سياسة

صورة الإسلام: تأثير الجماعات المتطرفة على الانطباعات العالمية


على الرغم من أن الإسلام ليس ديناً تمثله اليوم الجماعات الجهادية العنيفة، أو الأحزاب السياسية الإسلاموية الفاسدة، أو الأنظمة القمعية التي تسيء استخدام ما يسمى بالقوانين الإسلامية كما نرى في أفغانستان؛ فمثله كمثل الديانات الأخرى، يعارض الإسلام العنف الإرهابي. ومع ذلك، فقد ربطت الظروف السياسية منذ ثمانينيات القرن العشرين بين الإسلام والإرهاب، ما أدى إلى انتشار تصورات سلبية عن الإسلام على نطاق واسع، وذلك بحسب تقرير نشره المركز العربي لدراسات التطرف.

فاليوم، تختار الجماعات الإرهابية الدينية في البلدان الإسلامية أهدافها بعناية وتتصرف على نحو استراتيجي وليس عشوائياً. على سبيل المثال، تستخدم هذه الجماعات أسماء ذات دلالات إسلامية، مثل “الدولة الإسلامية”، و”الجهاد”، و”أنصار”، و”محمد”. 

وتُظهِر الأبحاث، التي أجراها ديفيد رابوبورت أستاذ فخري للعلوم السياسية بجامعة كاليفورنيا، حول أسماء هذه الجماعات أنها كثيراً ما تتبنى المصطلحات الإسلامية وتستشهد بالقرآن الكريم. وهي تشوه التعاليم الإسلامية لتبرير أفعالها، بما في ذلك تحريف الآيات لدعم العنف. 

فضلاً عن ذلك، غيّرت هذه الجماعات معنى “الجهاد”، الذي كان يشير في الأصل إلى “النضال” أو “الجهد” لعيش حياة إسلامية فاضلة. والآن، يُستخدم مصطلح “الجهادي” عادة لوصف الإرهابيين الذين يرتكبون أعمالاً وحشية، مثل قطع الرؤوس وحرق الناس أحياء.

وذكر التقرير أن هناك عدة عوامل تشكل التصور الحالي للإسلام فيما يخص علاقته بالإرهاب. أحد العوامل الرئيسة هو القضايا السياسية والاقتصادية القائمة منذ فترة طويلة في البلدان الإسلامية.

 بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية في أوائل القرن العشرين، فقد العالم الإسلامي نفوذه العالمي، مما أدى إلى نتيجتين رئيستين. أولاً، ترك سقوط الخلافة فراغاً في السلطة حاولت الجماعات الجهادية والزعماء السياسيين الإسلاميين الفاسدين ملأه. ثانياً، أدى هذا الفقدان للنفوذ إلى صعود الأنظمة الاستبدادية في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي غالباً ما تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة. 

وقد ترك القمع المستمر لبعض المجموعات خيارات قليلة للحل السلمي، مما دفع بعضهم إلى اللجوء إلى المقاومة العنيفة. وتفاقمت هذه الدورة من العنف بسبب الحكم الاستبدادي طويل الأمد الذي لم يستفد منه سوى النخب الفاسدة. 

ولفت التقرير إلى أن الجهود في تونس أدت لكسر هذه الدورة إلى تحركات مماثلة في جميع أنحاء العالم العربي. عُرفت هذه الانتفاضات باسم “الربيع العربي”، وكان يُنظر إليها في البداية على أنها فرص للتغيير الديمقراطي. ومع ذلك، تم استبدال العديد من القادة المخلوعين بحكام استبداديين جدد واصلوا ممارسات النظام القديم.

إلى ذلك، أكد التقرير أن هناك قضية أخرى مهمة في العالم الإسلامي تتلخص في كيفية تفسير القواعد الإسلامية في سياقها الحالي؛ ذلك أن الجماعات الإرهابية تعمل على تحريف آيات القرآن الكريم من خلال استخدام أجزاء مختارة فقط لدعم أجنداتها. 

على سبيل المثال، يتم تفسير الآيات المتعلقة بالحرب بشكل خاطئ لتبرير قطع الرؤوس، ويتم تحريف الآيات الموجهة إلى غير المؤمنين لتبرير الهجمات على الغربيين. وينبغي فهم هذه الآيات في سياقها الصحيح. على سبيل المثال، تشير الآيات القرآنية إلى غير المؤمنين باعتبار أولئك الذين يهدفون إلى إيذاء المسلمين. ونظراً للتحديات التعليمية الحالية في العالم الإسلامي، فإن الجماعات الإرهابية قادرة بسهولة على التأثير على الناس من خلال استغلال هذه التفسيرات الخاطئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى