استراتيجية تنموية جديدة في الإمارات، أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
جوهر هذه الاستراتيجية هو التركيز على القطاع الصناعي من أجل رفع مساهمة هذا القطاع في الدخل المحلي للدولة من (133) إلى (300) مليار درهم إماراتي خلال السنوات العشر القادمة، مع الاهتمام بتنمية الوعي المجتمعي لأهمية الصناعة في المستقبل باعتبارها أحد روافد تعزيز التجربة التنموية لدولة الإمارات من خلال التوسع في مجال تأسيس الشركات، حيث ستكون هناك (21) منطقة صناعية متخصصة في الدولة بهوية موحدة هي: “اصنع في الإمارات”.
في الاستراتيجية الصناعية لدولة الإمارات أربعة أهداف رئيسية؛ هي: تهيئة بيئة الأعمال المناسبة والجاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين في القطاع الصناعي، أي توفير البيئة الآمنة لاستقطاب رؤوس الأموال. وكذلك دعم نمو الصناعات الوطنية وتعزيز تنافسيتها، بمعنى تشجيع الإماراتيين على الخوض في هذا المجال الحيوي، بالإضافة إلى تحفيز الابتكار وتبني التكنولوجيا المتقدمة في الأنظمة والحلول الصناعية، لمواكبة التغيرات الحديثة بما يتوافق وتحديات المستقبل.
وأخيراً، تعزيز مكانة الدولة كوجهة عالمية لريادة صناعات المستقبل، لكن في مقابل تلك الأهداف فقد احتوت الاستراتيجية على العديد من الأرقام والمؤشرات ذات الدلالة مثل: تأسيس (13500) شركة صناعية، ووجود (17) مبادرة نوعية ومحورية مع تأسيس مناطق صناعية متخصصة وهي إشارات بأن الاستراتيجية ليس من أجل الدعاية الإعلامية أو التنظير، لأن لغة الأرقام هي لغة العصر والمستقبل، ويدرك معانيها وأهميتها المخططون والمستثمرون أكثر من غيرهم، فهم الذين تتركز عليهم الأنظار وتتنافس عليهم الدول.
إن القطاع الصناعي بشكل عام يوفر شيئين اثنين للدول التي تتجه له؛ الشيء الأول: أن الصناعة هي المجال الأكثر وزناً وتأثيراً في مكانة الدولة بين أقرانها والأكثر تعبيراً في مؤشرات التنمية. أما الشيء الآخر: أن الصناعة تعطي للدولة استقراراً في الدخل القومي لأنه لا يتأثر كثيراً بالتغيرات، كما أنه يمثل الخط الفاصل بين الدول المتقدمة والدول الأخرى حتى وإن تميزت في مجالات مختلفة.
وعليه، فإن إعلان هذه الاستراتيجية هو تأكيد ضمني أن دولة الإمارات تدرك تحديات المستقبل وتعمل على تعزيز مكانتها إقليمياً ودولياً بنفس المستوى الذي كانت عليه خلال الفترة الماضية.
هناك مؤشرات كثيرة تتضمنها الاستراتيجية أغلبها تركز على أن الإمارات تريد بناء قاعدة معلوماتية قوية في هذا المجال الحيوي لتكون دولة شديدة التأثير على المستوى العالمي، كما هو الأمر في غيرها من القطاعات الأخرى، حيث أصبحت لاعباً مهماً في القطاعات الخدمية وفي الدبلوماسية الناعمة. ومؤشرات أخرى توثق على أن دولة الإمارات هدفها النهائي من كل تجاربها التنموية الإنسان، حيث إنه من ضمن أهداف هذه الاستراتيجية هو خلق نحو (750) ألف وظيفة، هذا بجانب تهيئة البيئة المناسبة لتجذب المستثمرين والتي أساسها الاستقرار بمفهومه الشامل لتصل الاستراتيجية في نهاية المطاف لتكون دولة الإمارات وجهة مثالية للعيش.
الإمارات دولة مختلفة عن غيرها في كل المجالات التنموية السياسية والثقافية والإنسانية منذ الإعلان عن اتحادها قبل (50) عاماً وكانت خلالها تبهر العالم في صناعة قصص النجاح، وبالتالي ستكون رائدة في تقديم نماذج صناعية تواكب طبيعة المستقبل فقد دشنت الـ(50) عاماً المقبلة بالوصول إلى كوكب المريخ، وهي إشارة كبيرة على الاستمرار في صناعة النجاح والإبهار فيها.
نقطة أخيرة، إذا كنت من المهتمين بمعرفة حقائق المجتمعات وتطورها، فما عليك إلا متابعة طريقة تفكير وعمل قيادتها وعلاقتها بشعبها بالقدر الذي يجيب عن تساؤلاتك. أما بالنسبة لدولة الإمارات فيمكن فهم تلك الحقائق بسهولة من واقع استمراريتها في نيل الإعجاب على مدى النصف قرن الماضي في خدمة الإنسان داخل الإمارات وخارجها وإذا كان هناك تحول في تلك الحقائق فهي لا تخرج عن تطوير آليات خدمة هذا الإنسان لتكون أكثر سهولة واستدامة.