المغرب العربي

أزمة البنك المركزي تدفع غرب ليبيا نحو حافة الاقتتال


قالت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا في وقت متأخر الليلة الماضية إنها تشعر بالقلق إزاء تقارير عن تعبئة قوات في طرابلس وتهديدات باستخدام القوة لحل أزمة السيطرة على المصرف المركزي في البلاد، في حين دعت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة للتهدئة والتأكيد أن حل الأزمة بالعنف يهدد الاستقرار في البلاد.

ومساء الخميس احتشدت كتائب مسلحة موالية للمجلس الرئاسي لاقتحام البنك المركزي، في ظل وجود كتائب أخرى مناصرة للمحافظ الصديق الكبير تحمي المكان.

وأبلغت نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية القائمة بأعمال رئيس البعثة ستيفاني خوري مجلس الأمن الاثنين الماضي بأن الوضعين السياسي والعسكري في ليبيا تدهورا بسرعة خلال الشهرين الماضيين، بما يتضمن سلسلة من عمليات التعبئة تجريها فصائل مسلحة.

وقالت البعثة في بيانها الخميس “استعراض القوة العسكرية والمواجهات المسلحة في الأحياء المكتظة بالسكان أمر غير مقبول ويهدد حياة وأمن المدنيين”. ودعت إلى “التهدئة بشكل فوري”، مؤكدة أنها “تجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق سلمي”.
من جانبها، أعربت الولايات المتحدة في بيان لسفارتها لدى ليبيا عن “قلقها إزاء التقارير التي تفيد باحتمال وقوع اشتباكات في طرابلس”، وحثت “جميع الأطراف على التهدئة وتجنب العنف”.
واعتبرت “محاولة حل الأزمة المتعلقة بالمصرف المركزي بالقوة أمر غير مقبول وسيكون له عواقب وخيمة على سلامة المؤسسة واستقرار البلاد، فضلا عن التأثيرات الخطيرة المحتملة على مركز ليبيا في النظام المالي الدولي”.

وذات الموقف أيضا اتخذته بريطانيا عبر بيان لسفارتها لدى ليبيا، دعت فيه “جميع الأطراف إلى استخدام نفوذها للتخفيف من حدة الصراع والدخول في حوار سلمي”.

وتصاعدت أحدث التوترات بعد مساعي هيئات سياسية للإطاحة بمحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير وتكليف محمد الشكري بدلا منه مع تعبئة تجريها الفصائل المسلحة المتنافسة. حيث رفض الكبير تسليم المنصب، كما رفض القرار كل من مجلسي النواب والدولة باعتباره صدر من “جهة غير مختصة”، فيما قال الشكري إن “قرار مجلس النواب رقم 3 في 2018 صدر بتكليفي بمهام محافظ مصرف ليبيا المركزي وأديت القسم القانوني تبعا لذلك”.

لكنه لاحقا أكد في بيان الجمعة إنه لن يقبل المنصب إلا إذا نال الدعم والتأييد من الهيئتين التشريعيتين المتنافستين في البلاد. وقال الشكري “اشترطت على الجميع لتفعيل القرار بأن يكون هناك توافق من الجهتين التشريعيتين المختصتين (مجلسي النواب والدولة)”، وأضاف “تاريخي المهني والوظيفي وأخلاقي لا تسمح لي بالمطلق أن اكون جزءا من هذا العبث”.

ولم تشهد ليبيا، وهي منتج رئيسي للنفط على البحر المتوسط، سوى القليل من الاستقرار منذ انتفاضة عام 2011 التي دعمها حلف شمال الأطلسي. والبلاد منقسمة منذ 2014 بين فصائل متناحرة في الشرق والغرب.

وتوقفت المعارك الرئيسية مع وقف لإطلاق النار في عام 2020، لكن الجهود الرامية إلى إنهاء الأزمة السياسية باءت بالفشل مما سمح باستمرار الفصائل الرئيسية التي تخوض أحيانا اشتباكات مسلحة وتتنافس على السيطرة على الموارد الاقتصادية الكبيرة في ليبيا.

وينتمي الزعماء السياسيون في البلاد إلى هيئات منتخبة منذ عقد أو أكثر، أو جرى تعيينهم عبر جهود دولية متعددة لإحلال السلام للإشراف على محاولات متكررة لانتقال السلطة لم تثمر عن أي نتائج. وتعثرت الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إجراء انتخابات وطنية لاستبدال جميع الهيئات السياسية في البلاد.

وتسيطر قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر على شرق البلاد حيث مقر البرلمان. فيما تضم طرابلس والشمال الغربي، حيث توجد حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دوليا ومعظم مؤسسات الدولة الرئيسية، فصائل مسلحة متنافسة خاضت معارك عدة مرات.

وفي أواخر يوليو/تموز وأوائل أغسطس/آب، عبأت فصائل متنافسة في شمال غرب ليبيا قواتها، بينما أرسل الجيش الوطني الليبي قوة إلى الجنوب الغربي مما أثار مخاوف من اندلاع قتال بين الشرق والغرب.

وفي الوقت ذاته، يشهد المجلس الأعلى للدولة جمودا وهو أحد الهيئات التشريعية المعترف بها دوليا، وذلك بعد تصويت متنازع عليه بشأن رئاسته. كما جدد مجلس النواب في الشرق الدعوات لإقالة حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي.

وزاد التوتر بشأن السيطرة على المصرف المركزي بعد أن أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قرارا باستبدال الكبير ومجلس إدارة المصرف، وهي الخطوة التي رفضها البرلمان.

ومصرف ليبيا المركزي هو الجهة الوحيدة المعترف بها دوليا فيما يتعلق بإيداع إيرادات النفط، وهي دخل اقتصادي حيوي للبلد المنقسم منذ سنوات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى