سياسة

أموال حماس مامصيرها بعد قرار بريطانيا؟


حالة من الهلع والقلق الشديد تعيشها جماعة الإخوان الإرهابية بعد قرار بريطانيا باعتبار حماس حركة إرهابية في المملكة المتحدة وإدراجها ضمن قائمة منظمات الإرهاب المحظورة في البلاد، وتحذيرات من تعرض المنتمين إليها ومناصريها للسجن المشدد.

وجاء هذا التحرك ليقطع الطريق على جمع التبرعات ومنع أي نشاطات سياسية للحركة على الأراضي البريطانية التي كانت مأوى ومرتعا للإخوان ومن يعاونهم.

وليحد بشكل كبير من أي قوة عسكرية أو سياسية أو مالية أو خطر لعناصر حمساوية في أوروبا، وبات السؤال يدور حول حجم أموال الحركة في بريطانيا بعد الحظر.

وحسب تقرير لمؤسسة رؤية أنه ولسنوات طوال دأبت حماس على جمع الأموال من الداخل معتمدة على التهريب وتمارس عمليات غسيل أموال واسعة وتهريب بضائع ممنوعة، إضافةً إلى أوروبا؛ بجانب جمع التبرعات تحت ستار دعم القضية الفلسطينية ودعم قطاع غزة، فمثلًا في قارة أوروبا كانت المحطة الرئيسية لها بريطانيا، ومن بعدها فرنسا ثم ألمانيا.

وقد اعتادت حماس على توجيه أموال من منظماتها في بريطانيا لحساب بنك الإنتاج التابع للحركة في قطاع غزة، وهو بنك كان يقرض مواطني القطاع وبفوائد كبيرة رغم أن الحركة كانت تزعم أنه إسلامي ويعمل وفق الشريعة الإسلامية.

كما كانت توجه أموالًا من هذا البنك لحساب نشطائها في غزة، وبعد قرار بريطانيا فقد تتوقف الأموال التي تضخ من بريطانيا لهذا البنك وتلجأ الحركة للضخ من حساباتها في بنوك تركيا للحفاظ على البنك ومنع انهياره.

وبحسب مجلة “فوربس” الأميركية، فإن الدخل السنوي لحركة حماس يزيد على 700 مليون دولار حتى العام 2018، ولدى الحركة حتى العام 2020 استثمارات في بريطانيا وحدها تزيد عن نصف مليار دولار، وحتى وقت قريب كان لقادة الحركة في بريطانيا حسابات خاصة في بنك “إتش إس بي سي”.

وعلى رأس تلك القيادات أنس التكريتي القيادي الإخواني والذي كان يتولى رئاسة مؤسسة “قرطبة” التي كانت الحركة تساهم فيها وتستغلها لجمع الأموال والتبرعات بحجة دعم القضية الفلسطينية، ومحمد كاظم صوالحة، القيادي في حماس، ومن خلال تلك الحسابات كانت الأموال تخرج وتدخل لحساب الحركة.

وعلى مدى سنوات كان لحركة حماس تواجد كبير في أوروبا عامة وفي بريطانيا خاصة واستثمارات كبيرة، كما حاولت حركة حماس إحداث اختراق من خلال اتصالها مع الرئيس السابق لحزب العمال البريطاني جيريمي كوربين.

والتقى كوربين مع قادة من “حماس” في فلسطين بالعام 2010، وفي العام 2012، شارك في ندوة مع عدد من قادة حماس، ودعا قادة من الحركة إلى مجلس العموم البريطاني عام 2015، ولكن في العام 2016، وبعد أن اتهمته منظمات مؤيدة لإسرائيل باللاسامية فإنه اعتذر عن وصف “حماس” بالأصدقاء.

ولجأت حماس لاستثمار أموالها في بريطانيا بتوجيه من قيادات التنظيم الدولي للإخوان، وأسست في بريطانيا وحدها نحو 60 جمعية خيرية ومؤسسة إغاثية وصندوقًا ماليًا لغرض جمع الأموال، حتى أن مبنى “ويست جي هاوس” في غرب لندن التابع لجماعة الإخوان، كان يضم نحو 25 منظمة وجمعية تابعة للجماعة وحماس معًا، ومن أبرز تلك الجمعيات جمعية “إم إيه بي” و”مؤسسة قرطبة” و”منظمة الإغاثة الإسلامية” التي حصلت على أموال من الحكومة البريطانية نفسها والمجلس الإسلامي، وتأسس على يد قيادات الإخوان وحماس في بريطانيا ويضم نحو 500 مؤسسة إسلامية تابعة للجماعة وحماس في جميع أنحاء بريطانيا، ثم الصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية والذي يمتلك 11 فرعًا في بريطانيا وجميعها لها حسابات في بنوك بريطانيا ومهددة بالتجميد والمصادرة بعد قرار حظر الحركة.

تقول عائشة المري الكاتبة والباحثة الإماراتية: صنّفت بريطانيا يوم الجمعة الماضي 26 نوفمبر حركة «حماس» الفلسطينية، بجناحيها السياسي والعسكري، كياناً إرهابياً، بعد أن أقر مجلس العموم البريطاني المذكرةَ التي تقدمت بها وزيرة الداخلية بريتي باتيل لتصنيف الحركة إرهابيةً.

وأضافت المري في إحدى مقالاتها: أنه منذ تأسيس «حماس» في نهاية الثمانينيات كانت بريطانيا مركز دعم لها، بسبب الوجود المكثف لجماعة «الإخوان المسلمين» على الأراضي البريطانية، والذين طالما شكلت لندن ملاذاً آمناً لهم. وتمتلك جماعة «الإخوان» 60 منظمة داخل بريطانيا، بينها منظمات خيرية ومؤسسات فكرية، بل وقنوات تلفزيونية.

وتابعت: إنه سيؤدي القرار إلى تجفيف منابع التمويل لقطاع غزة من جانب المنظمات الإسلامية والمنظمات الإنسانية العاملة من بريطانيا، خشية التجريم حتى ولو لم تكن المساعدات موجهة لدعم «حماس»، فواقعياً لا يمكن إيصال المساعدات التي تقدمها المملكة المتحدة لقطاع غزة من دون التنسيق مع «حماس» التي تسيطر على القطاع.

ولفتت أن التجريم يشمل التعاطف والدعاية والترويج للحركة وأنشطتها والدفاع عنها، فسيصبح أي نشاط من أنشطة الحركة داخل بريطانيا، أو إظهار الدعم له مجرّماً قانوناً، وسيتعرض صاحبه للمساءلة وفق القانون البريطاني لمكافحة الإرهاب والتطرف.

وأوضحت أنه لقد بدأت بريطانيا بالفعل إعادة النظر في علاقتها مع «الإخوان» بسبب الهجمات الإرهابية على أراضيها، وبعدما حذّرت عدة تقارير أمنية واستخباراتية من خطر تنامي «الإخوان» داخل البلاد، بما يمثل تهديداً للأمن العام. لذا لم يكن القرار البريطاني مفاجئاً، إذ يتوقع المراقبون أنه في ظل الإستراتيجية الأوروبية الشاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف ستتخذ بريطانيا إجراءات متشددة للحد من أنشطة جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسها «الإخوان المسلمون».

ومن المتوقع أن يكون للقرار البريطاني انعكاس فوري وتداعيات مباشرة على التنظيمات الإسلامية الأخرى المتواجدة في بريطانيا، بما فيها التنظيم الدولي لـ«الإخوان المسلمين» على مستوى خطابه السياسي والإعلامي، حيث أنهى هذا القرار الربيع الإخواني في بريطانيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى