على خطى مالي وبوركينافاسو.. الانقلابيون في النيجر ينقلبون على فرنسا
قطع العسكريون في النيجر الذين أطاحوا بالرئيس المنتخب محمد بازوم من خلال اتهام فرنسا اليوم الاثنين. بأنها تسعى للتدخل عسكريا لإعادته إلى السلطة خطوة لحصول قطيعة مع دولة الاستعمار السابقة.
وسرعان ما تبنى قادة الانقلاب في النيجر خطابا معاديا لفرنسا لحشد الدعم الشعبي في حين هددت الجماعة الاقتصادية. لدول غرب أفريقيا التي يتهمها منتقدوها بأنها تأثرت بباريس، بالتدخل عسكريا ضدهم.
وتظاهر الآلاف الأحد أمام السفارة الفرنسية في نيامي قبل تفريقهم بالغاز المسيل للدموع وبدأت التظاهرة بمسيرة نحو مقر الجمعية الوطنية. تلبية لنداء بعض قادة الانقلاب رفعت خلالها لافتات تطالب بسحب الجنود الفرنسيين الـ1500 المنتشرين في النيجر.
ونفت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا اليوم الاثنين اتهامات العسكريين. الذين استولوا على الحكم في النيجر بأن فرنسا تريد التدخل عسكريا في هذا البلد.
وقالت كولونا لقناة بي اف ام “هذا خاطىء”، معتبرة أن اعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه هو أمر “ممكن”. وأضافت “وهذا ضروري لأن عمليات زعزعة الاستقرار هذه تنطوي على مخاطر بالنسبة الى النيجر وجيرانها”.
وهو سيناريو يتكرر في منطقة الساحل التي شهدت انقلابات وتصاعد مشاعر العداء لدولة الاستعمار سابقا بعد انقلابين في كل من مالي وبوركينا فاسو.
ويؤكد إبراهيم يحيى إبراهيم الباحث في مجموعة الأزمات الدولية أن الانقلابات في منطقة الساحل “مدعومة من قسم من الشعب الذي أظهر موقفا عدائيا تجاه الوجود الفرنسي أو الغربي”.
وتشير دراسة أجراها المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية نشرت في يونيو إلى أن “هذه الخطابات المعادية لفرنسا أو للسياسة الفرنسية قائمة منذ زمن. ومع ذلك فهي لم تعد محصورة كما في السابق بالنخب المثقفة بل تغلغلت بقوة في الطبقات الشعبية وخصوصا في المدن”،
في شوارع نيامي أحد معاقل المعارضة لنظام الرئيس بازوم كان من الصعب إيجاد حتى قبل الانقلاب. دعم قوي للسياسة الفرنسية.
ويتعرض الحليف الفرنسي لانتقادات على نطاق واسع لعجزه عن القضاء على تهديد الجهاديين. من تنظيم الدولة الإسلامية، ولاعتماده دبلوماسية وصفت بأنها متعجرفة وملتبسة.
وتتردد أيضا أصداء نظريات المؤامرة على نطاق واسع في بلد لا تتعدى فيه نسبة من يجيدون القراءة والكتابة 30 في المئة.
وكتب رحمن إدريسا الباحث في العلوم السياسية في مركز الدراسات الأفريقية بجامعة ليدن (هولندا). على مدونته “الرأي السائد بين السكان هو أن الجنود الفرنسيين. لن يأتوا إلى مناطق الحرب الا لتوزيع الأسلحة على الجهاديين”. مضيفا أنها فكرة “لا تستند إلى حقائق بل إلى مشاعر وللأسف لا يمكن مناقضة المشاعر بالأدلة الواقعية”.
“لم ينجح بازوم في أن يُظهر بوضوح لشعب النيجر أنه يقيم علاقة غير مقيدة مع الشركاء الغربيين. وظهر في الرأي العام كشخص قريب جدا من فرنسا”
وتستهدف النيجر بانتظام بحملات تضليل على مواقع التواصل الاجتماعي في خضم حرب نفوذ بين العديد من الدول منها فرنسا وروسيا في افريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
كان محمد بازوم قد اختار استقبال جنود قوة برخان الفرنسية بعد رحيلهم عن مالي عام 2022. رغم عداء فئة من السكان لذلك.
وقال المحلل النيجري أمادو باونتي ديالو “بازوم تحالف مع الفرنسيين رغم معارضة الرأي العام”.
وفي نهاية نوفمبر 2021 قطع متظاهرون غاضبون الطريق أمام قافلة عسكرية من برخان في تيرا غرب النيجر. وقُتل ثلاثة منهم برصاص قالت حكومة النيجر إن القوات الفرنسية أطلقته.
وقال إبراهيم يحيى إبراهيم “لم ينجح بازوم في أن يُظهر بوضوح لشعب النيجر. أنه يقيم علاقة غير مقيدة مع الشركاء الغربيين وظهر في الرأي العام كشخص قريب جدا من فرنسا”.
وانتخب بازوم في 2021 إثر عملية احتجت عليها المعارضة بعدما فاز بـ55 في المئة من الأصوات. ونددت هذه المعارضة بالعلاقات بين باريس وبازوم.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022 ألغت فرنسا تأشيرة مايكول زودي الناشط في المجتمع المدني والمعروف بمعارضته لوجود قواعد عسكرية غربية ولا سيما فرنسية في النيجر.
وقال حزب سياسي في النيجر إن المجلس العسكري الذي استولى على السلطة في البلاد اعتقل اليوم الاثنين ثلاثة آخرين من كبار ساسة الحكومة المعزولة ينتمون لعضويته. موسعا بذلك نطاق الاعتقالات في تحد للمناشدات الدولية لاستعادة الحكم الديمقراطي.
ومع امتداد الفوضى من الشوارع إلى الأسواق جراء الاستيلاء على السلطة، قالت مصادر إن البنك المركزي الإقليمي ألغى خططا لإصدار النيجر سندات بقيمة 30 مليار فرنك أفريقي (51 مليون دولار). عقب توقيع عقوبات على النيجر وكان من المقرر إصدار السندات اليوم الاثنين في سوق الدين الإقليمي بغرب أفريقيا.
وندد الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وقوى أخرى بإطاحة المجلس العسكري بالرئيس المنتخب محمد بازوم الأسبوع الماضي. وهي سابع مرة يستولي فيها الجيش على السلطة في أقل من ثلاثة أعوام في غرب أفريقيا ووسطها.
وأثار الانقلاب مخاوف على أمن منطقة الساحل الأفريقي المحيطة. وتملك الولايات المتحدة وفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، ودول غربية أخرى قوات في النيجر وتعمل مع الحكومة على قتال فصائل مسلحة تابعة لتنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة.
وأجج احتلال النيجر المركز السابع في قائمة أكبر منتجي اليورانيوم في العالم مخاوف الغرب من الانقلاب. واليورانيوم معدن مشع يستخدم في مجالات الطاقة النووية وعلاج السرطان.