أحداث الساحل السوري تثير غضب المصريين تجاه تيارات الإسلام السياسي

أثارت أحداث الساحل السوري غضبا شديدا لدى المصريين من تيارات الإسلام السياسي، لافتين إلى تجربة مصر معها في أعقاب ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، فيما تساء البعض عن مدى مسؤولية النظام الحاكم في دمشق بقيادة الرئيس أحمد الشرع عما حدث.
وعلى مدار اليومين الماضيين تصدّر اسم “سوريا” و”الساحل السوري” اتجاهات التفاعل على مواقع التواصل، خصوصاً موقع “إكس”، وبث المصريون كمّاً كبيراً من التدوينات والتغريدات المرتبطة بهذه التطورات.
وقد أسهمت مقاطع الفيديو التي انتشرت بكثافة – والتي تظهر عشرات الجثث لأطفال ونساء وأشخاص بزيّ مدني مضرّجين بدمائهم – في إثارة مشاعر التعاطف الجارفة مع الضحايا، وبتحميل السلطة الحاكمة في دمشق المسؤولية، ولا سيما مع ظهور مسلحين ملتحين يلتقطون صوراً وهم يهينون ويعذبون أسراهم قبل قتلهم بدم بارد وسط هتافات “الله أكبر”.
في السياق، يقول المحلل السياسي د. عمرو حسين لموقع “النهار”: “نحن في مصر كانت لنا تجربة مع تيّارات الإسلام السياسي، وقامت ثورة من الشعب المصري الواعي بخطورة وجود تلك التيارات في الحكم، واستجاب لها الجيش المصري، بقيادة وزير الدفاع آنذاك المشير عبد الفتاح السيسي، الذي انحاز للشعب”.
ويضيف حسين: “استطاعت الدولة المصرية محاربة الإرهاب والقضاء على جميع التنظيمات الإرهابية الداعمة للإخوان المسلمين خلال 8 سنوات، وهذا يجعلنا ننظر بألم لما نراه يحدث في سوريا، الدم السوري كله حرام، ويجب أن يكونوا تحت حماية سلطة تحمي الجميع”.
وكانت جموع قُدّرت بملايين المصريين خرجت في 30 حزيران (يونيو) 2013، بعد أقل من عام على حكم “الإخوان المسلمين”، مطالبة بإطاحة الجماعة من السلطة، وشهدت مصر منذ ذلك الحين عشرات وربما مئات العمليات الإرهابية من عناصر تابعين أو مؤيدين للجماعة التي صنّفتها محكمة مصرية “منظمة إرهابية”، وطالت العمليات المسلحة دور عبادة مسيحية وإسلامية، وشملت المدنيين والعسكريين ورجال الشرطة
من جانبه، يرى الباحث الأكاديمي المتخصص في حركات الإسلام السياسي د. عمرو عبد المنعم أن “ما يجري في الساحل السوري ليس المسؤول عنه النظام الحاكم في دمشق، بل جماعات غير منضبطة بايعته”.
ويقول لموقع “النهار”: “ليس دفاعاً عن الشرع، ولكن التطورات الأخيرة المسؤول عنها هم أطراف أخرى، ومنها جماعات غير منضبطة بايعت الرئيس السوري، وهي لديها قناعات بأن الانتقام لضحاياها من الرجال والنساء هو واجب للقصاص لهم، ليس فقط من كوادر النظام السابق، ولكن من كل من دعمه بطريقة أو أخرى”.
ويضيف: “الشرع خالف توقعات تيارات الإسلام السياسي بأطيافها المختلفة ونأى بنفسه عن السلفية الجهادية، وعلى سبيل المثال أوقف أحمد المنصور وكل من وجّه تهديداً لمصر، وأسهم في تسليم عبد الرحمن القرضاوي. وهذا جعل أنظمة الحكم في المنطقة العربية تتعامل معه على نحو مختلف عما تعاملت به مع التيارات الأخرى، ومنها الإخوان المسلمون”.
ويعتقد عبد المنعم أن “تيارات الإسلام السياسي لديها تصورات وانطباعات سريعة وخاطئة، واتسم سلوكها بالمراهقة وعدم النضج. أما بالنسبة للجماعات غير المنضبطة التي بايعت الشرع، فإن توقفها عن أفعالها مرهون بقدرة الشرع على إقناعها بالعدول عمّا تعتبره قصاصاً”.