تونس.. الشعب يخشى عودة حركة النهضة إلى الحكم
تتواصل الجهود التونسية المستمرة لمواجهة خطر الجماعة الإرهابية المتمثلة في حركة النهضة وذلك من خلال مسار العدالة، ففي العشرية السوداء لحكم (النهضة) شهدت تونس حالة استقطاب قصوى تسببت في تصدع مؤسسات الدولة، وتباعد بين الأجهزة والقطاعات، فضلاً عن الفساد الذي وصل إلى جهات مثل القضاء وإتلاف الوثائق المتعلقة بالإرهاب، ومنها الاغتيالات السياسية، وتبييض الأموال، وتسفير المواطنين لتعبئتهم في التنظيمات الإرهابية بمناطق التوتر تحديداً ليبيا وسوريا.
وسبق للرئيس التونسي أن شدّد على ضرورة مراقبة حركة الأموال الواردة من الخارج للأحزاب والمجتمع المدني. وقال: إنّه يتعين تعقب “الأحزاب السياسية التي تنتفع بالأموال المحولة من الخارج بطرق ملتوية”، لا سيّما مع تخفي بعض الأحزاب داخل قوى المجتمع المدني، حسبما كشف تقرير لشبكة “رؤية” الإخبارية.
بالتزامن مع انطلاق الانتخابات الرئاسية التونسية المزمع إجراؤها خريف العام الحالي، وإعلان الرئيس قيس سعيّد خوض غمار المعركة الانتخابية، فإنّ حركة (النهضة) التي قامت بمقاطعة الاستحقاقات الانتخابية السابقة، أعلنت المشاركة، الأمر الذي يبدو استكمالاً لحالة الصدام ورغبة في التموضع رغم تآكل الكتل الاجتماعية والحواضن المرتبطة بها، بما يعني أنّ تلك الخطوة لا تبدو أكثر من إحداث صخب عام في الفراغ، ومحاولة بعث الاستقطاب في المجتمع التونسي وتحريك الخلايا النائمة بعدما تم نبذ حكم الإخوان، سياسيًا ومجتمعيًا، بعد فترة ما عرف بـ “العشرية السوداء”.
وبحسب مركز الإمارات للسياسات، فقد كشف الضمور التنظيمي والسياسي للحركة عن وجود تهرُّم واضح في الصف القيادي للتنظيم، حيث تراجع بشكل واضح ظهور قيادات من فئة الشباب، فيما يُهمين على القيادة شخصيات عاشت صراعات الثمانينيات والتسعينيات مع الدولة، سواء تلك القيادات الموجودة حالياً في السجون أو القيادات التي حلت محلها بشكل وقتي. كما أنّ وجود حركة (النهضة) داخل جبهة الخلاص التي تضمّ شخصيات وأحزابًا علمانية وإسلامية، منع توسع هذه الجبهة بسبب تحفظات أحزاب ليبرالية ويسارية على وجود الإسلاميين داخلها، بوصفهم من يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، نتيجة سوء إدارة المرحلة الانتقالية قبل 2021.
وأضافت الدراسة، أنه إلى جانب الوهن التنظيمي والتراجع السياسي تعاني حركة (النهضة)، أكثر من أيّ وقت مضى، من تفكك قاعدتها الاجتماعية بعد (10) أعوام من السلطة، إذ لم تكن الحركة ضعيفة على المستوى الشعبي في أيّ وقت من الأوقات مثل ما هي عليه اليوم. فحتى في ذروة صراعها مع نظام الرئيس الحبيب بورقيبة خلال الثمانينيات، ونظام الرئيس زين العابدين بن علي في تسعينيات القرن الماضي، حافظت الحركة على قدر واسع من التعاطف والشعبية لدى شرائح واسعة من المجتمع بسبب سردية المظلومية، إلا أنّ أعوام السلطة الـ (10) غيَّرت الكثير من هذا التعاطف.
عمل وفق أجندة
يوضح العميد السابق بالحرس الوطني التونسي والخبير الأمني والاستراتيجي على الزرمديني، أنّ أغلب قيادات الإخوان، سواء من يعيشون في الخارج أو في الداخل، يعملون وفق أجندة ولا يسعون لمصلحة البلاد. إذ يعيش بعضهم في منفاهم الخارجي، “ويمارسون نوعاً من ردود الفعل المرتبكة، التي تأتي في بعض الحالات بالمعقول واللّا معقول”.
وأضاف لا يمكن عودة حركة (النهضة) إلى الحكم نهائياً، لافتًا أن التونسين يخشون عودة حركة (النهضة) إلى الحكم أكثر من خوفهم من انحراف مسار 25 يوليو بل إنّ الانتخابات القادمة ستكون منحصرة بين الرئيس الحالي قيس سعيّد وحليفه السابق في الانتخابات الرئاسية 2019 نزار الشعري. وكل منهما لا يمكن أن يتقارب مع حركة (النهضة)، والمعروف عنهما حربهما الشرسة ضدّ منظومة الفساد ومقاومة الاحتكار التي تغلغلت في الإدارة التونسية، نتيجة أعوام حكم حركة النهضة”.