اتصالات سرية بين غانتس والأميركيين تثير غضب نتنياهو
قالت هيئة البث الإسرائيلي إن التوتر داخل مجلس الحرب في الحكومة بلغ ذروته خلال الأيام الأخيرة بسبب شكوك بشأن اتصالات سرية بين وزراء في مجلس الحرب والجانب الأميركي ووسط تهديدات من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باجتياح منطقة رفح وكذلك رفضه إعادة الوفد المفاوض للقاهرة.
ونقلت الهيئة عن مسؤول حكومي لم تسمه، قوله إن “رئيس الوزراء والوزير في مجلس الحرب بيني غانتس، لم يتحدثا مؤخرا إلا نادرا، ويرجع ذلك جزئيا إلى شكوك نتنياهو في وجود قناة مباشرة بين الوزير والأميركيين”.
وأضاف المسؤول أن “نتنياهو يشك في أن غانتس يتواصل دون معرفته مع كبار المسؤولين في واشنطن” مشيرا إلى أن “الوزير الآخر في مجلس الحرب غادي آيزنكوت، انتقد نتنياهو بعد أن امتنع الأخير عن إبلاغ أعضاء المجلس بالقرارات التي اتخذها بشأن منع الوفد من الذهاب إلى القاهرة، لمناقشة صفقة إطلاق سراح المحتجزين في قطاع غزة”.
واعتبر آيزنكوت أن ما فعله رئيس الوزراء “سلوك خطير يتناقض مع الاتفاقات التي على أساسها تم تشكل مجلس الحرب، ومن غير المقبول أن يتخذ رئيس الوزراء هذه القرارات بمفرده”، وفق المصدر نفسه.
والأربعاء، قالت وسائل إعلام عبرية، بينها صحيفة “هآرتس”، إن نتنياهو أوعز للوفد الإسرائيلي الذي كان من المفترض أن يسافر الخميس لاستئناف مفاوضات تبادل الأسرى في القاهرة، بعدم الذهاب إلى هناك.
ومنذ تشكيل مجلس الحرب في أكتوبر/ تشرين الأول 2023. تحدثت وسائل إعلام عبرية مرارًا عن خلافات كبيرة داخله، تتعلق بصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، ووقف إطلاق نار في غزة فيما يضغط اليمين الديني لرفض أي اتفاق لوقف الحرب.
ويكثّف المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الجمعة دعواته لثني إسرائيل عن شنّ هجوم واسع النطاق في رفح حيث يوجد ما يقرب من 1.5 مليون فلسطيني محاصرين على الحدود مع مصر.
وبعد أربعة أشهر من الحرب بين إسرائيل وحماس. تتركّز العمليّات العسكريّة في جنوب قطاع غزّة المحاصر والمدمّر، تحديدا في مدينة خان يونس حيث أعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنّه ينفّذ “عمليّة مُستهدَفَة” في مستشفى ناصر الذي يؤوي آلاف النازحين، وكذلك في رفح. وأفادت وزارة الصحة التابعة لحماس بسقوط 112 قتيلا ليل الخميس الجمعة في مختلف أنحاء قطاع غزة.
وحذّر الرئيس الأميركي جو بايدن في اتّصال هاتفي مع نتانياهو الخميس من شنّ إسرائيل عمليّة في مدينة رفح بقطاع غزّة من دون وجود خطّة لحفظ سلامة المدنيّين. وقال البيت الأبيض في بيان بايدن “كرّر موقفه لناحية أنّ عمليّة عسكريّة يجب ألّا تتمّ من دون خطّة موثوقة وقابلة للتنفيذ تضمن أمن المدنيّين في رفح”.
وأعلن نتنياهو عن “تحرّك قوي” في رفح لتوجيه ضربة قاضية لحماس. لكنّه قال إنّ جيشه سيسمح للمدنيّين “بمغادرة مناطق القتال” من دون أن يُحدّد الوُجهة.
وبحسب الأمم المتحدة، يتجمّع نحو 1.4 مليون شخص. معظمهم نزحوا بسبب الحرب، في رفح التي تحوّلت مخيّما ضخما، وهي المدينة الكبيرة الوحيدة في القطاع التي لم يُقدم الجيش الإسرائيلي. حتّى الآن على اجتياحها برّيًّا. وقالت الأمم المتحدة إنّ “أكثر من نصف سكّان غزّة يتكدّسون في أقلّ من 20% من مساحة قطاع غزّة”.
وتُعدّ رفح أيضًا نقطة الدخول الرئيسة للمساعدات من مصر والتي تُسيطر عليها إسرائيل. والمساعدات عبر هذا المنفذ غير كافية لتلبية حاجات السكّان المهدّدين بمجاعة وأوبئة.
وأكّد بايدن أيضًا خلال المحادثة الهاتفيّة “التزامه العمل بلا كلل لضمان إطلاق سراح جميع الرهائن في أقرب وقت ممكن”. وتقول إسرائيل إنّ 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزّة. بينهم 30 يُعتقد أنّهم لقوا حتفهم، من أصل نحو 250 شخصا خُطفوا في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر.
وتستمرّ في القاهرة حتّى يوم الجمعة بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة المفاوضات من أجل التوصّل إلى هدنة تشمل الإفراج عن مزيد من الرهائن الموجودين لدى حماس .والفلسطينيّين المعتقلين في إسرائيل.
وبعد أيّام من القتال في محيطه مع عناصر حماس. أكّد الجيش الإسرائيلي الخميس أنّ قوّاته الخاصّة دخلت مستشفى ناصر، وهو الأكبر في خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع. ويستقبل المستشفى آلاف المدنيّين الفارّين من الحرب. والذين بدأ إجلاؤهم تحت القصف في الأيّام الأخيرة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنّه ينفّذ “عمليّة دقيقة ومحدودة” في المستشفى. بعد حصوله على “معلومات استخباريّة موثوقة من عدد من المصادر، بما في ذلك من الرهائن المُفرج عنهم. تُشير إلى أنّ حماس احتجزت رهائن في مستشفى ناصر وأنّه قد تكون هناك جثث لرهائننا فيه”.
وبعد محادثته الهاتفيّة مع بايدن. رفض نتانياهو مساء الخميس أيّ اعتراف دولي بدولة فلسطينيّة خارج إطار استئناف محادثات السلام الإسرائيليّة-الفلسطينيّة. قائلًا إنّ خطوة كهذه “ستُقدّم مكافأة كبيرة للإرهاب”.
وكتب نتانياهو بالعبريّة على منصّة إكس “ستُواصل إسرائيل معارضة الاعتراف الأحاديّ بدولة فلسطينيّة. إنّ اعترافًا كهذا. في أعقاب مجزرة 7 تشرين الأوّل/أكتوبر. سيُقدّم مكافأة هائلة لإرهاب غير مسبوق ويمنع أيّ اتّفاق سلام مستقبلي”.
وأضاف “إسرائيل ترفض قطعًا الإملاءات الدوليّة بشأن تسوية دائمة مع الفلسطينيّين”. مشدّدًا على أنّ اتّفاق السلام لا يمكن أن ينتج سوى عن “مفاوضات مباشرة بلا شروط مسبقة”.
وكان وزيرا الأمن القومي والمال الإسرائيليّان اليمينيّان المتطرّفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش رفضا أيضًا الخميس خطّة في هذا الإطار تحدّثت عنها صحيفة “واشنطن بوست” الأميركيّة.
وذكرت الصحيفة أنّ الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل الرئيسيّة. تعمل مع حلفاء عرب على خطّة كاملة لإرساء سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيّين. تشمل وقف القتال وإطلاق الرهائن ووضع جدول زمني لإقامة دولة فلسطينيّة في نهاية المطاف.
ونقلت “واشنطن بوست” عن مسؤولين أميركيّين وعرب أنّ تنفيذ تلك الخطّة سيبدأ بوقف للنار “يُتوقّع أن يستمر ستّة أسابيع على الأقل” على أمل التوصّل إلى اتّفاق قبل 10 آذار/مارس، موعد بدء شهر رمضان.
إلا أنّ هذه الخطّة ووجِهت باستنكار الوزيرين الإسرائيليين اليمينيّين المتطرّفين اللذين اعتبرا أنّ “دولة فلسطينيّة ستشكّل تهديدًا وجوديًّا لدولة إسرائيل”.
وكتب سموتريتش على منصّة إكس “لن نوافق أبدًا على خطّة مماثلة تقول في الواقع إنّ الفلسطينيّين يستحقّون مكافأة على المجزرة الرهيبة التي ارتكبوها”.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك لنتانياهو الخميس إنّ التفاوض على هدنة إنسانيّة في قطاع غزّة هو “أولويّة فوريّة”، وفقا لداونينغ ستريت.
وتحدّث سوناك هاتفيا مع نتانياهو بعد الظهر و”أكّد مجددا أنّ الأولويّة الفوريّة يجب أن تكون التفاوض على هدنة إنسانيّة للسماح بالإفراج الآمن عن الرهائن وتسهيل تسليم مزيد من المساعدات إلى غزّة. بما يؤدّي إلى وقف إطلاق نار دائم على المدى الطويل”. حسبما قال المتحدّث باسم رئيس الوزراء البريطاني.
واندلعت الحرب في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصًا، معظمهم مدنيّون. حسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسميّة إسرائيليّة.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مركّز أتبعتها بهجوم برّي واسع في القطاع. أسفر عن مقتل 28663 شخصًا في قطاع غزّة. غالبيّتهم نساء وأطفال، حسب وزارة الصحّة التابعة لحماس.
وقُتل 77 صحافيا وموظفا في مجال الإعلام “بهجمات إسرائيلية على غزة” خلال الحرب بين الدولة العبرية وحركة حماس، من أصل 99 قضوا في كل أنحاء العالم في العام 2023. حسب حصيلة سنوية نشرتها لجنة حماية الصحافيين الخميس، وتعدّ من الأسوأ على الإطلاق.