تركيا

استراتجية أردوغان لإنجاح المحادثات مع مصر


هل تكفي “حسن نوايا” تركيا لإنجاح المحادثات مع مصر؟ قطعا لا، وفق خبراء أتراك يرون أن أنقرة عازمة على إنجاح المفاوضات عبر خطوات عملية.

توليفة صعبة لنظام تركي مطالب بـ”أفعال” تدعم مساعيه لتحقيق المزيد من التقارب مع القاهرة، وذلك عبر الشروع في خطوات عملية نحو التهدئة وخطب الود.

وقبل أيام من زيارة نائب وزير الخارجية المصري حمدي لوزا إلى أنقرة لإجراء جولة ثانية من “المباحثات الاستكشافية”، أكد معارض تركي أن نظام رجب طيب أردوغان أغلق، بالآونة الأخيرة، عددا من المراكز الإخوانية، دون أن يستبعد تسليم أنقرة لاحقا لعناصر من التنظيم لمصر، من المطلوبين على ذمة قضايا إرهاب وعنف.

فيما توقع قيادي سابق في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم بتركيا، أن تفضي الجولة الثانية من المباحثات بين البلدين إلى “نتائج إيجابية” وتعزيز العلاقات مع القاهرة على المستوى الوزاري.

وتعود المحادثات الاستكشافية بين مصر وتركيا عقب تعثرها، بإعلان القاهرة عن زيارة مرتقبة لنائب وزير خارجيتها حمدي لوزا إلى أنقرة، في زيارة رسمية ستكون الأولى لوفد مصري إلى تركيا منذ 8 أعوام، بعد تدهور العلاقات في أعقاب سقوط حكم تنظيم الإخوان في يوليو/ تموز 2013، وإيواء أنقرة عددا كبيرا من عناصر التنظيم.

وفي بيان صدر الثلاثاء الماضي، قالت الخارجية المصرية: “استجابة للدعوة المقدمة من وزارة الخارجية التركية، يقوم نائب وزير الخارجية بزيارة إلى أنقرة يومي 7 و8 سبتمبر/أيلول 2021، لإجراء الجولة الثانية من المحادثات الاستكشافية بين مصر وتركيا”.

وأوضح البيان أنه من المنتظر أن تتناول الزيارة “العلاقات الثنائية بين الجانبين، فضلا عن عدد من الملفات الإقليمية”.

نتائج إيجابية 

في أعقاب الإعلان عن جولة المحادثات الاستكشافية الثانية، توقع رسول طوسون، المحلل السياسي التركي والنائب السابق في البرلمان عن حزب العدالة والتنمية، أن تؤدي المفاوضات إلى تعزيز العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة إلى المستوى الوزاري، لكنها على المستوى الرئاسي ستأخذ الأمور بعض الوقت، حسب تقديره.

وأكد طوسون، في حديث خاص من أنقرة لـ”العين الإخبارية”، أنه من المرجح أن تسفر الجولة الثانية من المباحثات عن “نتائج إيجابية” على صعيد مسار تطوير وتطبيع العلاقات بين البلدين.

وردا على الأنباء التي تتحدث عن تسليم محتمل لقيادات إخوانية لمصر خلال الفترة المقبلة، قال طوسون إنه لا يمتلك معلومات بهذا الشأن، مستبعدا حدوث ترحيل قيادات الإخوان حاليا.

التخلي عن الإخوان

من جانبه، تحدث المعارض التركي تورغوت أوغلو، عن خطوات عملية قام بها النظام التركي خلال الفترة الماضية لإبداء حسن نواياه ورغبته في التطبيع مع القاهرة.

وأشار أوغلو، في حديث خاص لـ”العين الإخبارية”، إلى قيام نظام أردوغان بإغلاق عدد من المراكز الإخوانية في تركيا، وصفحات تابعة للتنظيم تدار من داخل البلاد.

ووفقا لما لديه من معلومات، قال المدير الإقليمي السابق لصحيفة “الزمان” التركية، إن نظام أردوغان يعتزم ترحيل بعض عناصر الإخوان المطلوبين على ذمة قضايا إرهاب وعنف في مصر خلال الفترة المقبلة، عقب انتهاء جولة المباحثات الاستكشافية الثانية.

واستدرك: “لكن من المستبعد تسليم الكوادر والقيادات للقاهرة، وعلى الأرجح سيتم ترحيلهم لبلد ثالث ربما لأحدى الدول الأوربية”.

وردا على سؤال بشأن ما إذا كان أردوغان سيتخلى عن الإخوان بشكل نهائي، أجاب أوغلو: “لا أستبعد تخلي الرئيس التركي في الوقت الحالي عن الإخوان تماشيا مع البراجماتية السياسية التي يتمتع بها، وقد يعود إليهم مرة ثانية لاحقا”.

واعتبر أن قبول القاهرة الدعوة لجولة ثانية من المحادثات “خبر جيد جدا لأنقرة”، لافتا إلى أن ذلك “يؤشر لمرحلة جديدة من الانفتاح والتعاون واستكشاف آفاق المستقبل بين البلدين”

وفي هذا الإطار، رجح “أوغلو” عقد لقاء قريب بين وزيري خارجية البلدين، عقب نجاح الجولة الثانية في أنقرة.

ورأى المعارض التركي أن العلاقات المصرية التركية ستعود قريبا عبر المدخل الاقتصادي والثقافي، أما على الجانب السياسي، فالأمر سيأخذ وقتا أطول.

حذر مصري

وفي تعقيبه على إصرار القاهرة على وصف جولة المحادثات مع الجانب التركي بـ”الاستكشافية”، قال “أوغلو” إن هذا الأمر يُظهر مدى توخيها الحذر في التعامل مع تركيا.

وأكد أوغلو أن عددا كبيرا من رجال الأعمال الأتراك ينتظرون عودة العلاقات لطبيعتها بين البلدين من أجل الاستثمار في مصر، مؤكدا أن الجانبين سيتفقان في نهاية الأمر.

ووفق المعارض التركي، فإن أنقرة أدركت مؤخرا النتائج السلبية لسياستها العدائية لمصر ودول الخليح، بعد 10 أعوام من التدخل في شئون البلدان العربية الداخلية منذ عام 2011.

وفي حديث سابق لـ”العين الإخبارية”، أكد الدكتور طه عودة أوغلو، المحلل السياسي التركي والباحث بالعلاقات الدولية، أن جميع المؤشرات الحالية تؤكد أن البوصلة التركية مصممة على السير باتجاه إحراز تقدم في ملف التطبيع.

وأضاف أن أنقرة تدرك أن هذا التوجه من شأنه أن يحقق -بطريقة أو بأخرى- مكاسب لها أكثر من القطيعة، ويفتح نوافذ لتحالفات جديدة وفرص استثمار في منطقة شديدة التعقيد والحساسية والأهمية بكل المقاييس.

وبعد فترة من التودد لمصر، أعلنت أنقرة في مارس/آذار الماضي استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر، كما وجهت وسائل الإعلام الإخوانية العاملة على أراضيها بتخفيف النبرة تجاه القاهرة.

وفي 14 أبريل/ نيسان الماضي، أعلن زير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو “بدء مرحلة جديدة ستشهدها علاقات البلدين”، مشيراً إلى أنه ستكون هناك “زيارات ومباحثات متبادلة في هذا الإطار”، وهو ما أثمر أول لقاء من المحادثات الاستكشافية بين الطرفين، جرت بالقاهرة، في مايو/ أيار الماضي.

وفي 5 و6 مايو/أيار الماضي، توجه وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال إلى القاهرة في أول زيارة من نوعها منذ 2013، وأجرى محادثات “استكشافية” مع مسؤولين مصريين بقيادة “لوزا” لبحث التقارب وتطبيع العلاقات.

وتعود المحادثات الاستكشافية من جديد بين مصر وتركيا بعد أن توقفت منذ مايو/أيار الماضي.

وفي يونيو/حزيران الماضي، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن خطوات تركيا ضد الإخوان غير كافية، مضيفا في تصريحات إعلامية: “نتوقع أن تصاغ العلاقات المصرية التركية على أساس المبادئ التي تحكم العلاقات الدولية المستقرة، بما في ذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية وحسن الجوار، وعدم السماح بأي نشاط على أراضي الدولة في إطار زعزعة استقرار دولة أخرى”.

وتتمسك القاهرة بخروج أنقرة غير المشروط من الأراضي الليبية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، والالتزام بمبادئ حسن الجوار مع دول المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى