تركيا

اعتقال إمام أوغلو يفتح باب الشهرة لأوزيل.. نجومية غير متوقعة


في الأسابيع القليلة التي تلت سجن زعيم المعارضة التركي أكرم إمام أوغلو، أصبح أوزغور أوزيل وجها لأكبر الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد منذ أكثر من عقد من الزمان.

وكان أوزيل زعيما غير بارز نسبيا لحزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي، حتى اعتقال رئيس بلدية إسطنبول في 19 مارس/آذار. ومنذ ذلك الحين، برز اسمه في دائرة الضوء، محليا ودوليا.

ولطالما كان يُنظر إلى إمام أوغلو على أنه السياسي التركي الوحيد القادر على تحدي الرئيس رجب طيب أردوغان في صناديق الاقتراع، حيث انتخبه حزب الشعب الجمهوري مرشحا له في انتخابات الرئاسة المقررة في العام 2028 في اليوم الذي سُجن فيه.

وقد تمكن أوزيل الذي أعيد انتخابه زعيما للحزب يوم الأحد، من حشد مئات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع، الذين سخروا من أردوغان وحملوا لافتات تطالب الحكومة بالاستقالة وشعارات من قبيل “سنطيح بالسلطان”.

“يا أردوغان، سننزل إلى الشوارع من الآن فصاعدا. اخشنا!”.. صرخ أوزيل بصوته الأجشّ المعهود الذي بدا أنه على وشك فقدانه بعد أيام من الاحتجاجات والخطب الحماسية. وقد أدى ذلك إلى تعزيز صورته وصورة حزبه.

وصعد أردوغان من حدة خطابه ضد الرجل البالغ من العمر 50 عاما والذي تولى قيادة حزب الشعب الجمهوري في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

وقال الرئيس التركي إن “تركيا لن تستسلم للإرهاب في الشوارع”، متهما زعيم المعارضة بـ”عدم المسؤولية الجسيمة”.

وفي وقت لاحق، هاجم أردوغان رئيس حزب الشعب الجمهوري بسبب دعواته لمقاطعة الشركات التركية التي يُنظر إليها على أنها قريبة من الحكومة، مما أثار احتمال أن يواجه أوزيل عقوبات قانونية قريبا.

صيدلي تحول إلى سياسي

وولد أوزيل في مانيسا بالقرب من مدينة إزمير السياحية على بحر إيجة، في 21 سبتمبر/أيلول 1974 لوالدين كانا مدرسين.

وبعد حصوله على شهادة في علم الصيدلة من جامعة إيجا بإزمير، بدأ العمل صيدليًا خاصًا، ثم ترأس لاحقًا نقابة الصيادلة في تركيا. في عام 2011 تخلى عن كل شيء ليدخل المعترك السياسي بعد انتخابه نائبا عن حزب الشعب الجمهوري في مانيسا.

وقال بيرك إيسن أستاذ العلوم السياسية في جامعة سابانجي في إسطنبول، في إشارة إلى أفكار مؤسس تركيا العلمانية مصطفى كمال أتاتورك “إن الجزء الغربي من البلاد يمثل قاعدة حزب الشعب الجمهوري الكمالية الأكثر تقليدية”، مضيفا “بهذا المعنى، فهو على اتصال وثيق بقاعدة حزب الشعب الجمهوري ويعرف الحزب جيدا”.

في عام 2014 حثّ أوزيل البرلمان على التحقيق في حوادث التعدين المتعلقة بالعمل، لكن جهوده أُحبطت من قِبَل حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان.

وبعد بضعة أشهر فقط، شهدت تركيا أسوأ كارثة تعدين في تاريخها عندما لقي 301 شخص حتفهم في انفجار بمنجم في سوما.

وبالإضافة إلى عمله في مجال سلامة التعدين، فقد خدم أيضا في لجان مراقبة ظروف السجون والمشاكل التي يواجهها طلاب الجامعات.

وبحلول عام 2018، انتُخب رئيسا للمجموعة البرلمانية للحزب، حيث حظيت خطبه المباشرة والصريحة باهتمام أوسع.

وقال إيسن “قد لا يكون خطيبا كاريزميًا، لكنه فصيح وواضح وينتقد الحكومة بشدة وهذه الاستراتيجية ناجحة”.

وفي مايو/أيار 2023، خسر حزب الشعب الجمهوري حملة رئاسية شرسة أمام أردوغان والتي اعتبرت على نطاق واسع التصويت الأكثر أهمية منذ أجيال، مما ترك الحزب في أزمة.

وبعد ستة أشهر، صوت المؤتمر السنوي لحزب الشعب الجمهوري على استبدال الزعيم القديم كمال كليتشدار أوغلو ــ الذي تولى القيادة منذ عام 2010 ــ بأوزيل، الذي فاز بأغلبية 812 صوتا مقابل 536.

وبدعم من إمام أوغلو، القيادي البارز في حزب الشعب الجمهوري، قال أوزيل إنه يريد “كتابة تاريخ جديد وإعادة تشكيل السياسة التركية”، مضيفا أن الناخبين بانتخابه أرادوا “فتح الباب أمام مناخ سياسي جديد في بلدنا”.

مستهدف بالتحقيقات القانونية

وقال محامي حزب الشعب الجمهوري أحمد كيراز “يتقاسم الرجلان المهمة: إمام أوغلو يستعد للرئاسة، بينما يتولى أوزيل رئاسة الحزب والمجموعة البرلمانية”، مضيفا “كلاهما يتحرك إلى الأمام بنفس الرؤية للسلطة والتي تنص على دور أقوى للبرلمان”.

وبعد أشهر قليلة من توليه قيادة الحزب، حقق حزب الشعب الجمهوري فوزا ساحقًا في الانتخابات المحلية التي جرت في مارس/آذار 2024، واحتفظ بالسيطرة على إسطنبول وأنقرة، بينما توسع في بعض مقاطعات الأناضول التي كانت تعتبر في السابق معاقل تابعة لأردوغان.

ومنذ ذلك الحين، أصبح الحزب وقيادته هدفًا لعدد متزايد من التحقيقات القانونية والتي بلغت ذروتها باعتقال إمام أوغلو الشهر الماضي.

ويقول المراقبون إنه من السابق لأوانه التفكير في أوزيل كمرشح رئاسي، لكن إذا تم منع إمام أوغلو من الترشح، فإن أوزيل “سيكون في أفضل وضع”، كما قال كيراز، مضيفا “يتمتع بمكانة تؤهله ليكون مرشحا استثنائيًا، فهو يجيد جمع الناس معا”.

وقال إيسن إن أوزيل “دافع حتى الآن عن الحزب بشكل جيد للغاية ضد التدخلات القضائية لأردوغان”، مضيفا أنه طالما استمر في مساره الحالي، “فإنه سيصبح سياسيا هائلا للغاية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى