مصر تتبنى نهجاً صارماً لحماية مصالحها وأمنها القومي المائي

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي أن بلاده لن تسمح على الإطلاق بالمساس بمصالحها المائية أو حدودها، فيما يأتي هذا التحذير في وقت تدرس فيه القاهرة خيارات الرد على تدشين سد النهضة الإثيوبي الذي تعتبره مهددا لوجودها، بالإضافة إلى توتر علاقاتها مع إسرائيل، فضلا عن حالة عدم الاستقرار في دول الجوار.
وقال عبدالعاطي “هناك مؤامرات تحاك ضدنا، ولكن علينا أن نطمئن، لأننا دولة قوية بمؤسساتها الوطنية”، مضيفا “لا يمكن لمصر أن تسمح على الإطلاق بأن تمس مصالحها، خاصة المصالح المائية، أو حدودها أو أمنها القومي”.
وتتحدث القاهرة عادة عن مخاوف من تهديدات مائية جراء سد النهضة الإثيوبي الذي بدأ تشغيله الثلاثاء، بجانب مخاوف متصاعدة على الحدود مع قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية.
والثلاثاء، أعلنت وزارة الخارجية المصرية في بيان، تقديم خطاب لمجلس الأمن الدولي، بسبب تشغيل إثيوبيا سدها الجديد الذي وصفته القاهرة بأنه “مخالف”، وشددت على أنها لن تسمح لأديس أبابا بالهيمنة على الموارد المائية بشكل أحادي.
وأكدت الوزارة “احتفاظها بحقها في اتخاذ كافة التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، للدفاع عن المصالح الوجودية لشعبها”.
ويأتي ذلك في ظل وجود خلافات بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى، بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الذي بدأ بناؤه في 2011، حيث تطالب القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي قانوني ملزم، بشأن الملء والتشغيل.
في المقابل، تعتبر أديس أبابا أن الأمر لا يستلزم توقيع اتفاق، وتقول إنها لا تعتزم الإضرار بمصالح أي دولة أخرى، ما أدى إلى تجميد المفاوضات لـ3 أعوام، قبل أن تُستأنف في 2023، وتجمد مرة أخرى في 2024.
ويترامن تصريح عبدالعاطي عن أمن الحدود، مع تراشق مصري إسرائيلي عالي المستوى، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 4 سبتمبر/أيلول الجاري “أستطيع أن أفتح للفلسطينيين معبر رفح للمغادرة، لكن سيتم إغلاقه فورا من مصر”.
وردت الخارجية المصرية في اليوم التالي معربة عن “بالغ استهجانها” لتصريحات نتنياهو، مؤكدة أن القاهرة “لن تكون أبدا شريكا في تصفية القضية الفلسطينية أو بوابة للتهجير”، مشددة على أن هذا “خط أحمر غير قابل للتغيير”.
وتنظر مصر إلى أي مخططات لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، على أنها تشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، متوجسة من تفريغ قطاع غزة من سكانه، مما ينهي القضية الفلسطينية ويجعل القاهرة طرفًا في “نقل” الصراع إلى حدودها.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أكد في تصريح سباق أن “تهجير الشعب الفلسطيني ظلم لا يمكن للقاهرة أن تشارك فيه”، مشددًا على أن الشعب المصري كله سيخرج للشارع رفضًا لهذا السيناريو.
وتستخدم مصر الدبلوماسية كوسيلة لإرسال رسائل واضحة للجهات المعنية، سواء كانت إقليمية أو دولية، بأنها لن تتهاون في حماية حقوقها ومصالحها.
وتتخوف القاهرة من تدفق ملايين اللاجئين على منطقة سيناء، التي تعاني بالفعل من تحديات تنموية وأمنية، ما يمثل عبئًا هائلاً على البنية التحتية والاقتصاد المصري. كما سيخلق تحديات اجتماعية كبيرة ويؤثر على النسيج السكاني في المنطقة.
ويتناغم الرفض المصري لتهجير الفلسطينيين مع الموقف العربي الموحد، ويشكل ركيزة أساسية للدبلوماسية العربية في مواجهة أي مخططات إسرائيلية محتملة. كما أن مصر تعمل على حشد الدعم الدولي لرفض هذا السيناريو وتدعو العالم لعدم التورط في ما تعتبره “جريمة حرب وتطهيرًا عرقيًا”.