أردوغان يهدر موارد تركيا تحت عباءة المساعدات
في ظل الفوضى الاقتصادية التي تعيشها تركيا، فشلت السياسات الحكومية في إنقاذ الاقتصاد وتخفيف الأعباء المالية الصعبة عن كاهل الشعب، وعلى الجانب الآخر أنفق أردوغان ورجاله مليارات الدولارات على المرتزقه والقوى الناعمة في الخارج في محاولة منه لتحقيق طموحاته التوسعية.
انهيار الاقتصاد
أقر الرئيس رجب طيب أردوغان بعمق المشاكل المالية لتركيا في خطاب ألقاه أمام المؤتمر السنوي لحزب العدالة والتنمية الحاكم الأسبوع الماضي في العاصمة التركية أنقرة.
وقال لمندوبي حزب العدالة والتنمية: “حان الوقت الآن للعمل بجدية أكبر، وإنتاج المزيد، والإسراع، أريد لمواطني أن يستثمروا العملات الأجنبية والذهب المحتفظ بها في الوطن، وهو ثروتنا الوطنية، في أدوات مالية مختلفة لصالح اقتصادنا”.
وبحسب مجلة “ذا ناشونال” الدولية، فخطاب أردوغان لم يكن خاملا، فقبل أيام قليلة قام أردوغان، للمرة الثالثة خلال 20 شهرًا، بإقالة محافظ البنك المركزي، وكان قرار إقالة ناجي أجبال صادما للمستثمرين، والذي كان قد رفع أسعار الفائدة قبل يومين، في محاولة لكبح التضخم المرتفع باستمرار.
ورأى المحللين والمستثمرين الذين رأوا أن فترة عمله التي دامت 4 أشهر على أنها استعادة للمصداقية، وتم استبداله بكافجي أوغلو، كاتب عمود مؤيد للحكومة ومصرفي سابق ونائب برلماني عن حزب العدالة والتنمية، قيل إنه يشارك أردوغان وجهة نظره غير التقليدية بشأن التضخم وأسعار الفائدة.
وعندما افتتحت الأسواق اليوم الاثنين، فقدت الليرة التركية بسرعة 15 في المائة من قيمتها، متراجعة بالقرب من أدنى مستوياتها القياسية مقابل الدولار الأميركي قبل أن تستعيد بعض قوتها.
كما تراجعت سوق الأسهم الرئيسية في تركيا عن مكاسبها خلال العام وسجلت أسوأ امتداد لها في يومين منذ الأزمة المالية لعام 2008. ووصفت مجلة الإيكونوميست إطلاق السيد أغبال بأنه “كارثة”، بينما تساءل الاقتصادي التركي البارز مصطفى سونميز عما إذا كان أردوغان قد انتحر اقتصاديًا.
معدلات فقر قياسية
منذ أزمة العملة في منتصف 2018، فقدت الليرة ما يقرب من نصف قيمتها مقابل الدولار وأصبح الأتراك مترددين بشكل متزايد في مشاهدة مدخراتهم وهي تتبخر.
وحث الرئيس أبناء وطنه القلقين على الاستثمار في الأدوات التركية، مسلطًا الضوء على فوائد الأدوات الإسلامية على وجه الخصوص، لكن لدى الكثيرين أفكارًا أخرى، إلا أن هذه المقترحات لا تخرج كونها تصريحات خاوية، لا تساعد المواطنين على الخروج من هذه الأزمة ويُظهر انتحار زوجين شابين من إسطنبول تركا طفلهما مع أحد الجيران مدى الصعوبات.
ففي الشهر الماضي، أبرز الانتحار المشترك لزوجين شابين من إسطنبول، تركا طفلهما البالغ من العمر عامًا واحدًا مع أحد الجيران، كيف أن المزيد من الأتراك الذين يواجهون صعوبات مالية يتخذون أكثر الخطوات قسوة.
وفي الأسبوع الماضي فقط، أعلن اتحاد الموسيقيين والفنانين الأتراك (Muzik-Sen) أن أكثر من 100 موسيقي قد انتحروا منذ بداية الوباء، معظمهم بعد أن فقدوا وظائفهم وتلقوا مساعدات حكومية غير كافية.
كما تسبب فيروس كورونا في دفع أكثر من 1.5 مليون تركي إلى الفقر، كما أن حوالي 20 في المائة من المواطنين يعيشون الآن تحت خط الفقر.
وحوالي 7 من كل 10 لديهم ديون كبيرة، وواحد من كل 3 يواجه صعوبة في شراء الطعام أو تدفئة منزله، و40 في المائة من الأشخاص دون سن الثلاثين عاطلون عن العمل.
استغلال الدين
سعى حزب العدالة والتنمية، بعد أن فقد شعبيته، إلى حشد قاعدته من خلال إبراز نزعته المحافظة وحسن نيته الإسلامية.
وبدلا من أن تعمل الحكومة على حل أزمات الشعب الاقتصادية، بدأت في استغلال مديرية الشؤون الدينية “ديانت” من أجل تشجيع الشعب على التقشف، وكتابة خطب الجمعة لأكثر من 82 ألف مسجد تشيد بالفقر وطاعة السلطان.
كما أصدرت ديانت فتاوى تنصح الناس بخفض المشتريات غير الضرورية والذهاب إلى أسواق المزارعين في وقت متأخر من بعد الظهر لتوفير المال، وذكّرت خطبة أخرى الأتراك بأن “الفقراء هم أقرب الناس إلى الله”.
وفي الأسبوع الماضي، مع ارتعاش الأسواق، غرد إمام مسجد آيا صوفيا الشهير في إسطنبول: “الله سيختبر المؤمنين بالخوف والجوع، مع تدهور حياتهم وممتلكاتهم، لكن الله سيكافئ الصابرين في النهاية”.
لكن الرئيس يغني نغمة مختلفة، مجادلاً في خطابه بأن التقلبات الأخيرة لا تعكس أساسيات الاقتصاد، وأشار إلى الآلاف من الشركات الجديدة والبنية التحتية القوية كأسباب يتجه الاقتصاد التركي نحو ذروة جديدة.
قوى أردوغان الناعمة
ورغم انهيار الاقتصاد التركي وفشل الحكومة في حل الأزمات، أهدر رجال أردوغان موارد الدولة لتحقيق طموحاته التوسعية.
فأنفق مليارات الدولارات على المرتزقه في ليبيا وسوريا والصومال.
كما يقوم أردوغان باستغلال القوى الناعمة في الدول الفقيرة من أجل مطامع تحت شعار المساعدات الإنسانية.
ويرى مراقبون أن إظهار المساعدات الإنسانية لتركيا في الدول الفقيرة هي مجرد طريقه لتجنيد المرتزقة وإرسالهم لمناطق النزاعات.
واهتمت حكومة أردوغان بالمساعدات الخارجية وتجاهلت المساعدات الداخلية للشعب وتركتهم يواجهون الأزمات الاقتصادية والوباء بمفردهم مع فرض المزيد من الضرائب عليهم.
مؤخرا وصلت طائرة تركية إلى بنغلاديش لإعادة تأهيل مستشفى للروهينغيا، بالإضافة إلى المساعدات التركية في بناء مساجد ومستشفيات في سوريا وخصوصا إدلب.