أينما حل الخراب والدمار تجد طيف الإخوان حاضرا، بشكل أو بآخر، تتعدد الأساليب والأقاويل بل والأكاذيب، والهدف واحد.. الترويج وتعبيد الطريق لخليفتهم المزعوم، بغض النظر عن مكان وزمان وظرفية التطبيل.
ففي وقت اهتز فيها العالم عموما ولبنان خصوصا بفاجعة انفجار مرفأ بيروت، الذي أودى بحياة 171 شخصا وإصابة وتشريد مئات الآلاف، ناهيك عن الخسائر المادية الجسيمة التي لحقت بشريان العاصمة وما جاوره، وبينما هب العالم للمساعدة، قادة وشعوبا، للتخفيف من وطأة المصيبة، بإرسال المستلزمات الطبية والإغاثية، والمستشفيات الميدانية وكذا الكوادر الطبية والتمريضية، ومن لم يجد فقد جاد بالدعاء لمن أخذهم الموت بالرحمة وللجرحى بالشفاء وللبنان بالتعافي، هرع الإخوان كعادتهم لامتطاء الكارثة واستغلالها للترويج لتركيا، غير آبهين لمعاناة ضحايا الانفجار، غير مبالين بحزن الحزانى وبكاء الثكالى.
وبعد الفاجعة بأيام نشر مذيع قناة الجزيرة القطرية، أحمد منصور، منشورا على صفحته مرفقا بصور لصوامع القمع الموجودة في مرفأ بيروت، زاعما أنها شيدت في عهد العثمانيين قبل 150 سنة، ووحدها التي صمدت أمام الانفجار الضخم وحمت المدينة من دمار أكبر، ليصبح العثمانيون فجأة وبدون سابق إنذار، في قلب كارثة المرفأ، ضمن حملة دعائية مشينة تتسلق مأساة اللبنانيين.
وما إن نشر منصور كذبته حتى انجر وراءه قطيع الإخوان، ليعيدوا ترويجها على مواقع التواصل الاجتماعي، مغيبين عقولهم، في دليل واضح على التبعية العمياء لأسيادهم، دون التفكير في صحة ما يتداولونه، يكفي أنه أتى من إخونجي ويطبل للإخونجية، لكن ما قد يثير الاستغراب لدى البعض -مع أن أفعال الإخوان تثير الاشمئزاز لا الاستغراب- هو كيف لإعلامي معروف أن يقع في خطأ تاريخي غبي كهذا؟ فببحث بسيط على محرك جوجل سيعرف بأن تلك الصوامع، أو الإهراءات كما يسميها اللبنانيون، لا علاقة لها بالعثمانيين، حيث بنيت سنة 1970 بهبة من دولة الكويت، وحضر أمير الكويت حينها، الشيخ صباح السالم الصباح، افتتاحها في ذلك العام، إضافة إلا أن الصوامع خراسانية وفي العهد العثماني لم يكن الإسمنت المسلح قد اخترع بعد، وهذا ينسف فرضية بناءها في زمن العثمانيين الذي انتهى في المنطقة العربية مطلع القرن الماضي.
السؤال هنا، هل كانت هذه مجرد غلطة بريئة من إعلامي إخواني؟ أم هي كذبة مقصودة من أكاذيبهم التي ينسجونها للحصول على بعض المكاسب الوهمية والتلاعب بعواطف أتباعهم المغيبين؟ وربما قد تكون استغباء منهم واستخفافا بعقل المواطن العربي !!
أيا كانت الإجابة، فإن الأمر الثابت والذي صار مكشوفا للجميع، هو أن ترديد مثل هذه الأكاذيب والمغالطات التاريخية، عبر أبواق تركيا والإخوان الإعلامية، هي جزء من خطة أكبر لتنفيذ مشروع “العثمانيين الجدد” في العالم العربي، في محاولة لاختزال التاريخ الإسلامي كله في الحقبة العثمانية، وترسيخ فكرة أن العرب والمسلمين لم يكن لهم تاريخ إلا في ظل العثمانيين، ليجد المواطن البسيط نفسه أمام الاعتقاد بأن الازدهار لن يكون إلا تحت ظل العثمانيين الجدد الذين يمثلهم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وتياره، ولكن.. هيهات هيهات…
كتب لموقع Im Arabic هبة بن أحمد