سياسة

هل ينهي سقوط الأسد النفوذ العسكري الروسي في سوريا؟


ظهرت صور أُلتُقطت بالأقمار الصناعية مغادرة سفن تابعة للبحرية الروسية قاعدة موسكو في طرطوس على الساحل السوري، بينما رسا بعضها قبالة الساحل بعد إطاحة قوات المعارضة بالرئيس السوري بشار الأسد.

وأظهرت صورة التقطتها شركة “بلانيت لابس” في التاسع من ديسمبر/كانون الأول ما لا يقل عن ثلاث سفن تابعة لأسطول البحر المتوسط الروسي، بما في ذلك فرقاطتان مزودتان بصواريخ موجهة، راسية على بعد نحو 13 كيلومترا شمال غربي طرطوس.

واستولت المعارضة السورية على العاصمة دمشق يوم الأحد بعد تقدم خاطف دفع الأسد إلى الفرار إلى روسيا بعد حرب أهلية استمرت 13 عاما و54 عاما من حكم عائلته الاستبدادي.

وتحاول موسكو، التي كانت حليفة لنظام الأسد لعقود من الزمن، التوصل الآن إلى اتفاق مع المعارضة لضمان سلامة قاعدتين عسكريتين مهمتين استراتيجيا.

وأشار تحليل صور الأقمار الصناعية لشركتي “بلاك سكاي” و”بلانيت لابس” إلى أن روسيا كانت تمتلك فيما سبق خمس سفن سطحية وغواصة واحدة في طرطوس. وأظهرت صورة التقطتها “بلاك سكاي” في الخامس من الشهر الجاري أن جميع السفن الست في القاعدة.

وتؤكد صور الأقمار الصناعية الملتقطة في التاسع من ديسمبر/كانون الأول تقارير سابقة لمدون الحرب الروسي “رايبار” تفيد بأن السفن الحربية غادرت طرطوس وتمركزت في مواقع قبالة الساحل لدواع أمنية.

وأشارت الصور إلى أن الأسطول غادر القاعدة البحرية في وقت ما بين السادس والتاسع من الشهر الجاري.

وتملك روسيا قاعدة جوية رئيسية في مدينة اللاذقية الساحلية بينما تقع منشآتها البحرية في طرطوس التي تضم مركز الإصلاح والتجديد الوحيد لروسيا في البحر المتوسط، واستخدمت موسكو البلد كنقطة انطلاق لنقل متعاقديها العسكريين جوا إلى أفريقيا ومنها.

وتشكل قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية الروسيتان في سوريا، منشآت أساسية للحفاظ على نفوذ موسكو في الشرق الأوسط وحوض المتوسط وصولا إلى إفريقيا.

وأنشئت هذه القاعدة في العام 1971 بموجب اتفاق بين الرئيس السابق حافظ الأسد والد بشار، والاتحاد السوفييتي في ميناء طرطوس وهي القاعدة الروسية الدائمة الوحيدة لموسكو في منطقة المتوسط.

وتشكل هذه المنشأة موقعا أساسيا لتزويد السفن الروسية وإصلاحها والتي يمكنها تاليا البقاء في مياه المتوسط من دون المرور بالمضائق التركية للوصول إلى قواعد الكرملين في البحر الأسود.

ومع انهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1991، أغلقت الكثير من المنشآت العسكرية الروسية أبوابها. إلا ان موسكو أبقت على قاعدتها البحرية في طرطوس مع تقليص حجمها وقدراتها.

وتغير الوضع في العام 2010 مع انتهاج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سياسة أكثر طموحا، فزادت موسكو إنفاقها العسكري لتحديث جيشها وبدأت ورشة أشغال لتمكين طرطوس من استقبال سفن كبيرة.

وتسارعت الأمور في 2015 عندما وفرت روسيا جيشها وجماعة “فاغنر” المسلحة لدعم استمرار حكم الأسد وفي نهاية العام نفسه ذكرت وسائل إعلام روسية أن 1700 جندي يتواجدون في القاعدة، إلا أن المعلومات بقيت مجتزأة. ويبقى عدد العناصر المتواجدين حاليا في المنشأة مجهولا إذ أن وزارة الدفاع الروسية لا توفر أي معلومات محددة حول عديدها في سوريا.

وفيما باشرت فصائل المعارضة المسلحة هجومها الخاطف الذي أفضى إلى سقوط بشار الأسد، أعلنت موسكو أن مناورات بحرية جرت في شرق المتوسط بين الأول من ديسمبر/كانون الأول والثالث منه.

وقال الجيش الروسي إن ألف عسكري وعشر سفن بينها فرقاطتان وغواصة، وسفن دعم شاركت في هذه المناورات فضلا عن 24 طائرة. ونفى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف السبت أن يكون الأسطول الروسي غادر سوريا.

ويقول بيار رازو المدير الاكاديمي في المؤسسة المتوسطية للدراسات الإستراتيجية إن الروس كانوا ينشرون فيها في نهاية يوليو/تموز 22 طائرة مقاتلة وحوالي 15 مروحية هجومية ومسيّرات.

ومن هذه القاعدة، كانت تقلع الطائرات الروسية التي شنت منذ العام 2015 عمليات قصف مدمرة على المعارضة ومدن البلاد في تدخل أنقذ بشار الأسد حينها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى