زيارة داتي للصحراء المغربية تؤجج التوتر السياسي في الجزائر
يعكس الانزعاج الجزائري من زيارة وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي للأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية وحديثها عن علاقات أوسع وأقوى سياسيا واقتصاديا وثقافيا بين باريس والرباط وعن البعد الرمزي للزيارة باعتبارها رسالة دعم لمغربية الصحراء، تخوفا من تأثيرات الدور الفرنسي دوليا في دعم سيادة المغرب على كل أراضيه.
-
انعطافة في المواقف الفرنسية يزعج الجزائر على لسان بوليساريو
-
ترامب يقترح حلاً مثيراً للجدل.. سيطرة أميركية على غزة وتهجير سكانها
وأصدرت وزارة خارجية الجزائر الثلاثاء بيانا استنكرت فيه زيارة داتي للصحراء المغربية، بينما أظهر من حيث مفرداته حالة التشنج السياسي الذي طبع الدبلوماسية الجزائرية على مدى أشهر من الأزمة الناشئة مع فرنسا بسبب موقف الأخيرة من ملف النزاع المفتعل حول الصحراء ودعمها لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حلا وحيدا وواقعيا لهذا النزاع.
وووصفت الزيارة بأنها “أمر خطير للغاية”، مؤكّدة أنها “تستدعي الشجب والإدانة على أكثر من صعيد، كونها تنم عن استخفاف سافر بالشرعية الدولية من قبل عضو دائم في مجلس الأمن الأممي”.
واعتبرت أنها “تعكس صورة مقيتة للتضامن والتعاضد بين القوى الاستعمارية قديمها وحديثها”، مضيفة أن “الحكومة الفرنسية تستبعد نفسها وتنأى بها بصورة واضحة وفاضحة عن جهود الأمم المتحدة الرامية إلى التعجيل بتسوية نزاع الصحراء على أساس الاحترام الصارم والصادق للشرعية الدولية”.
وتحاول الجزائر من خلال ما ورد في نص البيان الترويج لما تعتبره انتهاكا فرنسيا للقرارات الدولية المتعلقة بملف النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، بينما انخرطت باريس في مسار الاعترافات الدولية بسيادة المغرب على صحرائه استنادا للوقائع التاريخية التي تؤكد أن الصحراء التي كانت تحت الاحتلال الاسباني أرض مغربية.
وإلى حد الآن تتهرب الجزائر وبوليساريو من مطالب دولية باحصاء رسمي ودقيق لسكان الصحراء وكيف يمكن لكيان غير شرعي لا يحوز أدنى مقومات السيادة والحكم، أن يطالب بالانفصال ويريد دولة لبضعة آلاف من الصحراويين غالبيتهم يؤيدون حلا يبقيهم تحت سيادة المملكة.
وسبق لشخصيات دولية وازنة بينها سياسيون وباحثون وأكاديميون، أن نبهت لهذا الأمر وتمسكت باجراء احصاء سكاني لاظهار حجم المغالطات التي تروج لها الجزائر وبوليساريو في طروحات الانفصال تحت مسمى “تقرير المصير”.
-
ردود فعل غاضبة في الجزائر بسبب تساهل رسمي مع انتهاكات البوليساريو
-
الجزائر تفشل في الانضمام لمجلس السلم والأمن الإفريقي: هل هو مؤشر على تراجع مكانتها الدولية؟
وتشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ أشهر فصولا متنوعة من التوتر ما ينذر بوصولها الى نقطة اللاعودة، لاسيما في ظل إصرار الجزائر على اختلاق الذرائع للتصعيد تجاه باريس.
وعرفت هذه العلاقات مؤخرا مواجهة دبلوماسية جديدة على إثر اعتقال الكاتب الفرنسي من أصول جزائرية بوعلام صنصال واتهامه بالعمالة بعد تصريحه الذي أكد خلاله مغربية أراض انتزعت من المملكة تحت الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر، استنادا إلى وثائق تاريخية، فضلا عن حادثة توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا بسبب رسائل كراهية نشروها.
ولم تغادر العلاقة بين البلدين مربع التوتر طيلة الأعوام الماضية بسبب تعنت الجزائر بشأن النقاط الخلافية التي يتصدرها ملف الذاكرة، ووضعها مجموعة من الشروط رغم أن باريس أبدت أكثر من مرة استعدادها للتوصل إلى حلول للأزمة. وكانت الأخيرة قد أعلنت في وقت سابق تمسكها بالحوار لحل الأزمات الكامنة والناشئة حديثا، فيما لم تظهر الجزائر أي مؤشرات على التهدئة.
-
غوتيريش يكشف انتهاكات البوليساريو ويضع الجزائر في موقف محرج
-
التقارب المتسارع بين المغرب وموريتانيا يثير قلق جبهة بوليساريو
ويثير التقارب بين الرباط وباريس ارباكا لدى السلطات الجزائرية. خاصة على إثر زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى المغرب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي والتي أكّد فيها تأييده الكامل لمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة طريقا. وحيدا لتسوية النزاع المفتعل في الصحراء، قائلا إن “الصحراء الغربية تعود للمغرب”.
وكانت شركات فرنسية قد وقعت خلال هذه الزيارة نحو 40 عقدا واتفاق استثمار مع شركاء مغاربة لإنجاز عدة مشاريع، بعضها في الأقاليم الصحراوية. بينما شهدت زيارة رشيدة داتي توقيع 9 اتفاقيات بين وزارتي الثقافة الفرنسية والمغربية لتعزيز التعاون الثقافي في عدة مجالات .بينها الأرشيف السينمائي والآثار والسياحة.
-
شراكة استراتيجية.. تقرير أميركي يكشف عمق التعاون العسكري مع المغرب
-
دعوة فرنسية لإنهاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر وسط تصاعد التوترات
وأوضحت وكالة أنباء المغرب الرسمية أن بين الاتفاقيات إعلان نوايا للتعاون في مجال الأرشيف السمعي البصري والسينمائي. بالإضافة الى ثلاث اتفاقيات للشراكة “تهدف إلى تعزيز التعاون العلمي بمجال الآثار وتبادل المعلومات والبرامج المشتركة، خاصة في مدينتي الداخلة والسمارة.
وحسب المصدر ذاته. تم ابرام اتفاقية تشمل تنظيم المكتبة الوطنية الفرنسية لدورات تكوينية لفائدة نظيرتها المغربية وتنظيم معارض افتراضية وتعزيز التعاون داخل الشبكة الفرنكفونية الرقمية.
كما تم الاتفاق بين الجانبين على تعاون يهدف إلى “تعزيز التبادل المهني والإنتاج المشترك”. بالإضافة إلى اتفاق آخر لتطوير استراتيجية تراثية وسياحية لـ 30 موقعا رئيسيا في المغرب .وتحسين تجربة الزوار من خلال المعدات الحديثة والوسائط الرقمية والمعارض التفاعلية.