هل تنهي جولات البرهان الخارجية الأزمة في السودان؟
فيما تتجه الأزمة السودانية لمزيد من التعقيد كثَّف رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان زياراته الخارجية لطرق أبواب الحل.
وأنهى البرهان اليوم الإثنين زيارة إلى العاصمة الإريترية أسمرة، استغرقت يوماً واحداً، تعتبر المحطة الرابعة في سلسلة رحلات خارجية خلال الأسابيع الماضية، شملت القاهرة وجوبا والدوحة.
وأجرى البرهان والرئيس الإريتري أسياس أفورقي مباحثات مشتركة بالعاصمة أسمرة، تتعلق بمسار تعزيز العلاقات الثنائية بينهما وسبل دعمها وتطويرها.
بالنسبة إلى وزير الخارجية السوداني علي الصادق، فإن “المباحثات تناولت دعم آفاق التعاون المشترك بين البلدين”.
وأشاد الصادق بمواقف الرئيس الإريتري الداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية، والتي عبر عنها من خلال مشاركته في أعمال قمة دول جوار السودان بالقاهرة، وكذلك في قمة دول “الإيغاد” التي استضافتها جيبوتي مؤخرا.
الصادق قال وفق بيان صادر عن إعلام مجلس السيادة الانتقالي، إن “رؤى وأفكار أفورقي هدفت في مجملها لاستدامة السلام والاستقرار في السودان”.
وأشار الوزير السوداني للروابط الأزلية والتاريخية التي تربط بين الشعبين السوداني والإريتري، مؤكداً رغبة قيادة البلدين في تمتين أواصر التعاون المشترك.
وفي 3 سبتمبر الجاري. وجه البرهان من مدينة سنكات بولاية البحر الأحمر، بفتح المعابر الحدودية مع دولة إريتريا.
وتشهد العلاقات بين السودان وإريتريا توترا مستمرا منذ عام 2018. وسبق أن أغلقت حكومة الرئيس المخلوع عمر البشير الحدود المشتركة بين البلدين. وأرسلت تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المناطق الحدودية.
أي تأثير؟
ويقول الكاتب والمحلل السياسي محمد الأسباط إن زيارة قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إلى العاصمة الإريترية أسمرة، تأتي في سياق العمل الدبلوماسي والإعلامي والسياسي الذي درج عليه منذ خروجه من القيادة العامة للجيش. ولكن ليس لديها أي تأثير على مجريات الأزمة”.
وأوضح الأسباط أن إريتريا “دولة صغيرة ومحاصرة. وتعاني من أزمات اقتصادية حادة وأزمة دبلوماسية في الإقليم”.
وأشار إلى أن “الزيارة تأتي في إطار العملية الإعلامية والدبلوماسية ولن تنعكس على ما يجري في السودان بأي نفع أو أي فائدة”.
وأضاف “هذه هي الجزئية الوحيدة والمهمة في الزيارة، وهي تحييد إريتريا، وإن لم تدعم الجيش، فضمان عدم دعمها قوات الدعم السريع.. غير ذلك. لا أرى أي قيمة لهذه الزيارة”.
البعد الأمني
فيما يرى الخبير السياسي “الهضيبي يس” أن البرهان بزيارته الخارجية يريد إثبات أن “هناك سلطة موجودة في السودان وقادرة على الإمساك بكافة الخيوط رغم المعارك”.
وأوضح يس أن “التأثير يكمن في بحث السودان عن طرف ثان مواز لموقف دولة مثل (إثيوبيا) بمنطقة شرق أفريقيا، فأسمرة قامت مؤخرا بدعوة أطراف سياسية هي جزء من السلطة القائمة في السودان. واستغنت عن أحزاب وتنظيمات سياسية تقف على الضفة الأخرى”.
وأضاف “طابع الزيارة كذلك يأخذ البعد الأمني، ويبحث السودان عن تطبيق معادلة فتح الحدود التي أغلقت في 2019 بين السودان وإريتريا. مقابل كفالة عدم تسرب السلاح لعناصر الدعم السريع من الجبهة الشرقية”.
تهيئة الأجواء
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي أشرف عبدالعزيز أن زيارة البرهان إلى إريتريا تتجاوز الأغراض المعلنة إلى أجندة أخرى. فهي جاءت في أعقاب زيارة قوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) المساندة للبرهان إلى أسمرة.
وتابع “بالتالي زيارة البرهان مكملة للأولى (قوى التغيير) لأن أسمرة ستلعب دورا مهما في تهيئة المناخ للبرهان لتشكيل حكومة من بورتسودان، وذلك عن طريق عقد لقاء يضم الأطراف الموالية للجيش في أسمرة”.
وأضاف عبدالعزيز “بالرغم من محاولات استعجال خطوة تشكيل الحكومة إلا أن ثمة تحديات تواجه البرهان للقيام بها. أولها فشله في تحقيق نصر حاسم على قوات الدعم السريع”.
ومنذ منتصف أبريل الماضي يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها. ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون. وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
ويتبادل الجيش بقيادة البرهان و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي” اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.