آخر محاولات الصدر لتصدر المشهد السياسي: دعوة الزحف إلى فلسطين
طلب زعيم التيار الصدري العراقي مقتدى الصدر الجمعة، من أربع دول “مجاورة لفلسطين”، بالسماح لأنصاره بالوصول إلى المناطق المتاخمة لحدودها، في أحدث سلسلة من تصريحاته الحماسية التضامنية مع غزة، والتي لا تخلو من أهداف سياسية ومزايدة مفضوحة للعودة إلى المشهد مجددا متسلحا بالحشود الداعمة لموقفه “المقاوم“.
وكتب الصدر عبر موقع “إكس” “أوجّه رسالتي هذه إلى حكومات الدول الشقيقة: الأردن ومصر ولبنان وسوريا، الدول المجاورة لجمهورية فلسطين الحبيبة وعاصمتها القدس”.
وأعرب عن أمله بالسماح لأنصاره بالعبور، قائلا “نأمل السماح لإخوتكم الصدريين في عراقكم الشقيق الوصول السلمي لحدود فلسطين الحبيبة، مع بعض التبرعات العينية من ماء وطعام ودواء ووقود لإدخالها بالتنسيق معكم إلى غزة المجاهدة”.
وأضاف في منشوره “ونأمل أن تمكنوا إخوتكم الصدريين من الاعتصام المليوني السلمي الإنساني عند الحدود الفلسطينية في بلدانكم الحبيبة، خلال الأيام المقبلة، ومن شاء من الشعوب العربية الإسلامية والإنسانية”. وختم بالقول: “كلنا واع وراع ومسؤولون عن ما يحدث في غزة”.
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) November 3, 2023
ويتهيأ التيار الصدري إلى العودة إلى المشهد السياسي في العراق بعد فترة انكفاء طويلة نسبيا أثارت لغطا واسعا حول مستقبل التيار الذي يتزعمه. حيث انسحب التيار الذي فاز في الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر 2021 بشكل مفاجئ من العملية السياسية في سبتمبر الماضي، بعد أشهر من التجاذبات وصراع الإرادات بينه وبين الإطار التنسيقي الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران.
وتعتبر تصريحاته الحماسية المتتالية حول غزة ودعواته لأنصاره بالتوجه الى الحدود ثم مطالبة البرلمان والحكومة بغلق السفارة الأميركية في بغداد، خطابات لحشد الرأي العام وتقوية موقفه السياسي تحضيرا لعودته، وذلك في إطار الحرب السياسية مع خصومه من الإطار التنسيقي ولاسيما زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي. وتفاوتت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي حول دعوة الصدر، إذ يتمسك أنصاره بكل ما يقول مهما بدا منفصلا عن الواقع وغريبا، وقالت معلقة:
تخيّل يا عزيزي أن تكون أمامك دبابة حربيّة مزودة بأحدث العتاد، فتركض إليها عاري الصدر ومتسلحاً فقط بآيات الله، تضع العبوة ثم تعود، ولا يهزّك انفجارها. ترفع الهاون وتكبّر وتصيب الهدف.
هؤلاء هم رجالنا: رجال الله في أرض الله يحاربون أعداء الله، فهنيئا لنا بهم.— نُور (@NourGaza) November 2, 2023
وعلق ناشط معتبرا أن جرأة الصدر لا يوجد ما يماثلها في الدول المجاورة لفلسطين:
الى سماحة السيد #الصدر :
خطابك وطلبك الاخير لدول تخاف حتى من خيالها ، فكيف لها ان تسمح بعبور المساعدات الانسانية او حتى بوقفة سِلمية؟! #غزة_تحت_القصف— احمد الطيب (@Ahmd_Altaib) November 3, 2023
وأشار آخرون إلى أن للصدر أهداف سياسية أخرى:
مقتدى الصدر..
يريد الدخول إلى الأردن تحت حجة نصرة غزة بينما النية هي..
الدخول لإحتلال الأردن وعمل اضطرابات وفوضى!
مقتدى الصدر..
يستطيع الخروج من العراق إلى سوريا ولبنان بدون جواز سفر حيث أن الحدود كلها تحت إمرة إيران!!
إيران تريد أن تدخل الأردن ولا تخرج منها! https://t.co/SbCOJSPxW8— هـنــري كـيسـنــجـر (@HenryKesnger) November 3, 2023
وتنشر الحسابات التابعة للتيار الصدري على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثّف، مقاطع فيديو خاصة تصوّر لحظات اقتحام أنصار الصدر “المنطقة الخضراء” عامَي 2018 و2022، تلميحاً إلى احتمال القيام باعتصامات جديدة قد يدعو إليها الصدر في وقت لاحق. ويتواصل الحشد على مواقع التواصل، للخروج في تظاهرة شعبية أمام السفارة الأميركية للمطالبة بإغلاق السفارة وطرد السفيرة آلينا رومانوسكي.
ولا تزال دعوة الصدر الحكومة والبرلمان إلى إغلاق السفارة الأميركية في بغداد احتجاجاً على الدعم الأميركي لإسرائيل في حربها على قطاع غزة تتفاعل في العراق، في انتظار تنفيذ الرجل تهديده باتّخاذ خطوات أخرى لم يُعلَن عنها في حال لم يُستجب لطلبه، ولا سيما أن المقرّبين من التيار يتوقّعون تصعيداً صدرياً على مستوى الاحتجاجات الشعبية.
وانقسمت مواقف الكتل السياسية حول تلك الدعوة، بين فريق داعم للحكومة يرى خطوة إغلاق السفارة في غير مصلحة العراق، وآخر عمد إلى جمع 32 توقيعاً نيابياً من قوى مختلفة داخل البرلمان تأييداً للخطوة ودفعاً في اتّجاه التصويت عليها. وإذ لم تردّ الحكومة على الطلب بشكل رسمي بعد، تتحدّث قيادات في الإطار التنسيقي عن وجود خطوط تواصل مع الصدر، للتفاهم حول ما يمكن القيام به، وسط إصرار الأخير على مطالبه.
إلا أن هناك من يؤكد أن كل هذه التحركات الصدرية لا هدف لها سوى إلى حشد الدعم السياسي، بالنظر إلى تاريخ الأحزاب الموالية لإيران في استهداف الفلسطينيين في العراق.
وبعد عام 2003 تم استهداف الفلسطينيين بشكل مباشر وممنهج في العراق وتأزّمت أوضاعهم القانونية، إذ أنه مع تشكيل الأحزاب الموالية لإيران التي ساندت الأميركيين، قامت بعض تلك الأحزاب بتعبئة ضد الوجود الفلسطيني، معتبرة إياه من مخلفات نظام الرئيس الأسبق صدام حسين، وبدأ التحريض ضد الفلسطينيين.
وقال متابعون أن مئات الفلسطينيين الأبرياء رجال وشبان ونساء وأطفال تم ذبحهم وقتلهم بأبشع الأساليب وتشريد الأحياء وتهجيرهم من دورهم التي يسكنوها منذ خمسين عاما بحجة التطهير الطائفي الذي مارسته عصابات فيلق بدر وجيش المهدي التي يسيّرها ما يسمى بفيلق القدس.
ورأى رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن ادعاءات محور المقاومة التابع لإيران حول تأييدهم القضية الفلسطينية ليست إلا مزايدة مفضوحة. واستذكروا الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات بعد الغزو الأميركي للعراق.
واستشهد البعض بلقاء أجرته صحيفة الصنداي تلغراف البريطانية مع الشيخ محمود الحسني أحد الناطقين باسم جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر عام 2007، وقال فيه “إن الفلسطينيين جلبوا المعاناة لأنفسهم.. وهم متورطون بقتل الشيعة لأننا نعتقد أنهم متحالفون مع المتطرفين السنة، وعليهم أن يدفعوا الثمن.. وقد كانوا مرتاحين في زمن صدام ولا بد أن يدفعوا الثمن وعليهم أن يغادروا البلد”.