إيران

إيران.. أصوات برلمانية تدعو لإعادة النظر في العقيدة النووية


دعا أكثر من 70 نائبًا في مجلس الشورى الإسلامي إلى إعادة النظر في العقيدة الدفاعية للجمهورية الإسلامية، بما في ذلك السياسات المتعلقة بالملف النووي. وذلك في رسالة رسمية موجهة إلى رؤساء السلطات الثلاث والمجلس الأعلى للأمن القومي بعد قرار مجلس الأمن إعادة تفعيل العقوبات، في مؤشر جديد على تصاعد لهجة التحدي داخل الأوساط السياسية الإيرانية.

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب القرار الدولي الأخير بإعادة تفعيل العقوبات المفروضة على إيران بسبب انتهاكات متعلقة ببرنامجها النووي، وهو ما اعتبرته طهران استهدافًا سياسيًا وانحيازًا صارخًا لصالح إسرائيل، المتهمة من قبل إيران بالوقوف وراء سلسلة من الهجمات والعمليات التخريبية داخل أراضيها.
وتعد الرسالة التي وقع عليها عشرات النواب الى رؤساء السلطات الثلاث والمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، واحدة من أقوى المؤشرات على تنامي أصوات داخل المؤسسة التشريعية تطالب بتجاوز القيود الدينية والقانونية التي حالت دون تطوير قدرات نووية عسكرية حتى الآن. مستشهدين بتغير الظروف الإقليمية والدولية، وفشل المنظومة الأممية في كبح جماح ما وصفوه بـ”العدوان الإسرائيلي المتكرر”.

وأشار النواب إلى فتوى صدرت عام 2010 عن المرشد الأعلى علي خامنئي، تحرّم إنتاج واستخدام الأسلحة النووية. لكنها ـ وفق تفسيرهم ـ ليست نهائية في حال تغيرت الظروف وتهددت المصالح العليا للجمهورية الإسلامية. وبحسب نص الرسالة. فإن “الفقه الإمامي يجيز تغيير الحكم الفقهي في ضوء تبدّل الظروف والمصالح، لا سيما حين يتعلق الأمر بالحفاظ على الإسلام ونظام الحكم الإسلامي”.
وذهب النواب إلى حد المطالبة الصريحة بمراجعة العقيدة الدفاعية بما يسمح بإنتاج وامتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض الردع، وليس للاستخدام الهجومي. مستندين إلى آيات قرآنية تشرّع الاستعداد العسكري لمواجهة ما وصفوه بـ”جبهة الاستكبار العالمي”.

وجاء في الرسالة: “”إن استخدام الأسلحة النووية يندرج تحت حرمة فتوى سماحة قائد الثورة الإسلامية في عام 2010. ولكن الصنع والاحتفاظ كوسيلة للردع هو موضوع آخر…”، في إشارة واضحة إلى رغبة في التحرر من الفتوى أو إعادة تفسيرها بما ينسجم مع الظروف المستجدة.
هذا الخطاب يُعد تطورًا لافتًا، إذ طالما استندت إيران إلى الفتوى الدينية لتأكيد سلمية برنامجها النووي، واستخدامها كوسيلة لصد الضغوط الغربية. أما اليوم، فإن الرسالة البرلمانية تحمل لهجة مغايرة تتجه نحو شرعنة خيار الردع النووي، دون إعلان صريح عن النية لصنع سلاح نووي.
واتهمت الرسالة صراحة القوى الغربية والمجتمع الدولي بـ”العجز عن ضبط السلوك الإسرائيلي”، مشيرة إلى أن الاستهداف المستمر للأراضي الإيرانية. وعدم مساءلة إسرائيل عن أنشطتها النووية، يبرر إعادة النظر في الخيارات الإيرانية.

واعتبر النواب أن “الكيان الصهيوني بلغ حد الجنون. ويقوم بعمليات هجومية دون اعتبار لأي قوانين دولية، مما يستوجب ردًا استراتيجيا من طهران”.
وتأتي هذه الرسالة في توقيت حرج، حيث تعاني إيران من عزلة متزايدة بعد صدور قرار من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. يعيد تفعيل العقوبات الأممية المجمدة بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018.
وفي حال تم تبني الرسالة برلمانيًا وتحولت إلى سياسة فعلية، فإن ذلك قد يؤدي إلى تفاقم التوترات مع الغرب، ويقوض أي مساعٍ دبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي. الذي كان هدفه الأساس ضمان سلمية البرنامج الإيراني مقابل رفع العقوبات.

ولا تعبر الرسالة البرلمانية فقط عن قلق أمني. بل تكشف عن تحول في المزاج السياسي داخل إيران، باتجاه خيارات أكثر تشددًا وصدامًا مع المجتمع الدولي. وبينما تواصل طهران تأكيد التزامها بالسلمية إلا أن الخطاب الجديد قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الغموض الاستراتيجي. قد تُترجم إلى تسريع الأنشطة النووية الحساسة، وإعادة رسم توازنات الردع في المنطقة.
وفي ظل غياب ضمانات دولية حقيقية، وتزايد الضغوط على طهران. يبدو أن بعض الجهات داخل النظام الإيراني لم تعد ترى في “الفتاوى” ولا في “الاتفاقات” سياجًا كافيًا لحماية الجمهورية الإسلامية. ما يفتح الباب أمام تصعيد غير مسبوق في مسار الأزمة النووية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى