“لا لرفع الدعم”.. قيس سعيد يواجه ضغوط النقد الدولي
لاءات رفعها الرئيس التونسي قيس سعيد في مواجهة ضغوط تمارسها الجهات المانحة على بلاده يتقدمها صندوق النقد الدولي الذي يطالب برفع الدعم.
مؤكدا رفضه للاملاءات ومشددا على أن تونس ليست للبيع، داعيا في الوقت نفسه التونسيين للتعويل على إمكانياتهم الذاتية، في أوضح موقف رسمي بعد تعثر مفاوضات مع النقد الدولي.
وذكّر بأن خفض الدعم في تونس في مناسبات سابقة أدى إلى اندلاع احتجاجات أسفرت عن سقوط قتلى، مشددا على أن البلاد “ليست للبيع” وأن الخيارات يجب أن تكون “نابعة من إرادة الشعب”، متهما أطرافا داخلية بالسعي لـ”بيع تونس للخارج”.
وبدا حاسما في موقفه الرافض لتوقيع الاتفاق مع النقد الدولي إذ قال “لا لن أسمع الكلام… السلم الأهلي ليس لعبة”، فيما يأتي هذا التطور في خضم الجدل الذي أثارته التحذيرات الأوروبية الأخيرة التي ذهبت إلى حد القول إن تونس لم تعد بعيدة جدا عن الانهيار وأن السبيل الوحيد لتلافي ذلك هو تسريع التوصل إلى اتفاق نهائي بخصوص قرض صندوق النقد الدولي.
ورد سعيد خلال إشرافه اليوم الخميس في مدينة المنستير على ذكرى وفاة الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة على أسئلة صحفيين بشأن البديل عن إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي، قائلا “التونسيون يجب أن يعتمدوا على أنفسهم”.
وتوصلت تونس، التي تعاني أسوأ أزمة مالية تقول مؤسسات تصنيف ائتماني إنها تهدد بتخلف البلاد عن سداد ديونها، العام الماضي إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد حول قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
ومع ذلك، تعثر التوصل إلى اتفاق نهائي منذ عدة أشهر وسط دعوات دولية لتونس لبدء إصلاحات فورية تشمل خفض دعم سلع غذائية ودعم الطاقة وإعادة هيكلة الشركات العامة وخفض فاتورة الأجور العامة.
وتراجعت سندات العملة الصعبة الصادرة عن تونس بنحو 4.6 سنتا بعد أن رفض رئيسها قيس سعيد شروط برنامج صندوق النقد الدولي.
وأظهرت بيانات تريدويب أن الإصدارات التونسية المقومة باليورو تعرضت لأكبر انخفاض، إذ تراجعت السندات المستحقة في فبراير 2024 إلى ما يزيد قليلا عن 67 سنتا لليورو. وهو أدنى مستوى منذ أكتوبر 2022، كما وهوت السندات التونسية المقومة بالدولار بنحو 3.5 سنت لتباع بما يزيد قليلا عن 50 سنتا للدولار.
وقال سعيد، إن “أطرافا (لم يحددها) ترمي بنفسها في أحضان الخارج وهذا يدل على أن شعورهم بالانتماء إلى هذا الوطن مفقود ولديهم الهذيان الدستوري والتكالب على الحكم كما يقول الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة”.
وأضاف “يوم أمس قالوا إن رئيس الجمهورية سعيد في إيطاليا. وقالوا إنني توفيت ثم أفاقت مرة أخرى وذهبت إلى إيطاليا وهناك من يتحدث عن أنه يعرف طبيبي الخاص”.
وتابع “نحن لا نهاب ولا نخاف الموت وسنموت من أجل تونس.. لديهم هذيان دستوري ويتحدثون عن حالة شغور في رئاسة الجمهورية”.
واعتبر الترشح إلى ولاية ثانية أمرا سابقا لأوانه لكنه أكد أنه يتخلى عن المسؤولية، مشيرا إلى أنه “لا يشعر بأنه في منافسة أي كان”. وتابع “هناك انتخابات بالفعل والشعب هو الحكم. الترشح لا يخامرني لكن يخامرني الشعور بالمسؤولية”.
وقال “سيأتي يوم سأسلم فيه المشعل لمن بعدي ولكن القضية قضية مشروع وليست قضية أشخاص. كيف نؤسس لمرحلة”.
وتعاني تونس منذ 25 يوليو 2021، أزمة سياسية حادة حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها إقالة الحكومة. وتعيين أخرى وحلّ البرلمان ومجلس القضاء وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابًا على الدّستور”، بينما تعتبرها قوى أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011”.
ومنذ فترة، تسعى تونس إلى الحصول على قرض من صندوق النقد في ظل أزمة اقتصادية حادة فاقمتها تداعيات جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية المتواصلة منذ 24 فبراير 2022.
وحذّر وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن مؤخرا من أن تونس تحتاج بشكل طارئ إلى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. كما عبر الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء ما وصفه بـ”تدهور الوضع السياسي والاقتصادي في هذا البلد ويخشا انهياره”.