المغرب العربي

الإحباط واليأس يدفعان شباب الجزائر نحو الهجرة السرية


كشفت احصائيات رسمية أن نحو 800 جزائري غالبيتهم من الشباب وصلوا خلال الاسبوع الماضي في رحلة هجرة سرية إلى اسبانيا، وهو رقم قد يكون أعلى بكثير ويثير كثيرا من الأسئلة في بلد يتوفر على ثروة نفطية وغازية تدر عليه عائدات بمليارات الدولارات، في حين تذهب أغلب التفسيرات إلى أن تنامي موجة هجرة الجزائريين سرا إلى أوروبا في رحلات بحرية، تعود إلى حالة الاحباط الاجتماعي مع ارتفاع نسبة البطالة وغياب الآفاق لشريحة تطمح لوضع أفضل.

ورغم أن الجزائر تعتبر من بين الدول التي تستثمر أموالا طائلة في شراء السلم الاجتماعي من خلال تعزيز المكاسب الاجتماعية، إلا أن المناخ العام السياسي منه والاقتصادي، يرخي بظلال قاتمة على وضع البلد النفطي العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول.

وتسلط هجرة الشباب الجزائري الذي يخاطر بحياته أملا في حياة أفضل على الضفة الأخرى للمتوسط، الضوء على حالة اليأس المستشري في المجتمع الذي يتوق لتغييرات تحسن الوضع الاجتماعي.

وشكل الشباب في احتجاجات العام 2019 التي دفعت الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة بداية للتخلي عن الترشح لولاية رئاسية خامسة ثم لاحقا اعلان استقالته، الغالبية العظمى للمتظاهرين.

وطالب هؤلاء بتغيير النظام، بينما استمر الحراك الشعبي حتى بعد فوز عبدالمجيد تبون الذي ينظر له على أنه امتداد لمنظومة ورموز الحكم السابق، قبل أن تنجح السلطة في وأده مستثمرة تداعيات الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.

ووعد تبون في ولايته الرئاسية الأولى ولاحقا في الثانية، ببناء “الجزائر الجديدة” وبالنهوض الاقتصادي وتقليص البطالة وتحسين الأوضاع، لكن على أرض الواقع لا يرى الجزائريون أثرا لتلك الوعود التي أُعتبرت خطابات دعائية.

ويصيب الوضع العام في الجزائر والذي اتسم كما يقول حقوقيون، بتنامي قمع الحريات وارتفاع نسبة البطالة والفقر، الشباب الجزائري بالإحباط، ما حفّز لديهم فكرة الهجرة غير النظامية حتى لو كانت مخاطرة عواقبها قد تكون مأساوية.  

وتقدم وزارة الدفاع الجزائرية حصيلة دورية عن أعمال الجيش في البحر، كما يعلن حرس السواحل أيضا بصفة متواترة عن توقيف مهاجرين سريين نحو أوروبا أو اسبانيا.

وعلى متن قوارب الموت، يخاطر الشباب الجزائري بحياته، رغم سن السلطات لقوانين صارمة والتي تنص على عقوبة تصل إلى السجن 10 سنوات مع التنفيذ ضد أي مهاجر غير نظامي وأي شخص يساعده على ركوب أمواج البحر. كما يواجه كل من يعترضه خفر السواحل حكما بالسجن من شهرين إلى ستة أشهر وغرامة تتراوح بين 20 ألف إلى 60 ألف دينار جزائري (بين 1500 و3500 دولار) أو إحدى هاتين العقوبتين فقط.

وتشير تقارير منظمات إسبانية غير حكومية مهتمة بالهجرة غير النظامية الى دخول أكثر من 271 ألف مهاجر من بلدان شمال أفريقيا الى دول الاتحاد الأوروبي سرا عام 2023. وكانت وزارة الداخلية الفرنسية قد أعلنت مطلع 2024 أنها رحّلت أكثر من 2500 جزائري عام 2023، مؤكدة أن عدد الجزائريين الذين أصدرت بحقهم قرارات بالإبعاد ازداد بنسبة 36 في المائة منذ 2022.

وفي يوليو/تموز الماضي حذّر التكتل الجزائري للمجتمع المدني وحقوق الإنسان من خطورة ظاهرة الهجرة السرية المتفاقمة والتي أصبحت تهدد حياة الشباب وتعرضهم لمخاطر الموت أو الاتجار بالبشر.

وأشار في بيان له إلى انتشار فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر شبانا وقاصرين ونساء يركبون قوارب الموت في محاولة للوصول إلى أوروبا، مطالبا السلطات بتدخل عاجل للتصدي لهذه الظاهرة.

وترجع المنظمات الحقوقية سبب الهجرة غير الشرعية في الجزائر الى عدة أسباب منها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حيث تشمل البطالة وانخفاض الأجور وارتفاع مستويات المعيشة وانعدام الفرص المتكافئة وانتشار الواسطة والمحسوبية.

وتتعامل السلطات الجزائرية بحساسية شديدة مع قضية الهجرة السرية، حيث ترى أن التركيز على هذه القضية يصرف النظر عن النجاحات التي تحققت في البلاد، فيما يركّز الخطاب الرسمي للرئيس عبدالمجيد تبون على إبراز فرص النجاح المتاحة لعدد هام من الشباب منهم من نجح في إطلاق مؤسسات خاصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى