لا تشلون هم
ما تعرضت له دولة الإمارات من اعتداءات إرهابية متكرّرة من مليشيات الحوثي، لا يندرج إلا في إطار حرب لا طائل منها لجماعات مارقة لا تحتكم لقانون أخلاقي أو مبدئي.
ولكن ما يميّز هذه الاعتداءات يكمن في الجهود البائسة للمليشيات الحوثية وماكينتها الإعلامية المُضلِّلة وغير المهنية، محاولات لا يخفى زيفها، إذ هي مجرد عبث إرهابيٍّ لجماعات لا تقوى على الصمود في أرض المعركة.
أما فيما يخص دولة الإمارات، فما تلك الاعتداءات إلا احتكاكات عرضية جوفاء، فليس على العربيِّ والإماراتيِّ، مواطناً ومقيماً، إلا أنْ يؤمن إيماناً كاملاً بما يقوله الواقع الإماراتي الذي تجسده مقولة صاحب سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، التي قالها يوماً خلال ذروة جائحة كورونا: “لا تشِلون هم”.. وهي العبارة التي تترجمها على أرض الواقع معطيات عدة، أهمها:
أولاً على الصعيد العسكري: تتمتع دولة الإمارات بقوّةٍ عسكرية مستقرّةٍ تم بناؤها على مدار عقودٍ طويلةٍ من الزمن، عقود حافلة بتطوير المهنية العسكرية وانضباطها، وتطوير منظوماتها الدفاعية بما يتوافق وتطور دولة الإمارات، أيقونة الشرق الأوسط الحديث، بتقدمها العلمي والتكنولوجيِّ، الأمر الذي يفسره تدمير منظومات الدفاع الجوي الإماراتي صواريخ الحوثي البالستية المهترئة، عدا عن المنظومات الرادارية والمهنية الاستخباراتية التي لا يغمض لها جفنٌ في حراسة الإمارات والإماراتيين.
ثانياً على الصعيد السياسي: تعد دولة الإمارات بعلاقاتها السياسية العربية والعالمية رائدة في السياسة والدبلوماسية الحديثة، لتشعُّب علاقاتها وصداقاتها الممتدة على رقعة المعمورة، الأمر الذي يجعل تعرّض دولة الإمارات لاعتداءات إرهابية مسألة عربية وعالمية، لا وطنية فحسب، فالإمارات خطٌّ أحمر بالنسبة للعرب جميعاً ولكثير من القوى العظمى التي تجمعها مع دولة الإمارات العربية المتحدة علاقات صداقة وتعاون سياسي وعسكريٍّ مشتركٍ، ولعل أبرز ما يوضح ذلك الإدانات الواسعة وبأشد العبارات لتلك الاعتداءات ووصفها بالإرهابية على الصعيد العربي والدولي بشكل عامٍّ، والتأييد الكامل لأي قرار تتخذه الإمارات في الردّ والتصدي لهذه الاعتداءات الإرهابية الحوثية.
ثالثاً القوة الاقتصادية: على الرغم من المحاولات البائسة لتلك الاعتداءات التي تطمح إلى خلق نوعٍ من الاهتزاز لدى الفعاليات الاقتصادية الجارية على أرض الإمارات، فإنّ واقع الحال يفرض معطيات عكس تلك الأمنيات، فقد عززت مؤشرات الاقتصاد العالمية المعلنة مؤخرا المكانة المرموقة لاقتصاد دولة الإمارات، الذي صار اليوم لا يهم الإمارات وحدها, كونه صار جزءاً حيويا من الاقتصاد العالمي، الذي يرتبط عضوياً بالاقتصاد الإماراتي وأمنها ومناخها الاستثماري الناجح، كما أنّ الاقتصاد الإماراتي يرتبط عضوياً، وبذات الصيغة، مع الاقتصادات العالمية الكبرى، الأمر الذي يجعل من هذه الأمنيات والأوهام الحوثية مجرد تصورات في خيالهم عن حجمهم وتأثيرهم، الذي يرونه ظلا مديدا، بينما يعامله الواقع كأقل من أن يُرى.
رابعاً على الصعيد الأمني: الأمن الذي تنعم به دولة الإمارات ليس مصادفة، وإنما هو نتاج عملٍ مؤسساتي وقيادةٍ حكيمةٍ تعلم كل العلم بمآلات الأحداث الدائرة في المنطقة والعالم، والقادرة على قراءتها ووضع الخطط الأمنية والاستراتيجيات اللازمة لاحتوائها ومواجهتها على مدى نصف قرنٍ من ميلاد دولة الإمارات، ثم إنّ الأمن الإماراتي أُسٌّ راسخٌ من أساسات ودعائم الأمن الإقليمي والعالمي، الذي لا يمكن السماح بخرقه أو مساسه باعتداءات واهية كتلك التي تقوم بها مليشيات الحوثي الإرهابية.
لذلك كله، فإن دولة الإمارات لا يُقارن أمنها واستقرارها واقتصادها إلا بدول عظمى، فجماعة مارقة لا أرض تُقلّها ولا سماء تُظلّها من خسائرها المتتالية أمام ضربات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية، حتما لا تأثير لها في دولة بحجم وتأثير الإمارات، التي لا أصحّ اليوم من مَنَعتها سياسيا واقتصاديا وأمنيا.. أدام الله عليها الأمن والأمان وظلال قيادتها الوارفة.