تركيا

أنقرة توسّع نفوذها في سوريا عبر التعاون العسكري مع الفصائل المحلية


تعهدت السلطات التركية اليوم الخميس بالسماح لجنود سوريين باستخدام ثكنات عسكرية تركية للتدريب بهدف تعزيز قدراتهم العسكرية، في حين سيبدأ 49 طالبا سوريا الدراسة في أكاديميات عسكرية تركية اعتبارا من غد الجمعة وسط جهود تركية لتعزيز الحضور على الساحة السورية لتعزيز النفوذ.
وصارت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، حليف سوريا الرئيسي بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد أواخر العام الماضي. وتعهدت أنقرة بالمساعدة في إعادة بناء سوريا وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة وتدريب قواتها المسلحة وتقديم الدعم الدبلوماسي والسياسي لها.
وتهدف أنقرة من خلال تعزيز تعاونها العسكري مع إدارة الرئيس السوري احمد الشرع التي قدمت لها دعما كبيرا منذ وصولها إلى السلطة، القضاء على التهديدات التي تعتبرها “إرهابية” من قبل الجماعات الكردية المسلحة، مثل وحدات حماية الشعب المرتبطة بحزب العمال الكردستاني والتي تسيطر على مناطق واسعة في شمال سوريا. والتنسيق مع الحكومة السورية الجديدة يمكن أن يوفر لتركيا غطاءً لملاحقة هذه الفصائل.
وتتشابك مصالح البلدين في مكافحة الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والتنظيمات المتطرفة التي لا تزال تنشط في سوريا، فيما يفتح الاتفاق الباب لجهود مشتركة في هذا الصدد.
ومثل التصعيد الأخير بين دمشق وقوات قسد وخاصة الاشتباكات في محافظات مثل حلب ودير الزور فرصة كبيرة للجيش التركي لمزيد التدخل لدعم الحكومة السورية حيث وجهت أنقرة مرارا تهديدات قوية للقوى الكردية من مغبة توسيع مناطق نفوذها.
من جانب اخر يمثل التعاون العسكري بين دمشق وأنقرة رسالة قوية الى الجانب الإسرائيلي الذي توغل في الجنوب السوري ووصل الى الطرق المؤدية الى العاصمة السورية.
ووقع البلدان الجاران في أغسطس/آب اتفاقا للتدريب والاستشارات العسكرية، تعهدت أنقرة بموجبه بتزويد دمشق بمنظومات تسليح وأدوات دعم لوجستي مع تدريب الجيش على استخدامها، فضلا عن التعاون في مجالات أخرى.
وتسعى تركيا إلى إنشاء منطقة عازلة بعمق 30 كيلومتراً في شمال سوريا، والاتفاق الدفاعي الذي وقع قبل أشهر قد يساهم في تحقيق هذا الهدف بشكل شرعي ومعترف به من دمشق.
وذكرت وزارة الدفاع التركية في إفادة إعلامية أن الجهود الرامية إلى زيادة القدرات العسكرية السورية مستمرة بموجب هذا الاتفاق، بما في ذلك التدريب وتبادل الزيارات والاستشارات والدعم الفني.
وأضافت الوزارة “بدأت وحدات محددة من الجيش السوري التدريب العسكري في بلادنا من خلال استخدام ثكنات وميادين تدريب تابعة للقوات المسلحة التركية” موضحة أنه في إطار اتفاق التعاون بين البلدين يبدأ 49 طالبا سوريا غدا الجمعة الدراسة في أكاديميات عسكرية تركية تابعة للقوات البرية والجوية والبحرية. ومن المتوقع أن ينضم الطلبة إلى الجيش السوري بعد إتمام دراساتهم.
وتتفاوض أنقرة ودمشق منذ شهور على اتفاق تعاون عسكري أكثر شمولا بين البلدين. وقالت تركيا إن المذكرة الموقعة في أغسطس/آب تمثل خطوة أولى نحو هذا الهدف.
وبالإضافة الى العلاقات العسكرية تسعى أنقرة لتعزيز نفوذها الاقتصادي والاستراتيجي في سوريا عبر بوابات إعادة البناء والاستثمار في البنية التحتية والصناعات الحيوية.
ووعدت تركيا بالمساعدة في إعادة إعمار البلاد وتسهيل عودة ملايين اللاجئين السوريين من الحرب الأهلية، ولعبت دورا رئيسيا الشهر الماضي في رفع العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على سوريا.
ويعكس هذا التوجه طموح تركيا في ترسيخ موقعها كمحور إقليمي رئيسي قادر على لعب أدوار متعددة في ساحات سياسية واقتصادية شديدة التعقيد.

زر الذهاب إلى الأعلى