من سوريا إلى لبنان.. أسلحة مصادرة تكشف مسار التهريب الجديد

قالت إسرائيل، إنها اعتقلت عددا من السوريين وصادرت أسلحة في “جبل الشيخ” جنوب غرب سوريا، بدعوى “تهريبهم أسلحة إلى لبنان” فيما يعتقد أن ايران لا تزال مستمرة في تهريب السلاح لحزب الله عبر الأراضي السورية.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان “استكملت قوات لواء الجبال 810 بقيادة فرقة 210 أمس (الأربعاء) عملية اقتحام لعدد من مواقع الكوماندوز التابعة للنظام السوري القديم (الأسد) في منحدرات قمّة حرمون (جبل الشيخ) في سوريا”.
وأضاف “في إطار النشاط، اعتقلت القوات عددا (لم تحدده) من المشتبه بهم الذين نشطوا في تهريب والاتجار بوسائل قتالية من سوريا إلى لبنان”، وفق قوله متابعا “خلال العملية وأعمال التمشيط في المواقع، عُثر على أكثر من 300 وسيلة قتالية تمت مصادرتها جميعًا”، دون تفاصيل حول نوعيتها.
وفي الأسابيع الماضية، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتقال عدد من المواطنين السوريين بدعوى الإتجار بالأسلحة. وفي 11 أغسطس/آب توغلت دورية للجيش الإسرائيلي مؤلفة من 3 سيارات في قرية الصمدانية الغربية بريف محافظة القنيطرة جنوب سوريا، وفق قناة “الإخبارية” السورية، دون تفاصيل.
وقبلها بساعات، قال متحدث الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي اعتقال “تاجر أسلحة” جنوب سوريا.
وفي 9 أغسطس/اب، أفادت وكالة الأنباء السورية “سانا” بتوغل جنود إسرائيليين في مدن وقرى بالقنيطرة، ونصبهم حواجز لتفتيش المارة، قبل انسحابهم.
ومرارا أدانت دمشق الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لسيادتها على أراضيها، وأكدت التزامها باتفاقية فصل القوات المبرمة بين الجانبين عام 1974.
ولم تشكل الإدارة السورية الجديدة، القائمة منذ أواخر ديسمبر/كانون الأول 2024، أي تهديد لتل أبيب، ورغم ذلك توغل الجيش الإسرائيلي مرارا داخل سوريا، وشن غارات جوية قتلت مدنيين ودمرت مواقع وآليات عسكرية وأسلحة وذخائر للجيش السوري.
ومنذ 7 أشهر يحتل الجيش الإسرائيلي جبل الشيخ وشريطا أمنيا بعرض 15 كيلومترا في بعض المناطق جنوب سوريا، ويسيطر على أكثر من 40 ألف سوري داخل المنطقة العازلة المحتلة.
وتحتل إسرائيل منذ 1967 معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت أحداث الإطاحة بالرئيس بشار الأسد أواخر 2024 ووسعت رقعة احتلالها.
وتندرج هذه العمليات ضمن سياسة إسرائيلية واضحة تهدف إلى منع ترسيخ أي بنية تحتية عسكرية لإيران أو حلفائها داخل سوريا، خصوصاً تلك المرتبطة بتهريب الأسلحة إلى حزب الله في لبنان. وتُعتبر المناطق الحدودية، وخاصة محور القنيطرة – جبل الشيخ، أحد أبرز الممرات التي يُشتبه باستخدامها في نقل الأسلحة الثقيلة والدقيقة إلى داخل الأراضي اللبنانية.
وكانت إسرائيل قد كثفت خلال السنوات الماضية من غاراتها الجوية على ما تقول إنها “قوافل سلاح إيرانية” موجهة لحزب الله، إضافة إلى استهداف مستودعات أسلحة ومواقع تصنيع داخل سوريا، لا سيما في ريف دمشق ومحيط مطار دمشق الدولي. وتؤكد تل أبيب أن السماح بمرور هذه الأسلحة إلى الحزب اللبناني يشكل “خطًا أحمرًا” بالنسبة لها.
ويرى مراقبون أن تل أبيب باتت تعتمد، منذ نهاية العام 2024، سياسة أكثر انخراطاً برياً في جنوب سوريا، بالتزامن مع ضعف القبضة الأمنية للنظام المخلوع وغياب سيطرة مركزية فعلية على الحدود الغربية لسوريا. ويُعتقد أن الفراغ الأمني الحاصل بعد سقوط الأسد قد فتح الباب أمام محاولات من بعض الشبكات المرتبطة بإيران لإعادة تفعيل طرق التهريب.
وتواجه الإدارة السورية الجديدة ضغوطاً متزايدة لإغلاق هذه المسارات بشكل نهائي، في إطار التزاماتها بوقف أي نشاط عسكري غير شرعي داخل أراضيها، سواء من فلول النظام السابق أو من جماعات تتلقى دعماً خارجياً. وقد تعهدت السلطات الجديدة، في أكثر من مناسبة، بعدم السماح باستخدام سوريا كمنصة لتهديد جيرانها أو تهريب السلاح عبر حدودها.
ويعتبر حزب الله اللبناني أحد أبرز المستفيدين من شبكة تهريب معقدة عبر الأراضي السورية منذ اندلاع الأزمة عام 2011، حيث لعبت إيران دورًا رئيسيًا في تزويده بالسلاح والذخائر. وتُظهر الوثائق الاستخباراتية الإسرائيلية، بحسب مصادر إعلامية، أن الحزب يواصل حتى الآن محاولات التسلح النوعي، رغم سقوط النظام الذي كان يؤمّن له الغطاء السياسي واللوجستي.
في هذا السياق، يُنظر إلى الحملات الأمنية الإسرائيلية في جنوب سوريا، وما يرافقها من اعتقالات وعمليات مصادرة، كجزء من حرب مستمرة لمنع انتقال أي شحنات استراتيجية إلى حزب الله، خصوصًا في ظل ما تصفه إسرائيل بـ”الفرصة التاريخية” لإعادة رسم قواعد الاشتباك بعد التغيرات الجذرية في السلطة بدمشق.