“إيران” و”الإخوان”، عقيدة واحدة مهما حاولا إظهار العكس، مليئة بالأطماع في مقدرات العرب وثرواتهم، وتتأمر على إضعافهم، وشق صف وحدتهم واستقرارهم، وتمزيق أراضيهم إلى دويلات متناحر.
التاريخ يذكر أن العلاقات قديمة بين الإسلامويين في “إيران” و”الإخوان”، فكلهم عقيدة واحدة مهما حاولوا إظهار العكس بعدما نَصَّبُوا أنفسهم أوصياء على الدين من أيام نواب “صفوي وسيد قطب وإخوان سوريا”، من أجل وصول الخمينية للسلطة في إيران، مروراً بحرب العراق وإيران، وعبوراً بما عُرف بالربيع العربي إلى الوقائع والأحداث الحالية التي تؤكد هذا التحالف وهذا التوافق العميق بين جمهورية إيران المجوسية وجمهورية تركيا العلمانية اللتين تجمعهما قواسم مشتركة، فكلتاهما يتسنمها العداء التاريخي والأزلي للعرب والمسلمين، منذ إمبراطورية فارس التي تهاوت صروحها على أيادي الرعيل الأول من المسلمين، والإمبراطورية العثمانية التي سقطت وجرت أذيال الهزيمة وخرجت صاغرة من أراضي العرب على أيدي المسلمين العرب الأحرار .
إن ذلك العداء للعرب والمسلمين تاريخي، لكن جعبة كلا الطرفين كانت مليئة بالأطماع في مقدرات العرب وثرواتهم، وما زالت قائمة على أيديولوجية وإن بدت متناقضة، إلا أنها تجتمع في العداء واستهداف العرب، نتيجة الموقع الجغرافي والاستراتيجي لأراضيهم، بالعمل على إضعافهم، وشق صف وحدتهم واستقرارهم، وتمزيق أراضيهم إلى دويلات متناحرة مع نظرة دونية وعنصرية وازدراء لكل ما هو عربي، مستخدمين كل الوسائل للوصول إلى هذه الغاية، لكن الأليم جدًا أن نجد من أبناء جلدتنا من يناصرهم وينضوي تحت لواء العداء والكراهية لأبناء جلدته، بل الأدهى والأمر أن يخوضوا حروبًا بالوكالة عن الدولتين كما هو الحال في اليمن والعراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال .
أكبر ترجمة واقعية لهذا التوافق والتحالف ما نشر وسرب من إيميلات لهيلاري كلينتون، والوثيقة السرية الأمريكية، ومخطط الخراب الذي وقعه الرئيس السابق باراك أوباما في 2010 ويدعى “التوجيه الأمني الرئاسي 11” يدعم الإخوان وإيران معا للسيطرة على عدة دول في الشرق الأوسط، والإطاحة بالحكومات، وتنصيب الجماعات، وتقسيم المنطقة لمناطق نفوذ بين تركيا وإيران، هذا المحور المشترك وأدواته دفع الإخوان ومليشيات إيران إلى الواجهة عبر دعم قطري مالي سخي، حيث لعب الإخوان حينها دور المظلة للعدو بستار الدفاع عن المنطقة؛ لضمان بقاء التهديد لتحقيق هدف إنهاك المنطقة بالابتزاز من خلال حروب وسجالات وهمية، فظهر داعش في العراق وجبهة النصرة في سوريا، مما أتاح لإيران الدخول لمحاربة الإرهاب والاستيلاء على عواصم جديدة.
علاقة الإخوان بالثورة الإيرانية لها جذور تاريخية يقول التلمساني مرشد عام الإخوان سابقا: “وحين قام الخميني بالثورة أيدناه ووقفنا بجانبه”، فهي علاقة وثيقة وتغذيتها للتطرف واضحة، والعلاقة بين الثورة الإيرانية وتنظيم الفوضى والقتل (الإخوان) قديما وحديثا ظاهرة، وتسهيلات الثورة الإيرانية لتنظيم (القاعدة) مثبتة ومعروفة، فلم يقتصر مد الشر على مذهب معين، فكلاهما يمثل الشر والإرهاب، والعلاقة بين جماعة الإخوان (القطبيين) والقاعدة والنصرة وداعش، كالعلاقة بين الأم وأبنائها؛ بل العلاقة بين الإخوان والإسلام السياسي الشيعي المتمثل بالثورة الإيرانية ومنتجاتها هي علاقة أخوة ودعم وتعاون، فقد كانوا من أوائل المناصرين والمؤيدين لهم.
هذا التوافق ظهر جليا مؤخرا في ليبيا، لتأييد إيران لتركيا في توقيع الاتفاقيات مع السراج، وتأييد تركي ضمني لإيران في اليمن بعرقلة واستنزاف التحالف العربي عبر الإخوان، رغم المحاولات السعودية لدفع الإخوان للبقاء على أرضية وطنية يمنية، لكنهم عبثوا بمقدرات المعركة لصالح التنظيم الدولي واستهداف السعودية وإفشال التحالف خدمة لتركيا وإيران؛ ليستمر هذا التوافق في تبادل وتسليم المعارضين فيما بينهما، والتنسيق المشترك ضد الأكراد، مما يؤكد أن التحالف ماضٍ إلى الأمام بكل اجتهاد، فمن تابع الحملة المسعورة التي قادها هذا المحور وأذرعه الإعلامية فيما يخصّ الانتخابات الأمريكية ودعم المرشح الديمقراطي، والفرحة والنشوة العارمة لفوز بايدن يظن للوهلة الأولى أنّه سيحرر لهم المسجد الأقصى فورًا.
لقد ثبت للجميع أن إيران ومليشياتها، وتركيا وقطر والإخوان في جهة، وبقية العرب والمسلمين في الجهة المقابلة، وهو ما يدفع “محور الاعتدال” و”الرباعي العربي” لأن يتصدى لهم بكل قوة، ويقوم بدور تاريخي في حماية الأمن القومي العربي وحماية الإسلام من التشويه وتهمة الإرهاب، والشعوب من الفوضى والقتل، وأنه إذا أراد العالم العربي والإسلامي أن يعيش في سلام واستقرار، فعليه التخلص من هذا المحور الشرير، وبدون ذلك لن تعرف منطقة الشرق الأوسط معنى للاستقرار.