سيف إيكواس وانقلاب بنين الفاشل.. كواليس الساعات الأخيرة الحاسمة
لم يكن الوضع ليحتمل التفكير لأكثر من دقائق لأنه في ذلك الحيز الزمني لم يكن مصير بنين فقط على المحك، بل معه أيضا مصير منطقة بأسرها.
ما حدث في البلد الأفريقي كان شبيها بمقتطفات من فيلم حركة بكل ما تعنيه العبارة من معنى: محاولة انقلاب كادت أن تدك أركان النظام الذي استنجد باثنين من جيرانه لإنقاذه.
حدث كل ذلك في حيز زمني محدود، وكان الزمن هو السيف المسلط على الجميع في ذلك اليوم: على النظام الذي كان يقف بين الحياة والموت، وعلى الانقلابيين الذين يدركون أن الوقت عنصر حاسم في تحديد مصير تحركهم، ولكن أيضا على طرف ثالث أمسك في النهاية بزمام الموقف.
وصباح الأحد الماضي، اندلعت “اشتباكات عنيفة” بين الحرس الجمهوري والانقلابيين أمام مقر إقامة رئيس بنين باتريس تالون، ما أسفر عن “خسائر بشرية في الجانبين”، بحسب الحكومة.
وأفادت الحكومة أيضا بوفاة زوجة مدير الديوان العسكري للرئيس الجنرال بيرتان بادا التي أُصيبت “بجروح قاتلة” قبل ساعات قليلة في هجوم آخر شنه الانقلابيون.
لكن بنين تلقت دعما عسكريا من الجيش النيجيري ومن الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي أعلنت نشر جنود من أربع دول.
فكيف جرى اتخاذ قرار التدخل في خضم ذلك الوضع المرتبك والمعقد؟
بدا من الواضح أن «إيكواس» اتعظت من درس النيجر حين كان قرارها بالتدخل متأخرا أي بعد نجاح الانقلابيين في السيطرة على البلاد والإطاحة بالرئيس حينها محمد بازوم.
لكن لم يكن ذلك فقط الخيط الرفيع الفارق بين البلدين، فانقلاب النيجر كان مفاجئا وسريعا لدرجة أنه لم يمنح النظام القائم فرصة طلب المساعدة، خلافا لما حصل في بنين.
كواليس
بحسب مصدر من البلد الأفريقي تحدث لإذاعة فرنسا الدولية (آر أف آي)، فإنه منذ اللحظة التي أطلق فيها مدبرو الانقلاب أولى طلقاتهم يوم الأحد بالعاصمة كوتونو، طلبت بنين المساعدة من نيجيريا وكوت ديفوار.
وأوضح المصدر أن نيجيريا وكوت ديفوار اغتنمتا الفرصة على الفور، وحرصتا على تأطير تحركهما في إطار الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس).
وتلت ذلك محادثات هاتفية مكثفة ومؤتمرات افتراضية صباح الأحد بين رؤساء دول غرب أفريقيا، وكان الشعور السائد: “هل يجب أن نرحل؟”.
لكن الإيفواريين أصدروا تحذيرا: “احذروا، إذا قررنا الرحيل، فلا بد أن نرحل فعلا وليس قولا”، وفق الإذاعة الفرنسية.
وفي لحظة ما، خشيت نيجيريا أن يتم استهدافها بالاتهامات والانتقادات، فكان أن طمأنت الجميع بأن الوضع لن يكون مشابها للنيجر، حيث أعلنت عن تدخل لم يحدث، في إشارة إلى تهديدات للانقلابيين في النيجر بالتدخل لكن لم تتجسد على أرض الواقع.
ووفق المصدر نفسه، فإن الرئيس الحالي لإيكواس، وهو أيضا رئيس سيراليون، الجنرال جوليوس مادا بيو، قال محذرا: “إنها مسألة مصداقية. إذا لم نتدخل هذه المرة في بنين، فستكون هذه هي النهاية لمنظمتنا”.
وفي النهاية، تقرر أن تتألف القوة الإقليمية من قوات من أربع دول هي نيجيريا وغانا وكوت ديفوار وسيراليون.
فرنسا على الخط؟
اللافت أن المصدر أشار إلى أنه إذا كان التدخل ضد مدبري الانقلاب سريعا وفعالا، فإن ذلك يعود أيضا، وخاصة، إلى مساهمة فرنسا الرئيسية في مجال الاستخبارات على الأرض.
والإثنين، أعلنت حكومة بنين، عقب اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء، مقتل عدة أشخاص في البلاد خلال محاولة الانقلاب التي أُحبطت الأحد.
وأوقفت السلطات بعض الانقلابيين فيما ما زال آخرون طلقاء، وتتحرك دول المنطقة لدعم بنين وخصوصا عسكريا.
وقال الأمين العام للحكومة، إدوارد أوين-أورو، في محضر اجتماع مجلس الوزراء “خططت المجموعة الصغيرة من الجنود التي دبرت التمرّد لعزل رئيس الجمهورية والسيطرة على مؤسسات الجمهورية، وتحدي النظام القائم”.
وأضاف “حاولوا في البداية تحييد أو خطف بعض الجنرالات وكبار ضباط الجيش”
