إلى الخليج العربي.. الصين تأتي بقوة

تضرب منطقة الخليج العربي أروع المثل في النجاح والتقدم، جاعلة من نفسها نموذجا يُحتذى للعرب والعالم.

ونخص هنا التطور المتسارع بإتقان داخل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كونهما البلدين الأكثر نموا والأقدر على تحقيق الرؤى المستقبلية.

من هذا المنطلق يحتدم السباق التنافسي بين الدول الكبرى، بغية توسعة الشراكات مع السعودية والإمارات، سواء كان ذلك في إطاره السياسي الاستراتيجي، أو في مجالات اقتصادية متنوعة، تبدأ بالطاقة ولا تنتهي عند حد معين من التعاون في مجالات الزراعة والصناعة والتجارة العابرة للقارات.

ويمثل الإعلان عن زيارة مرتقبة إلى السعودية يقوم بها الرئيس الصيني -بعد انتخابه لولاية ثالثة في بلاده- حدثا يكتسب أهمية بالغة الدقة، في ظل العمل أثناء الزيارة على عقد قمم ثلاث، الأولى سعودية صينية، والثانية عربية خليجية صينية، والثالثة عربية صينية.

ولا يخفى على عاقل، تموضع الصين كقوة عالمية كبرى، تتقدم صناعيا واقتصاديا بطريقة مختلفة عما عهده العالم في مراحله السابقة، وفي الوقت نفسه تحاول بكين تقديم نفسها للعرب، ولا سيما منطقة الخليج العربي، كشريك موثوق به، وقادر على تقديم المفيد لحلفائه.

والحديث الذي أدلى به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام، عن ضرورة وجود السعودية على سبيل المثال كعضو في مجموعة بريكس، هو حديث يشرح أبعاد التعاون غير المحدود لدى صناع القرار في الخليج العربي، من أجل توسيع مروحة الشراكات، كي تتناسب كمّا وكيفا مع رؤية “السعودية 2030” أو غيرها من الرؤى المماثلة في دول الخليج العربي.

وتعمل دول بريكس على إقامة نظام مراسلات مالية خاص، ووكالة تصنيف مستقلة، وتكامل أنظمة الدفع خارج منصة الاتصالات الأمريكية “سويفت”، واستخدام العملات الوطنية في عمليات التصدير والاستيراد، وهي بهذه المواصفات والتطلعات تمنح مَن يدخل إلى ناديها مزيدًا من الاستقلالية في القرار الاقتصادي العالمي.

والتحديات أمام السعودية والإمارات كبيرة لتحقيق إنجازات كبرى، لكن يتفق معي كثيرون على أن مرونة القيادة السعودية والإماراتية في التعامل مع الأحداث ستكون كفيلة بتجاوز هذه التحديات.

ولعل “أمريكا بايدن” تنظر بعين الريبة للبريكس، وحتى لزيارة الرئيس الصيني إلى المنطقة العربية، والأوضاع الاقتصادية والسياسية الصعبة التي يعيشها العالم تستوجب التفكير خارج الصندوق، والتغريد خارج السرب، لأن المصالح صارت لغة رسمية عالمية يريد الجميع أن يتحدث بها وحدها.

وحين ترتفع أصوات ساسة أمريكيين ضد إدارة بايدن، متوعدين إياها بالندم، نتيجة هذه الحالة الغريبة من العلاقة مع الشرق الأوسط، فإن هذا الارتفاع لهذه الأصوات يعكس الحنق السياسي والسخط الشعبي ضد بايدن، الذي يقوم بكل ما يلزم لإلحاق الضرر بمصالح واشنطن مع حلفائها.

وقد يجد الندم طريقه قريبا نحو ساكن البيت الأبيض ورفاقه، سيما وأن الرهان الآن على تعزيز العلاقات العربية مع الصين جزء من التحول العربي نحو دولة أخرى عملاقة.

الصين هي التي قررت زيارة منطقة الخليج العربي، ومد جسور التعاون مع العرب أكثر فأكثر، وبالتالي فإن الصينيّ يبحث عما يفيده، فلماذا ترفض أمريكا اليوم البحث عما يفيدها وتشغل نفسها بزيادة أعداء الكارهين؟!