إخوان تونس بين الزنزانة وساحة القضاء.. الغنوشي يتهرب مجددً

راشد الغنوشي يواصل مقاطعة جلسات محاكمته في محاولة لمنح انطباع مزيف عن حقيقة وجوده وراء القضبان على خلفية العديد من القضايا والأحكام.
ومجددا، رفض زعيم إخوان تونس، الثلاثاء، حضور جلسة محاكمته في القضية المعروفة إعلاميا بـ«المسامرة الرمضانية».
وفي تصريحات إعلامية، قال مختار الجماعي، محامي الغنوشي، إن موكله يواصل مقاطعته لجلسات المحاكمة.
وأضاف الجماعي أن «الغنوشي لم يحضر جلسة المحكمة اليوم المخصصة للنظر في اتهامات موجهة له بالدعوة إلى حرب أهلية والتآمر على أمن الدولة، وهي أول قضية أودع بسببها السجن».
ومثل الثلاثاء أمام محكمة تونس الابتدائية، عدد من قيادات حركة النهضة الإخوانية، من بينهم مدير مكتب الغنوشي أحمد المشرقي وعضو مجلس الشورى يوسف النوري، وهم بحالة إيقاف.
كما مثل في القضية ذاتها البرلمانيان السابقان عن النهضة بلقاسم حسن ومحمد القوماني، وكذلك محمد شنيبة وعبد الله الصغيري والموفق بالله الكعبي أعضاء بالحركة، وهم بحالة سراح.
مؤامرات بالزنزانة
في تعقيبه على الموضوع، يرى المحلل السياسي التونسي المنجي الصرارفي أن مقاطعة الغنوشي لجلسة محاكمته «تعد تمردا على القوانين التونسية».
ويشير الصرارفي إلى أن الغنوشي يحاول ترويج مغالطات تزعم أن محاكمته سياسية وأنه بريء، متناسيا الأفعال الإجرامية التي ارتكبها بحق تونس.
وأضاف أنه منذ توقيف الغنوشي في أبريل/نيسان 2023، أعلن مقاطعته لجلسات المحاكمات والمثول أمام القضاء لإدراكه بأنه لا مفر من دفع ثمن جرائمه.
وأوضح أن الأحكام الصادرة بحقه حتى الآن في جميع القضايا التي تدينه، بلغ مجموعها 37 سنة سجنا.
ولفت إلى أنه حكم عليه في قضية التآمر على “أمن الدولة 2″ بـ14 سنة، وفي قضية التخابر المعروفة باسم” أنستالينغو” بـ22 سنة، وكذلك حكم علية بسنة سجنا في قضية تمجيد الإرهاب.
وبحسب الخبير، فإن الغنوشي، الذي يقبع في السجن منذ 19 أبريل/نيسان 2023، يواجه 10 قضايا من بينها التآمر على أمن الدولة والتخابر والاغتيالات السياسية والجهاز السري للإخوان وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر وتبييض الأموال.
واعتبر أن «الغنوشي ليس شخصا عاديا بل قاد طيلة السنوات العشر الماضية البلاد نحو خندق الإرهاب والاقتتال، وهو شخصية خطيرة عادت لتونس لتنفذ مخططات إقليمية».
وحذر من أنه «يواصل أيضا من وراء زنزانته حياكة المؤامرات أملا في الإفراج عنه».
«مسامرة رمضانية»
تعود وقائع القضية إلى «مسامرة رمضانية» نظمتها «جبهة الخلاص» الإخوانية يوم 15 أبريل/نيسان 2023 بمناسبة مرور سنة على تأسيسها.
وفي تلك المناسبة، قال الغنوشي إن «إبعاد حزب النهضة من السلطة هو تمهيد للحرب الأهلية في تونس وبداية لانطلاق الفوضى».
وأضاف أن «تونس بدون النهضة والإسلام السياسي مشروع حرب أهلية»، وأن من يدعم إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي قضت بحل برلمان الإخوان «يجب أن يرجم بالحجارة».
وفي 17 أبريل/ نيسان 2023، أوقفت السلطات التونسية الغنوشي بتهمة «التآمر على أمن الدولة والاعتداء المقصود عبر تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بالسلاح، وإثارة الهرج والقتل والسلب».
ليلة القبض على الغنوشي
تصريحات الغنوشي لم تكن وليدة صدفة، بل كانت كلمة سر لأنصاره من أجل الانطلاق في إحداث الفوضى في تونس، بحسب ما فسرته وثائق تم العثور عليها في منزله وبمنزل ابنته.
ولم تكن ليلة عادية تلك التي جرى فيها إيقاف زعيم إخوان تونس، فما صادره الأمن بمكتبه في منزله كان أكبر من القضية المعنية بمذكرة الاعتقال.
ففي تلك الليلة، داهم الأمن التونسي منزل الغنوشي وفتشه، وحينها كان الأمر يتعلق بقضية يواجه فيها اتهامات بالتحريض والدعوة للفوضى والفتنة.
لكن ما وجدته أجهزة الأمن في مكتبه تجاوز القضية المعنية، حيث تم العثور على وثائق خطيرة جدا تمس الأمن القومي لتونس، لتوجه له تهما إثر ذلك بالتآمر على أمن الدولة.
ووفقا للقانون التونسي، «يعاقب بالإعدام مرتكب الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضاً بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي»، ويُحاكم الغنوشي طبقاً لأحكام تلك المادة.
وعثرت قوات الأمن بمكتب الغنوشي على مخطط كامل الملامح يقوم على ضرورة تشكيل «لجان شعبية» في كل المدن والقرى من أبناء النهضة غير المنتسبين والمنتمين هيكليا للحركة.
وحسب المخطط، فإن «اللجان الشعبية» التي سيتم تشكيلها ستكلف باستهداف فئات معينة في المجتمع التونسي لتحريضها على الدولة وعلى الرئيس قيس سعيد تحديدا.
كما رصد هذا المخطط مبالغ مالية محددة لتلك الأعمال، وقد عثر أيضا على قائمة تضم أسماء قيادات أمنية وعسكرية سابقة من أجل إعادة اختراق الأمن والجيش التونسيين.
و«اللجان الشعبية» مصطلح تطلقه حركة النهضة على مليشيات تشكلها من اللصوص وأصحاب السوابق، وتوظفها لاستهداف أشخاص أو أحزاب منافسة، تماما كما فعلت في 2011 تحت مسمى «لجان ورابطات حماية الثورة».