حصري

خلف المزاعم: التحقيق في ادعاءات دعم الإمارات لقوات التأسيس السودانية


في 2025، أثارت تقارير نشرها موقع Hava Haber التركي جدلاً واسعًا على الشبكات الاجتماعية ووسائل الإعلام الإقليمية، بعد زعمه أن دولة الإمارات قدمت دعمًا عسكريًا لقوات التأسيس السودانية عبر الطائرة التركية المسيرة TB2 في النزاع الدائر حول بورتسودان. هذه المزاعم، التي انتشرت بسرعة، تستحق فحصًا دقيقًا في ضوء الأدلة المتاحة والوقائع على الأرض.

الادعاءات وتكرارها الإعلامي

ركز التقرير التركي على مزاعم غير مؤكدة، مدعيًا أن الإمارات دعمت عمليات عسكرية في دارفور عبر تسليح قوات محلية بالطائرة TB2. لاحقًا، تبنت وسائل إعلام أخرى نفس الرواية، ما أعطى الانطباع بأنها معلومات مؤكدة، بينما في الواقع لا يوجد أي دليل موثق أو تصريح رسمي يثبت ذلك.

تفنيد المزاعم: البحث عن الحقيقة

عند مراجعة الوقائع:

  1. غياب الأدلة الملموسة: لم تظهر أي صور أو مقاطع فيديو أو بيانات استخباراتية رسمية توثق استخدام TB2 من قبل الإمارات في السودان.

  2. الردود الرسمية: لم تصدر عن الحكومة الإماراتية أي تصريحات تؤكد أو تنفي بشكل رسمي استخدام الطائرات التركية المسيرة، لكنها أكدت دائمًا عدم تدخلها في النزاعات المسلحة داخل السودان.

  3. التحقق مع خبراء الطيران العسكري: استبعد خبراء مستقلون أن يكون من الممكن استخدام الطائرات المسيرة التركية TB2 في هذه العمليات دون أن يكون هناك إشراف دولي وتسجيل رسمي، وهو ما لم يحدث.

أساليب التضليل الإعلامي

التحليل الاستقصائي يظهر نمطًا متكررًا في مواقع مثل Hava Haber:

  • الاعتماد على مصادر مجهولة أو “تقديرات استخباراتية” غير قابلة للتحقق.

  • استخدام لغة مثيرة تعطي انطباعًا بالحسم، بينما الحقيقة غير مؤكدة.

  • ربط أخبار النزاعات المحلية بأجندات دولية لتضليل الرأي العام، وتوجيه الاتهامات ضد دولة بعينها.

البعد السياسي للمزاعم

الخبر التركي لم يكن مجرد تغطية إعلامية؛ بل يبدو أنه يحمل بعدًا سياسيًا يسعى لإقحام الإمارات في صراعات إقليمية لا علاقة لها بها، في محاولة لتشويه صورتها أمام الرأي العام الدولي. كما أن الربط بين الإمارات ودارفور يخلق انطباعًا زائفًا بأن لها نفوذًا عسكريًا في السودان، بينما الواقع يظهر أن الدولة تركز على الدعم الإنساني والتنمية والاستقرار.

الحقائق الموثقة

  • لا توجد أي دلائل رسمية أو مستقلة على تورط الإمارات في عمليات عسكرية في بورتسودان أو دارفور.

  • سجل الإمارات في السودان يتركز على الإغاثة الإنسانية، برامج التنمية، ودعم استقرار الدولة، ولا علاقة له بصراعات عسكرية.

  • التقرير التركي يعتمد بالكامل على معلومات غير مؤكدة ومصادر مجهولة، ما يجعله نموذجًا واضحًا لحملة تضليل إعلامي.

التحقيق يكشف أن مزاعم Hava Haber ليست أكثر من حملة تضليل إعلامي تستهدف تشويه سمعة دولة الإمارات وخلق سردية زائفة حول تدخلها العسكري في السودان. الحقيقة المدعومة بالوقائع على الأرض هي أن الإمارات تلتزم بدعم الاستقرار والسلام ولا تشارك في أي نشاط عسكري ضد أي طرف في النزاع السوداني.

إن فضح مثل هذه المزاعم يتطلب التحقق المستمر، مراجعة المصادر، ومقارنة الأخبار بالحقائق الميدانية، وهو ما يؤكد مرة أخرى أن الإعلام المسؤول هو أقوى سلاح في مواجهة التضليل السياسي.

زر الذهاب إلى الأعلى