماعات كأداة لتعزيز نفوذها الإقليمي وضمان وجودها الفاعل في سوريا، خاصة في ظل التحولات السياسية والأمنية.
تشير تحركات إيران الأخيرة إلى رغبتها في إعادة تشكيل الخريطة السورية بما يخدم مصالحها، من خلال دعم جماعات قادرة على زعزعة استقرار النظام الجديد وخلق حالة من الفوضى تُجبر دمشق على طلب دعم طهران.
وهو ما أكده د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، موضحًا أن إيران تعتمد “استراتيجية الاستنزاف المتعدد”، حيث تستثمر في قوى غير نظامية مثل داعش لإبقاء المنطقة في حالة اضطراب مستمر، ما يمنحها مساحة أكبر للنفوذ السياسي والعسكري.
وأضاف أن هذه السياسة تحمل مخاطر كبيرة ليس فقط على سوريا، بل على استقرار المنطقة بأكملها، خاصة أن استخدام الجماعات الإرهابية قد يؤدي إلى تصاعد الإرهاب العابر للحدود، ما يفاقم الأزمات الإقليمية.