استمرار الصومال في مواجهة الارهاب بتجفيف منابع تمويل حركة الشباب
وقع أكثر من 12 تفجيراً في مقديشو، عاصمة الصومال، وضواحيها، في شهري نوفمبر وديسمبر 2023، وقد كشفت هذه التفجيرات عن نمط واضح، وهو استهداف شركة هرمود للاتصالات، وأسفرت التفجيرات عن مقتل ثلاثة موظفين على الأقل وتدمير مكاتب وأبراج اتصالات ومركبات.
يعتقد محللون أن حركة الشباب استهدفت أكبر شركة اتصالات في الصومال بعد أن منعت «الزكاة» عن هذه الجماعة الإرهابية.
فقال الأكاديمي النرويجي جارل ستيغ هانسن لمجلة «أفريكا ريبورت»: ”أظن أن هذا ما حدث إلا بسبب امتناعهم عن دفع الزكاة؛ فقد بات الوضع أصعب على حركة الشباب، لكن هذه المعركة على الزكاة في مقديشو لم تنتهِ بعد، ويتوقف ذلك على عدد القنابل التي يمكنها استهداف الشركات التجارية الكبرى داخل مقديشو بها.“
بدأت الحكومة الصومالية في عام 2022 تركز على تجفيف منابع تمويل حركة الشباب، وحالفها بعض التوفيق بحظر حسابات مصرفية وهواتف محمولة مرتبطة بها. بيد أن هؤلاء الإرهابيين الموالين لتنظيم القاعدة يواصلون تمويل هجماتهم بفرض الزكاة (شهرياً وسنوياً) نقداً، وغسل الأموال بشراء الذهب من دول العالم، وإرهاب رؤساء البنوك بسلاح التهديد والعنف.
يرى السيد مات برايدن، الخبير الأمني والمستشار الاستراتيجي في مؤسسة ساهان البحثية بكينيا، أن الصومال يخوض معركة ضارية.
وقال لمجلة «أفريكا ريبورت»: ”لهم قاعدة ضريبية حقيقية وقوية؛ يمكنك أن تسميها ابتزازاً، يمكنك أن تسميها ما تشاء. لكنها موجودة، وحقيقية، وتؤتي ثمارها. وقد يعتمدون أكثر على الاحتفاظ بالأموال في المناطق نقداً، أو يجعلون التجار يدفعون لهم عيناً، فلا يضطرون إلى نقل مبالغ كثيرة، ويتسمون بقدرتهم الكبيرة على التكيف، وقاعدتهم المالية أكبر بكثير من بضع مئات من الحسابات المصرفية في مقديشو.“
تعتبر حركة الشباب واحدة من أغنى الجماعات المسلحة في العالم، إذ تجني ما يتراوح من 100 مليون إلى 150 مليون دولار أمريكي سنوياً عن طريق الابتزاز، وفرض الزكاة على المشاريع والشركات المحلية والأفراد، وتسهيل التجارة غير المشروعة، وتحصيل الرسوم على البضائع في نقاط التفتيش على الطرق والموانئ في الأراضي التي تسيطر عليها. وتسيطر على مساحات شاسعة من وسط البلاد وجنوبها، حيث تقوم أنشطة التجارة على الزراعة.
وقال خبير صومالي في مجال الخدمات المصرفية الإلكترونية طلب عدم الكشف عن هويته إن البنوك تواجه سلاحاً ذا حدين لأنها تحتاج إلى الاستفادة من هذه الجماعة المتشددة. وعلى استعداد للتحايل على اللوائح التي وضعتها الحكومة في عام 2022.
وقال لمجلة «أفريكا ريبورت»: ”لقد جمدت البنوك الأموال في الحسابات المصرفية. لكنها تسمح لهم بسحب الأموال بكل سهولة ويسر، لأنها لا تريدهم أن يتركوا البنك. وتحدثوا مع رئيس البنك، وهو لا يريد أن يخسر أعماله. ويضغطون على مديري البنوك للإفراج عن المبالغ [المجمدة].“
كما ذكر أن الحكومة اتخذت إجراءات للتصدي لذلك، فطلبت وضع كاميرات في سوق بكارو في مقديشو للحد من الابتزاز. إلا أن جهاز «أَمنيات» اكتفى بالمطالبة بالأموال. وهذا الجهاز هو الجناح الأمني والاستخباري السري لحركة الشباب. وهو الذي يجمع أموالها ويدبر شؤونها المالية.
وذكر الدكتور يحيى حاج إبراهيم، وهو أكاديمي مقيم في مقديشو. أن تمكين الناس من منع الزكاة يعتبر أفضل فرصة للحكومة لتجفيف منابع تمويل الحركة.
وقال لمجلة «أفريكا ريبورت»: ”احتشد المجتمع المدني ضدهم. فيذهبون إلى مركز الشرطة عندما يرونهم. فهي تنظيم ثري، لكن ثرواتهم آخذةً في التراجع. والبدو يمتنعون عن دفع الزكاة، ولا يستطيعون فرضها عليهم.“
وقال إنه واثق من أن ”الحكومة تعصرهم عصراً، وأن المخابرات الصومالية قد اخترقتهم. وتلقي الحكومة القبض على أشخاص من المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب.“