اتحاد الشغل يتوسط في الأزمة بين هيئة الانتخابات والقضاء في تونس
دخل الاتحاد العام التونسي للشغل على خط الأزمة بين هيئة الانتخابات والقضاء، في خطوة قد تؤثر على مسار الخلاف الدائر بين المؤسستين.
أعرب الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر مركزية نقابية، اليوم الثلاثاء عن رفضه قرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عدم اعتماد 3 مرشحين للانتخابات الرئاسية قضت المحكمة الإدارية بإعادتهم إلى السباق الرئاسي المقرر في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، فيما يبدو أن المنظمة العمالية تسعى إلى تسجيل موقف سياسي بعد أن رفض الرئيس قيس سعيد كافة الضغوط التي مارستها بهدف استعادة دورها في المشاركة في صنع القرار مثلما كان الحال خلال المنظومة السابقة.
وتقلّب اتحاد الشغل طيلة الفترة الماضية بين التصعيد والمهادنة في معركة لي الأذرع التي خاضها لدفع السلطة السياسية القائمة للاعتراف بمبادرته للحوار الوطني التي أعدها بالمشاركة مع منظمات وطنية أخرى من بينها عمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان واتحاد الصناعة والتجارة من أجل وضع حد لما يسميها بـ”أزمات تونس”.
وسلك الصدام بين اتحاد الشغل والسلطة السياسية القائمة في بعض الأحيان منعرجا خطيرا، لكن سعيد كان واضحا في موقفه الرافض لاستنساخ التجربة السابقة عندما كانت المنظمة النقابية شريكا في رسم السياسات واتخاذ القرارات، إذ يرى في ذلك مساسا بشرعية مسار 25 يوليو/تموز.
وفشل اتحاد الشغل في الكثير من المناسبات في تجييش الشارع في المواجهة مع سعيد، لا سيما وأن الرئيس يحظى بتأييد فئات واسعة من التونسيين الذين يحملون المنظمة النقابية المسؤولية عن بعض الأزمات التي عاشتها البلاد خلال العشرية السابقة، فيما يذهب البعض إلى حد المطالبة بوضع حد لما يصفونه بـ”تغول” الاتحاد.
وقال اتحاد الشغل، في بيان “في سابقة قانونية وتاريخية عمدت الهيئة العليا للانتخابات إلى إلغاء قرارات المحكمة الإدارية بخصوص قبول عدد من الترشحات للانتخابات الرئاسية”.
وأضاف أنه يرفض “هذا القرار الخارج على القانون ويعتبره توجيها ممنهجا ومنحازا وإقصائيا وتأثيرا مسبقا على النتائج الانتخابية، علاوة على أنه ضرب صارخ للسلطة القضائية ولأحكامها”.
كما اعتبر أن قررا الهيئة يمثل “تأكيدا على غياب المناخ الملائم والشروط الضرورية لانتخابات ديمقراطية وتعددية وشفافة ونزيهة”.
والمرشحون الثلاثة هم عبداللطيف المكي الأمين العام لحزب العمل والإنجاز (معارض) والمنذر الزنايدي وهو وزير سابق بعهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي (معارض) وعماد الدايمي مدير ديوان الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي (معارض).
والاثنين قال رئيس هيئة الانتخابات فاروق بو عسكر في مؤتمر صحفي إن “الرئيس قيس سعيد، والعياشي زمال (حركة عازمون – معارض) وزهير المغزاوي (حركة الشعب – مؤيدة للرئيس)، الذين اعتُمدت ترشحاتهم في 10 أغسطس/آب الماضي هم فقط المعتمدون نهائيا للانتخابات الرئاسية”.
وتابع “تعذّر الاطلاع على نسخ الأحكام الصادرة عن الجلسة العامة للمحكمة الإدارية في أجل 48 ساعة من تاريخ التصريح بها، رغم مطالبة الهيئة بتلك الأحكام”.
والاثنين، قال مهدي عبدالجواد، وهو عضو بحملة العياشي زمال الانتخابية، إن السلطات أوقفت زمال بتهمة “تزوير تزكيات” لخوض الانتخابات.
وفي أغسطس/آب الماضي، دعت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، عبر بيان، الحكومة التونسية إلى وقف ما اعتبرته “تدخلا سياسيا” من جانبها في الانتخابات الرئاسية.
وأضافت أنه “بعد سجن عشرات المعارضين والنشطاء البارزين، أبعدت السلطات التونسية جميع المنافسين الجِديين تقريبا من السباق الرئاسي، ما يجعل التصويت مجرد إجراء شكلي”.
وفي أكثر من مناسبة، شدد الرئيس سعيد إن النظام القضائي في بلاده مستقل وأنه لا يتدخل في شؤونه، بينما تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة خصومه السياسيين والمنافسين المحتملين له في انتخابات الرئاسة.
وأعلنت جبهة الخلاص الوطني المعارضة، التي تمثل الواجهة السياسية لحركة النهضة الإسلامية، في أبريل/ نيسان الماضي، أنها لن تشارك في الانتخابات بدعوى “غياب شروط التنافس”، بينما تقول السلطات إن الانتخابات تتوفر لها شروط النزاهة والشفافية والتنافس العادل.
وقاطعت المعارضة كل الاستحقاقات التي تضمنتها إجراءات استثنائية بدأها سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، وشملت حلّ مجلسي القضاء والنواب وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسا لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد “تصحيحا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987 – 2011).