اخترنا لكم

إعلام الإخوان: إدارة الدول وإدارة الفتن

ضياء رشوان


نتابع معاً في هذا المقال شكل ومضمون إعلام جماعة الإخوان التقليدي وعلى شبكات التواصل تجاه مصر والموجه ضدها من خارجها، سواء قام به أعضاء منتمون للجماعة أو “ملتحقة” بهم من تيارات أخرى متحالفة معها. وفي هذه المرة سنركز على ما يبثه ويكتبه هذه الإعلام حول مختل

وكما لاحظنا في مقالاتنا السابقة، فهذا الإعلام لا يرى في كل تلك الملفات والقضايا من شيء إيجابي يحدث، وهو طوال الوقت يهاجم أو يتندر أو يسب السياسات المتبعة فيها والقائمين عليها في كل مستويات الدولة المصرية.

ويبدو من حيث الشكل أن هذا متوقع من جماعة تسعى عبر إعلامها لقلب نظام الحكم عبر تأليب عموم المصريين عليه، بزعم وترويج فشل سياساته وإضراراها بمصالح الشعب المصري. أما غير المتوقع من إعلام جماعة تسعى منذ ما يقارب مئة عام لحكم مصر، واختلسته بالفعل لفترة بين عامي 2011 و2013، فهو أنه يقدم هذه الجماعة عبر شاشاته ومواقعه وصفحاته بصورة مخالفة تماماً لذلك الهدف الذي يبدو أقرب للسراب البعيد.

وأول الملاحظات هي أن الإعلام الإخواني بكل أشكاله لا يقدم إلا نادراً للغاية مسؤولين من الجماعة بكل تشققاتها ومن كل الدول المقيمين فيها، لكي يتحدثوا عما يرونه من سلبيات للدولة المصرية في إدارة ملفات الحكم، ولا لكي يقدموا ما لدى جماعتهم من رؤى وخطط بديلة لما يقوم إعلام الإخوان بالهجوم عليه بل وسبه بلا انقطاع.

وحتى من تتم استضافتهم من مسؤولي الجماعة وأعضائها للحديث عما لديهم من بدائل لما ينتقدونه أو يسبونه من سياسات، لا تجد سوى كلام عام ورؤى أقرب للأمنيات أو الدعاية، ولا شيء يذكر مفصلاً ويحتوي على الموارد اللازمة البشرية والمادية أو الطرق التفصيلية التي ستوجه إليها من أجل تحقيق الأهداف المعلنة.

وتتعلق الملاحظة الثانية بمضمون الهجوم أو السباب الموجه من إعلام الإخوان وضيوفه المحدودين ومسؤولي الجماعة الأكثر محدودية، على سياسات الدولة المصرية، وما يدعونه من سياسات بديلة لها.

فبالنسبة للأرقام والمعلومات المنشورة من جانب الدولة المصرية، فهي كما ذكرنا لا تحظى سوى بالهجوم والسباب ومحاولات يائسة لتفنيد صحتها أو معانيها. أما أن يطرح إعلام الإخوان وضيوفه ومسؤولو الجماعة، معلوماتهم وبياناتهم الخاصة والتي يدعون كذب ما تعلنه الدولة المصرية منها، فهو أمر غير موجود على الإطلاق في هذا الإعلام، ولا يوجد لديهم سوى ما يعلقون عليه من معلومات وبيانات الدولة المصرية بشتى صور السب والتشهير والاتهام.

وترتبط الملاحظة الثالثة والأخيرة، بالاستنتاج أو الانطباع العام الذي يأخذه متابع إعلام الإخوان فيما يخص ما يمكن تسميته “إدارة الدولة”، فلا يمكن لعاقل أو حتى نصف عقل مصري أن يتخيل بعد المتابعة الدقيقة والتفصيلية على مدار أيام وأسابيع، أن الجماعة التي تقف وراء هذا الإعلام بكل إمكانياته المادية الهائلة، يمكن له أن يأتمنها على حكم بلده وإدارة شئونها.

ففراغ الرؤية والتصورات وقبلهما المعلومات والبيانات هو المهيمن الكامل على كل ما يرد في هذا الإعلام، حول ما يزعمه من قدرة لدى الجماعة على إدارة الدولة المصرية بمختلف ملفاتها المركبة والمعقدة في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها.

ويخرج المتابع المدقق لإعلام الإخوان بخلاصة وحيدة ونهائية وهي أنه إعلام لا يملك هو وجماعته أي قدرة على إدارة، ليس فقط الدولة المصرية بحجمها الكبير وشعبها الأكبر عربياً وعمقها التاريخي الطويل، بل وأيضاً أصغر دولة في العالم.

إنه إعلام وجماعة الفتن وليس إدارة الدول.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى