ليبيا تطيح بأسامة نجيم وتستجيب للمطالب الدولية
أوقفت السلطات الليبية اليوم الأربعاء الرئيس السابق للشرطة القضائية، أسامة المصري نجيم، المطلوب للعدالة الدولية بموجب مذكرة اعتقال صادرة عن المحكمة الجنائية، بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، فيما يمثل هذا الاعتقال استجابة واضحة للضغوط الدولية المتزايدة على حكومة الوحدة الوطنية، كما يبعث برسالة تؤكد قدرة طرابلس على تطبيق القانون.
وقرر القضاء حبس نجيم على ذمة التحقيقات في اتهامات بالتعذيب والتسبب في وفاة سجين، وفق مكتب النائب العام الذي أوضح أن “النيابة حققت في وقائع انتهاك حقوق نزلاء مؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس الرئيسية، المنسوبة إلى المتهم”.
وبعد الجدل الذي أثير حول إطلاق سراحه وترحيله من إيطاليا في وقت سابق، رغم مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحقه، فإن توقيف نجيم داخل ليبيا الآن يمكن أن يُقرأ على أنه خطوة من قبل السلطات لتأكيد قدرتها واستعدادها لمحاسبة مواطنيها، ولكن ضمن القانون الليبي، وليس بالضرورة تسليمهم للخارج.
ويبعث الاعتقال برسالة، ولو رمزية، بوضع حد للإفلات من العقاب في قضايا الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الميليشيات والأجهزة الأمنية، في إطار محاولات بناء دولة القانون.
وشغل نجيم منصباً رفيعاً كمدير لمؤسسة الإصلاح والتأهيل التابعة للشرطة القضائية، مما منحه نفوذاً كبيراً على شبكة السجون في طرابلس. ويشير توقيفه إلى محاولة من الحكومة المركزية أو قوى نافذة داخلها لإضعاف أو تفكيك النفوذ الأمني الموازي الذي تملكه بعض الشخصيات المرتبطة بالميليشيات، تحت غطاء مؤسسات الدولة.
وغالباً ما تكون هذه الاعتقالات الكبرى نتاج تغير في موازين القوى بين الفصائل الأمنية والعسكرية في طرابلس ولا يستبعد أن يكون نجيم خسر دعم طرف سياسي أو عسكري كان يحميه، مما جعله هدفاً سهلاً للمساءلة في هذا التوقيت.
ويمكن أن تكون الخطوة جزءاً من جهود أوسع، وإن كانت متقطعة، لتطهير المؤسسات القضائية والأمنية من الشخصيات المثيرة للجدل أو المتهمة بانتهاكات حقوق الإنسان، وذلك لتعزيز شرعية الحكومة دولياً وداخلياً.
ويظل التحدي القانوني الأكبر هو ما إذا كان النظام القضائي الليبي، الذي لا يزال يعاني من ضغوط الميليشيات وانعدام الأمن، قادرا حقا على إجراء محاكمة عادلة وذات مصداقية تتوافق مع معايير المحكمة الجنائية الدولية.
وربما يكون اعتقال أسامة المصري نجيم مناورة سياسية معقدة، وليست مجرد إجراء قانوني بسيط. ويرسل هذا القرار إشارات للمجتمع الدولي حول الالتزام النظري بالعدالة، بينما يعكس في الداخل صراعاً على النفوذ بين القوى الأمنية المتنافسة.
