أوروبا

ملف رهائن يتحوّل إلى إنجاز استخباراتي.. فرنسا تنتصر في معركة السجينين بإيران


بينما اكتفت طهران بتوصيف الإفراج عن السجينين الفرنسيين بأنه «بادرة رحمة»، تكشف كواليس العملية عن دور استخباراتي فرنسي بالغ التعقيد.

ووفق مجلة «لوبوان» الفرنسية فقد أديرت العملية بهدوء، وبتوازن دقيق بين الضغط الدبلوماسي والمناورة الأمنية، لتأمين إطلاق سراح آخر مواطنين فرنسيين كانا محتجزين رسميًا في إيران.

صفقة غير معلنة.. بين طهران وباريس

وسلطت المجلة الفرنسية الضوء على خفايا العملية التي انتهت بالإفراج عن سيسيل كولير وجاك باريس، مؤكدة أن جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية لعب دوراً محورياً في ترتيب العملية، مستفيداً من ورقة التوقيف القضائي للإيرانية مهديه إسفنديار في فرنسا، والتي تحولت إلى أداة ضغط فعالة في المفاوضات مع الجانب الإيراني.

فبينما أعلنت السلطات الإيرانية أن القرار جاء بقرار قضائي «وبكفالة» في إطار «الرحمة»، فإن المعلومات المتقاطعة تشير إلى أن الإفراج لم يكن ليحدث دون إدارة استخباراتية دقيقة خلف الكواليس الفرنسية.

الرهان على ورقة إسفنديار

وفقاً لمصادر مطلعة تحدّثت للمجلة، استغلت الاستخبارات الفرنسية توقيف مهديه إسفنديار في باريس كورقة تفاوضية ذات وزن كبير في مواجهة طهران، بعد أن وجدت الأخيرة نفسها أمام معادلة معقدة: الحفاظ على صورتها أمام الغرب، وتفادي تصعيد دبلوماسي مع باريس.

هذه الورقة أتاحت فتح قناة تواصل غير معلنة بين الأجهزة الاستخباراتية للطرفين، سمحت بخلق بيئة تفاوض هادئة أفضت إلى تسوية ميدانية عنوانها «الإفراج مقابل التهدئة».

تخطيط لوجستي 

لم يقتصر الدور الفرنسي على التفاوض السياسي، بل شمل تخطيطاً لوجستياً دقيقاً لإتمام الإفراج دون تعقيدات ميدانية.

فقد أشرفت أجهزة الاستخبارات الفرنسية على متابعة تحركات كولير وباريس داخل سجن إيفين شمال طهران، وضمان انتقالهما الآمن إلى السفارة الفرنسية في طهران بعد إطلاق سراحهما، مع مراقبة مشددة لأي محاولات تدخل أو تعطيل من أطراف داخل النظام الإيراني.

وبحسب المجلة، تولت فرق الاستخبارات الفرنسية أيضاً تنسيق الاتصال بين الدبلوماسيين الفرنسيين ونظرائهم الإيرانيين، مع ضمان عدم انزلاق العملية إلى أزمة سياسية مفتوحة أو مقايضة علنية قد تضع باريس في موقف حرج.

البعد الاستخباراتي

ويمكن توصيف ما حدث بأنه إفراج محسوب بدقة استخباراتية، أكثر منه تسوية دبلوماسية.

فقد اعتمدت الاستخبارات الفرنسية على استراتيجية «الضغط الهادئ»، حيث وظّفت أوراقها دون أن تظهر في الواجهة، وحافظت على قدرة فرنسا على التفاوض من موقع قوة دون كسر التوازن الدبلوماسي مع طهران.

هذا النموذج، وفق تحليل «لوبوان»، يؤكد أن جهاز الاستخبارات الفرنسية بات لاعباً مركزياً في إدارة أزمات الرعايا المحتجزين في الخارج، بما يجمع بين أدوات القوة الناعمة والاستخبارية.

باختصار، كان دور أجهزة الاستخبارات الفرنسية إدارة سرية ومركبة للأزمة، تجمع بين الضغط الاستراتيجي، والتنسيق اللوجستي، والمتابعة الأمنية لضمان نجاح الإفراج دون المساس بمصالح فرنسا أو سلامة رعاياها.

ماكرون يشيد

 

من جانبه، حرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الإشادة علناً عبر منصة «إكس» بدور السفارة الفرنسية في طهران و«كافة أجهزة الدولة»، في إشارة غير مباشرة إلى دور جهاز الاستخبارات الخارجية الذي كان محور العملية.

وكتب ماكرون أن الفرنسيين المفرج عنهما «سيظلان تحت إشراف السلطات الإيرانية إلى حين استكمال الإجراءات القضائية»، مؤكداً مواصلة العمل لحماية رعايا بلاده في الخارج.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى