“أدوية الحوثي” تهدد صحة اليمنيين
بدعم إيراني، تجر مليشيات الحوثي، مرافق اليمن الصحية إلى حربها، لتخاطر بحياة ملايين اليمنيين وتدفع آلاف المرضى لحافة الموت.
وانتقلت التجارة الحوثية في سوق الأدوية منذ عام 2015 وبعد شهور من الانقلاب، إلى العلن لتصعد تدريجيا حتى غدت تستحوذ على استيراد المنتجات الطبية في مناطق سيطرة الانقلاب محققة أكبر نسبة مبيعات للدواء شمالا.
ولسنوات ظل الحوثيون يعتمدون على تهريب الأدوية المزيفة، لكنهم مؤخرا فتحوا الباب واسعا أمام شركات استيراد دوائية عمرها أقل من 7 أعوام تتخذها كواجهة لقيادات حوثية تتاجر بمختلف المنتجات السامة.
ويمثل توسع نشاط القياديين الحوثيين دغسان أحمد دغسان وصالح مسفر الشاعر، وهم من أكبر وأخطر مهربي الأسلحة والمبيدات والسموم. إلى تجارة الأدوية تهديدا متزايدا لأروح اليمنيين، إذ باتت الصيدليات لا سيما في صنعاء تغرق بالدواء المصنفة بـ”المواد المسرطنة”.
وتتبعت من خلال تقارير محلية ودولية ومصادر خاصة شبكة حوثية كبيرة بينها 5 قيادات بارزة تورد وتبيع منتجات الدواء المزيف والسام والمسرطن عبر أكثر من 20 كيانا صحيا بين شركات ومشاف خاصة.
دغسان والشاعر
ويدير مهرب المبيدات والأسمدة و”اليوريا” المحظورة دوليا “أحمد صالح دغسان” وهو قيادي حوثي مدرج على لائحة المطلوبين للتحالف العربي بمكافأة تبلغ 10 ملايين دولار، شركتين في المجال الطبي والدوائي.
ووفقا للمصادر أهم هذه الشركات، هي “شركة سبأ للأدوية والمستلزمات الطبية المحدودة” ويديرها “علي أحمد دغسان”. إضافة إلى واجهة أخرى يديرها نجله وتعرف بـ”مؤسسة أحمد دغسان للاستيراد والتصدير”.
أما “صالح مسفر الشاعر”، المصنف على قائمة الإرهاب العالمية، فيدير سلسلة من الكيانات الصحية المتداخلة بينها شركات واجهة لكن الأنشط دوائيا هي “الشاعر للاستيراد”، و”الشاعر للأدوية والمستلزمات الطبية”، و”الشاعر موتورز للاستيراد” و”مؤسسة الشاعر التجارية”
وتحول الشاعر، من كبار مهربي السلاح، حسب المصادر، إلى نافذ كبير أيضا في مجال الدواء والطب؛ مستغلا هيمنته على كبرى المشافي الخاصة بما فيها مستشفيات “جامعة العلوم والتكنولوجيا”، و”سيبلاس”، و”الأم والطفل”، و”الأهلي”، و”الألماني الحديث”، و”المغربي” إلى جانب سلسلة صيدليات لموالين له تبيع الأدوية المغشوشة.
شقيق الشاعر، القيادي “عبدالله الشاعر”، وفق تقرير حديث، هو الآخر يتولى “إدارة مؤسسة عبدالله الشاعر للأدوية والمستلزمات الطبية”، إضافة إلى شركة أخرى تحمل الاسم ذاته وتعمل في الاستيراد الدوائي.
المتوكل والمداني
ودفع الحوثيون برجل الدين المتطرف طه المتوكل من منبر أحد مساجد صنعاء إلى رأس قطاع الصحة وذلك للاستحواذ على أموال المانحين عبر المنظمات الدولية والإغاثية العاملة في المجال الطبي.
لكن القيادي الذي عينته المليشيات “وزيرا للصحة في حكومة الانقلاب” لم يقتصر نشاطه على نهب الدعم المخصص للمرافق الصحية وتعطيل المشافي الحكومية، بل ذهب للاستثمار في القطاع الطبي الخاص للربح السريع.
ويدير المتوكل مجموعة “يوني ماكس” الصحية والتجارية، وهي تتألف من مستشفى وشركة استيراد دوائية وشركة تجارية مختلطة إلى جانب إدارته “مستشفى اليمن السعيد”، ليصبح أحد أكبر النافذين في السوق السوداء للدواء.
كما شيد الحوثيون ما يسمى “اللجنة الطبية العليا” ويرأسها محمد الغيلي وما يسمى “الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية” التي يديرها القيادي الحوثي “محمد يحيى المداني” وتعد الأخطر لإدارتها السوق برمته.
واتهم مصدر حكومي القيادي الحوثي “المداني” باستغلال ما يسمى “الهيئة العليا للأدوية” لجني ملايين الريالات مقابل إصدار تصاريح لشركات حوثية تهرب وتستورد الأدوية بوثائق مزورة ليقدمها لاحقا على أنها “منتج وطني” في مناطق الانقلاب.
كما يدير شبكة من الصيدليات التابعة لموالين للمليشيات، فيما يستغل المختبر المركزي الوطني وغيره لإصدار وثائق تحاليل مخبرية تشرعن تمرير صفقات أدوية مزيفة مهربة أو مستوردة عبر شركات وليدة.
وأكد المصدر وجود أدوية في صيدليات صنعاء تباع للمرضى رغم أنها تحتوي على مادتي “رانيتيدين” و”نتروزامين” المصنفتين كـ”مواد مسرطنة”، وذلك في تعليقه على ما ورد في تقرير يمني رصد هذا الأدوية قبل أيام.
تسرب الأدوية
من جانبها اعتبرت وزارة الصحة في الحكومة المعترف بها تجارة الحوثيين في استيراد الأدوية كارثة تدفع القطاع الصحي إلى مزيد من الانهيار وتهدد بتفاقم الوضع إذا ما تسربت هذه الأصناف غير الخاضعة للرقابة للمناطق المحررة.
وقال وكيل وزارة الصحة اليمنية الدكتور سالم الشبحي إن التصاريح التي تصدرها مليشيات الحوثي مستغلة وزارة الصحة غير المعترف بها في صنعاء، تسبب في تدفق “أدوية ومستلزمات طبية لا تخضع للمواصفات الصحية”.
وحذر الشبحي، وهو رئيس الصحة والبيئة في المجلس الانتقالي الجنوبي من تسرب هذه الأدوية المستوردة حوثيا بين المحافظات، مضيفا أنها خطر يهدد “المواطنين بسبب نوعيتها أو فترة صلاحيتها أو طريقة تخزينها وإدخالها البلاد بطريق غير مشروع”.
وأقر المسؤول اليمني بمواجهة الصحة اليمنية صعوبات في جمع المعلومات الخاصة بالقطاع الصحي في مناطق الانقلاب بسبب عدم القدرة على إحصاء فرق الترصد للأمراض في كثير المحافظات المحتلة إلى جانب نقص حاد بالكوادر المتخصصة في المناطق التي يفرض الحوثيون عليها السيطرة بقوة السلاح.
رفض التطعيمات
كما تواجه المنظمات الدولية صعوبات في إيصال الدعم للمرضى وهناك صعوبات أيضا في مراقبة كيفية وصول تلك المساعدات للمرضى، ما يعيق الكثير من التدخلات الصحية، طبقا للمسؤول اليمني.
وأضاف “تعنت ورفض مليشيات الحوثي السماح بالتطعيمات ضد الأمراض الوبائية يفاقم تدهور الوضع الصحي وانتشار الأمراض، إلى جانب مجاعة تضرب سكان المناطق الخاضعة للانقلاب لتضاعف مشكلات الوضع الصحي”.
إلى ذلك، أشار الشبحي إلى أن مليشيات الحوثي تحرم آلاف الأسرى والمعتقلين في السجون غير القانونية من تلقي الرعاية الصحية.
وأضاف أن الصحة تشكل مرتكزا أساسيا في أي بلد، لكن حرب الحوثيين أثرت بشكل كبير على المحافظات المحررة، وتدفع إلى تدهور مفجع ومخيف للأوضاع الصحية في مناطق الانقلاب.