إجرام الحوثي وعزلته الدولية
تشهد اليوم مليشيا الحوثي الإرهابية رفضا دوليا بالإجماع، بعد استعراض مجلس الأمن وقائع اعتداءاتها وانتهاكاتها قرار حظر الأسلحة المفروض على اليمن.
وكذا استمرارها في عمليات تجنيد الأطفال، وبالتالي بدأت التحركات الدولية لإعادة الحوثي إلى تصنيفه الإرهابي رسميا.
فالهيئات الدولية والحقوقية والدول الإقليمية لا تزال تطالب مجلس الأمن الدولي بضرورة وضع حد للسلوك العدواني الذي يتبعه الحوثي داخل المجتمع اليمني وخارجه، بما في ذلك استمرار عمليات القرصنة الملاحية واختطاف السفن في البحر الأحمر، وتهديد الحوثيين المتكرر لممرات الشحن الدولي، بهدف إظهار ضعف المجتمع الدولي أمامها.
لقد أقدمت المليشيات الحوثية على التعامل مع العديد من المعتقلين المصنفين بين تنظيمات الإرهاب كـ”داعش” و”القاعدة”، وبشكل مريب ومثير للرأي العام إقليمياً ودولياً، ودون إيلاء اعتبار للتداعيات واسعة النطاق للإفراج عن 70% من عناصر هذه التنظيمات الإرهابية، ومدى التأثيرات البالغة والخطيرة على أمن المنطقة وخارجها جراء ذلك.
لقد شكلت عملية إطلاق سراح هذه العناصر الإرهابية من قبل الحوثي صفعة للجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، وهذا تهديد صريح لحياة الأفراد في المناطق التي ينشط فيها تنظيم “القاعدة” الإرهابي والمليشيات المسلحة الأخرى.
وقد قدّمت الحكومة اليمنية مذكرة إلى مجلس الأمن تتضمن تفاصيل عن علاقات الحوثيين بتنظيمي “القاعدة” و”داعش”، واتضحت الأمور في العمليات القتالية بين الجانبين بمحافظة البيضاء اليمنية، بأن التنظيم عزَّز صفوفه بعشرات المعتقلين المفرج عنهم من قبل الحوثيين، ما ساعده في التغلب على أزمة التجنيد، التي واجهها بسبب عجزه عن اجتذاب عناصر جديدة.
من ناحية أخرى، تمارس المليشيات الحوثية عملياتها القمعية مع بعض القوى الوطنية اليمنية في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، إذ كانت هناك مواقف شعبية رافضة للحوثيين من قبل هذه القوى الوطنية، فلم تتسامح الجماعات الإرهابية الحوثية مع هؤلاء اليمنيين، الذين يريدون لليمن الأمن والاستقرار، فلجأت المليشيات الحوثية إلى تعذيب النشطاء والصحفيين واضطهاد الأقليات وحرمان ذويهم من الحصول على الوظائف والمساعدات الإنسانية والمستلزمات الحياتية.
وفي إهانة مباشرة لمفهوم المساواة بين المواطنين، سعى الحوثيون إلى مأسسة النخبة الطائفية ونظام الطبقات الاجتماعية، عبر فرض ضريبة على غير الموالين للحوثي، وفرض رسوم مدرسية جديدة وإعادة صياغة المناهج الدراسية بما يوائم أفكار الحوثي، وذلك بهدف تعزيز ثقافة الجهل وتربية الجيل الصاعد كجنود في الخطوط الأمامية لمعارك المليشيا، بدلا من تخريج مثقفين ومفكرين وبناة يمن سعيد.
وتعددت وتنوعت ممارسات الحوثي الإجرامية، من افتعال أزمات اجتماعية واقتصادية بغية ابتزاز الشعب اليمني على نطاق واسع، وصولا إلى نهبهم المنظم لجهود الإغاثة الدولية، فيما تتباهى المليشيات الحوثية بأنها تشكل تهديداً دولياً، وبخاصة في المواني وما يتعلق بالملاحة البحرية، إذ استهدفت مراراً عدداً من السفن التي كانت تعبر البحر الأحمر، بالإضافة إلى غير ذلك من الأعمال المخالفة للقوانين الدولية.
وقد دأبت المليشيات الحوثية على القيام بعمليات اختطاف السفن ونهب محتوياتها، بما فيها من مساعدات إنسانية كانت تأتي للشعب اليمني، الذي يعيش غالبيته في ظروف صعبة، فضلا عن تهديدها التجارة العالمية، كونها خطراً كبيراً على أمن مضيق “باب المندب”، ويُعد اختطاف السفينة “روابي”، التي ترفع علم الإمارات، دليلا ضمن أدلة كثيرة على إجرام الحوثي، ما يتطلب اتخاذ موقف دولي حازم لردع هذه المليشيا المنقلبة على الشرعية في اليمن، وعلى قرارات الهيئات الدولية.
لقد أعادت المليشيات الحوثية اليمن عقوداً إلى الوراء، حيث سحقت وسائل الإعلام اليمنية النشطة، وضيّقت الخناق على المجتمع المدني، وأسكتت الأصوات والأحزاب العديدة التي عملت على جعل المشهد السياسي في العاصمة نشطاً وحراً، فيما لا يزال اليمنيون يعيشون تحت وطأة الحوثي، الذي ينفذ الإعدامات العلنية بحق أعداد كبيرة من أبناء الشعب اليمني، ما ينذر بمستوى جديد من الرعب، لكن للظلم جولة لا محالة، وهذه المليشيات مآلها الإخفاق والاندحار دون شك.