اخترنا لكم

الإخوان المسلمون في ليبيا.. كيف بدأت الحكاية؟


ظهرت جماعة الإخوان المسلمين في مصر في نهاية العقد الثالث من القرن العشرين في ظل تحولات سياسية واجتماعية شهدها العالم، استغلت الجماعة تلك التحولات لنشر أفكارها في المجتمعات العربية على أنّها الرؤية الصحيحة للإسلام، فافتتحوا أربع شعب لهم في سوريا العام 1937، وإن كان الاهتمام بسوريا قبل هذا التاريخ بعامين عندما سافر وفد من الجماعة لنشر فكرتهم وتجنيد من يصلح لجمعيتهم، وبدأ الإخوان بنشر أفكار جمعيتهم في العراق بدءاً من العام 1941، وأعلن رسمياً في 1949، ولأسباب غير مفهومة أو معلنة ظل الإخوان لا يقتربون من إقليم برقة أو طرابلس الغرب ولا يرسلون وفوداً ولا يحتكون بالطلاب الليبيين الذين يدرسون في القاهرة، ولا يستقبلون مجاهدين ليبيين في المركز العام للإخوان

البداية في ليبيا والرواية المفككة

يؤسس كثير من الباحثين في تاريخ الإخوان بليبيا، للحظة البداية بعام 1949، عقب قدوم ثلاثة من شباب الإخوان فارين من ملاحقات الدولة المصرية عقب اغتيال رئيس الوزراء وقتها محمود فهمي النقراشي، وهم؛ عز الدين إبراهيم، ومحمود يونس الشربيني، وجلال الدين إبراهيم سعدة، طلبوا حماية الأمير إدريس السنوسي حاكم برقة، فاستجاب الأمير لطلبهم وآواهم، ورفض تسليمهم، مما أدى حينها إلى أزمة في العلاقات، فأقدمت الحكومة المصرية على إغلاق الحدود بينها وبين ليبيا.

بمراجعة المتهمين في اغتيال النقراشي وجد أنّهم ستة عشر متهماً، ليس من بينهم المذكورون، فمن المحتمل أنهم فروا خوفاً من الملاحقات التي طالت الإخوان في عهد رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادي، والتي لم تستمر كثيراً، فقد تم تكليف الوفد بتشكيل الحكومة، ومن ثم عاد الهدوء بين الإخوان وبين القصر عام 1950.

تستمر رواية الإخوان عن الثلاثة الهاربين الى برقة، بزعم أنّ الأمير إدريس السنوسي ساعدهم في إيجاد عمل لكل منهم في بني غازي، حيث عمل عز الدين إبراهيم وجلال سعدة في مجال التعليم، وعمل محمود الشربيني في التجارة مع عبد الله عابد السنوسي، وأن هؤلاء الثلاثة نجحوا في استقطاب عدد من الشباب الليبي حولهم ومنهم كوّنوا تنظيم الإخوان بليبيا، وهذه الفرضية لا تصمد، فقد عاد سريعاً هو ورفيقاه حسب شهادة الدكتور يوسف القرضاوي، وذلك بعد تغيير رئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادي؛ أي إنّه مكث أقل من عام في بني غازي، لكن من أين جاء إخوان ليبيا، ولماذا يتعمد الجميع طمس أسمائهم وتاريخهم؟

في عهد الدولة السنوسية

مرحلة التدليل والعمل بحرية: 

كانت ليبيا حديثة العهد بالاستقلال، فقد أعلن الملك إدريس استقلال ليبيا الموحدة من الأقاليم  الثلاثة “برقة وطرابلس والفزان” في العام 1951، وكان من المتوقع أن ينصهر الجميع في بوتقة الانتماء الليبي الواحد، وأن يساعده الإخوان المسلمون الليبيون في ذلك، فقد كان الملك الإدريسي ينظر إلى الجماعة بوصفها مجموعة من الدعويين الإصلاحيين الذين رأى فيهم محض حركة تتقارب مع الدعوة السنوسية التي كان أميرها.

ظل الملك يدلل الإخوان، فعين الدكتور محمود أبو السعود؛ وهو اقتصادي معروف من إخوان مصر مستشاراً اقتصادياً له، وعندما وقعت الاضطرابات بين رجال الشرطة والمواطنين خلال أول انتخابات نيابية بعد الاستقلال، في شباط (فبراير) 1952، حظر الملك إدريس جميع الأحزاب السياسية، وأعلن حالة الطوارئ، وبدا عليه الانزعاج من كل الحركات والأحزاب، إلا الإخوان فقد تركهم يعملون بكل حرية ويستقبلون الفارين من مصر بكل أريحية.

مرحلة المنع والعمل السري : 

ثم حدث تحول مهم في علاقة الملك الإدريسي مع الإخوان المسلمين في ليبيا، عندما صُدم الملك بحادثة الاغتيال التي طالت أقرب المقربين إليه إبراهيم الشلحي، في الخامس من تشرين الأول (أكتوبر) العام 1954، وهو ناظر الخاصة الملكية، والقائم على خدمته منذ العام 1913، من قبل الشاب محيي الدين السنوسي، البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً الذي كان يدرس في مدرسة المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت، وتربطه علاقات وثيقة مع جماعة الإخوان المسلمين الليبية.

لحظة اعلان الملك إدريس استقلال ليبيا

وتشير بعض التحليلات إلى تحريض الإخوان على قتل الشلحي لأنه كان ذا توجهات وطنية، ربى أولاده الثلاثة على العلاقة الوطيدة مع مصر فولده عبد العزيز (1937-2009)، كان ذا صلات قوية مع جمال عبد الناصر، وهو خريج الكلية الحربية المصرية في القاهرة، وكان مكلفاً بإيصال الرسائل الخاصة من الملك السنوسي إلى عبد الناصر، أما ولده الثاني عمر، فقد درس في جامعات القاهرة، وكان ذا علاقات قوية بجمال عبد الناصر أيضاً، وعند اغتيال والدهما العام 1954 عين الملك، عبد العزيز ناظراً خاصاً له، وعمر في السكرتارية الخاصة بالديوان الملكي.

وقد ترتب على ذلك أن منع الملك الإدريسي جماعة الإخوان المسلمين الليبية من ممارسة عملها علناً، فلجأت إلى العمل التنظيمي السري، والاكتفاء بنشر الكتب والمجلات الدينية والسياسية، مكث التنظيم سرياً ثلاثة عشر عاماً، لم يتعرض لأي من المضايقات الأمنية، كما لم يقم الملك بتطوير الخلاف معهم إلى صدام خشن، بل ظل يسمح بتوفير الإيواء والحماية للهاربين من مصر، فاستقبل المجتمع الليبي المهندس مصطفى مؤمن، والمهندس يوسف ندا رجلُ الأعمال المعروف، والمهندس عمر الشّاوي، وكانوا يمارسون أعمالًا مهنية فقط.

بداية تأسيس تنظيم الإخوإن:

لم يتبلور عمل الإخوان في ليبيا في شكلِ تنظيم له تَصوُّراتُه النّظريّة، وأُطُرُهُ التّنظيميّة، وأسر (الخلايا التنظيمية) وقياداتُه المنتخبة إلا في العام 1967، عقب الهزيمة من إسرائيل، فقد قاموا بتأسيس فرع في مدينة بنغازي من قياداته عبد الكريم ومصطفى الجهاني، وإدريس ماضي، ومحمد الصلابي، وصالح الغول، ثم فروع في طرابلس العاصمة، بقيادة الشيخ فتح الله محمد أحواص المعروف بالشيخ فاتح أحواص، وعيّن محمد رمضان هويسة مسؤولاً للعلاقات الخارجية، ومحمود محمد الناكوع، مسؤولاً لشؤون التنظيم، وعمرو خليفة النامي، مسؤولاً عن النشاط الجامعي، ومختار ناصف مسؤولاً عن الشؤون المالية، وبسبب سرية العمل وتجنباً للصدام مع الملك لم تكتب تلك المجموعة أي نظام أساسي، أوميثاق، أو بيان.

مرحلة القذافي

لم يمكث التنظيم كثيراً، فقد قاد العقيد معمر القذافي انقلاباً على الملك إدريس السنوسي في العام 1969، وعلى الفور انقلب الإخوان بدورهم على الملك، وتعاونوا مع القذافي وتقلد بعضهم مناصب عليا في الدولة الليبية، وأظهروا توافقاً عجيباً مع نظام القذافي، لكن الأخير أقدم في العام 1973 على الإطاحة بالجماعة حين أصدر قراراته بمنع نشاط الجماعة وحظرها.

استمرّ الاعتقال لفتراتٍ متعدّدة، كان أقصاها حوالَي 21 شهراً، وبرغم البدء في إجراءات محاكمة تلك المجموعة، وبطلب من القذافي أعلنوا حل الجماعة تلفزيونياً، فتوقفت المحاكمة بأمرٍ سياسيٍ، وأُفرج عن الجميع، وفي خطاب للعقيد القذّافي رئيس مجلس قيادة الثّورة، قال: إذا أراد الإخوان العمل للإسلام، فعليهم أن يعملوا له خارج ليبيا، وأن يتّجهوا إلى جمعيّة الدّعوة الإسلاميّة، ويهتمّوا بنشر الإسلام في إفريقيا وآسيا، بالفعل غادر الكثير منهم ليبيا، وبذلك انتهى نشاط حركة الإخوان في ليبيا، وأصبحت محظورةً مثل كلّ الأحزاب الأخرى.

مكث الإخوان الفارين قرابة العشر سنوات بعيداً عن ليبيا، وفي منتصف ثمانينيات القرن الماضي، عاد الكثير منهم بعد أنْ أكملوا دراساتهم العليا، ليتابعوا عمل تنظيمه الإخواني السري، وكان من أهم الشخصيات التي برزت خلال تلك المرحلة، وعملت عملاً دؤوباً على إحياء نشاط جماعة الإخوان عماد البناني، وعبد المنعم المجراب، والأمين بلحاج، وعبد المجيد بروين، ثم انضم إليهم إدريس ماضي، ومصطفى الجهاني.

ثم ما لبث أنْ حصل انشقاق في داخلها بسبب خلافات تنظيمية، أدت إلى تأسيس ما عرف بحركة “التجمع الإسلامي”، ومن أبرز قياداتها: مصطفى الطرابلسي، جمال الورفلي، محمد أحداش، إدريس ماضي، مصطفى الجهاني، والأخيران كانا من الإخوان المسلمين المخضرمين، قبل أن ينضمّا إلى التجمع، وفي 1995 أُعدم بعض من قادتهم، وفر الباقون إلى الخارج ولم يعاودوا العمل التنظيمي واكتفى بعضهم بالعمل الثقافي الحر.

في العام 1998، اكتشفت السلطات الليبية تنظيماً سرياً للإخوان، فاعتقلت 150 عنصراً قيادياً منهم، ثم صدر حكم الإعدام على المراقب العام عبد الله أحمد عز الدين ونائبه، وحكم على الباقين بمدد مختلفة، وقد تدخلت جهات إسلامية، وشخصيات دينية للإفراج عنهم، مسوّغين ذلك بأنّ عملهم دعوي سلمي، ولا يهدف إلى التغيير بالقوة، ومن بين هؤلاء الشيخ يوسف القرضاوي الذي زار القذافي للتوسط بشأن الإفراج عنهم، تدخل سيف الإسلام القذافي وقدم مشروع ليبيا الغد، وتفاوض مع الإخوان في السجون أن يكونوا شركاءه في المشروع فوافقوا وأيّدوه، فتم الإفراج عنهم في آذار (مارس) 2006، فغادر قسم منهم خارج البلاد، بينما فضّل قسم آخر التعاون مع سيف الإسلام .

تجلت انتهازية الإخوان الليبين في أكثر من مرحلة، بدايةً من الملك السنوسي الذي رحب بهم، فكان جزاؤه تحريض أحد أقاربه على قتل ناظر خاصيته المقرب من عبد الناصر، ثم تحالفوا مع القذافي وانقلبوا معه على الملك الذي آواهم ووفّر الحماية لهم، ثم انقلبوا على القذافي الذي ولاهم مناصب قيادية في الدولة عقب الانقلاب، ثم اكتشف مؤامرتهم عليه فحاربهم بقسوة من دون رحمة، ثم تعاهدوا على تأييد سيف الإسلام معمر القذافي ليكون وريثاً في الحكم، شريطة الإفراج عنهم، وعندما أفرج عنهم تخلى بعضهم عنه وسافر بعيداً، أما الآخرون فتعاونوا معه تقيةً، حتى إذا ما هبت أجواء الربيع نكثوا عهدهم معه وانضموا للثوار وشاركوا في قتل القذافي وحبس سيف الإسلام نفسه!

تدخل سيف الإسلام القذافي للإفراج عن الإخوان من السجون بعد أن أيدوا مشروعه في 2006

الإخوان وثورة 2011

قام ليبيون بالثورة على حكم العقيد معمر القذافي في شباط (فبراير) 2011؛ بدأت الثورة في شكل مظاهرات سلمية، وسرعان ما تم تسليحها بدعم من قطر، وتحديداً الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة، فتكونت الميليشيات المسلحة بزعم مواجهة ميليشيات القذافي، الذي فر من مقر قيادته الشهير باب العزيزية، ودخل الثوار طرابلس 20 آب (أغسطس) 2011، ومن ثم اعترفت الأمم المتحدة بليبيا تحت حكومة المجلس الوطني الانتقالي برئاسة المستشار مصطفى محمد عبد الجليل، وبحلول تشرين الأول (أكتوبر) سقطت آخر معاقل القذافي في بني وليد وسرت وقُتل مع أحد أبنائه في 20 من الشهر نفسه عندما سقط آخر معاقله في سرت.

عاد الإخوان أثناء الحراك الثوري إلى ليبيا بعد التأكد من سقوط نظام القذافي، وكانت إشارة العودة خطبة ليوسف القرضاوي أعلن فيها سقوط النظام قبل سقوطه بأسابيع.

شاركت أغلب الحركات الإسلامية الليبية في دعم ثورة فبراير 2011، وسيطرت ميليشيات مصراتة على العاصمة بالتدريج بمجرد وصول التنظيم الإخواني إلى سدة الحكم عبر المؤتمر العام منذ (أغسطس) آب 2012 إلى تموز (يوليو) 2014 بحجة حماية ثورة فبراير.

رفضت بعض الكتائب والميليشيات تسليم أسلحتها، وزعمت انخراطها في المجال السياسي، فاتجه بعضهم إلى تكوين أحزاب سياسية، خاضت غمار انتخابات “المؤتمر الوطني العام” العام 2012، كان على رأسهم جماعة الإخوان المسلمين الذين عاد الكثير من كوادرهم من الخارج، وكونوا “حزب العدالة والبناء” بقيادة محمد صوان، وفازوا بــ17 مقعداً وبالتالي حصل الحزب على بعض الحقائب الوزارية ضمن أول حكوماته برئاسة علي زيدان.

الإخوان ضد الجيش الوطني

منذ اللحظة الأولى لتولي الإخوان مناصب قيادية في الدولة أدركوا أن وجودهم مرهون بتدمير الجيش الوطني الليبي، لذا حرصوا على انشقاقه وتشظيه، وعندما جاءت انتخابات البرلمان الليبي الوطني العام 2014، وأنهت سيطرة الإسلاميين على البرلمان حيث خسروا خسارة فادحة، ولم يحصلوا إلا على 20 مقعداً من مجموع 200 بالبرلمان، رفض الإخوان الاعتراف بنتائج الانتخابات، وأعلنوا أنهم أعلى سلطة في البلاد ونصبوا أنفسهم بقوة السلاح على طرابلس، ففر أعضاء البرلمان إلى طبرق، ثم ظهر النفوذ المصراتي بوضوح في 2014 في إطار ما أسموه عملية “فجر ليبيا” اعتراضاً على نتائج الانتخابات البرلمانية.

ظهر المشير خليفة حفتر ومعه الجيش الليبي الوطني كقوة في شرق ليبيا، ضد الجماعات الإرهابية فقام بطردها من محيط بني غازي، وكذا تنظيم المرابطين وأنهى عليه، وجماعة أنصار الشريعة، وسرايا الدفاع في عملية أطلق عليها “عملية الكرامة “؛ فقامت الجماعات المسلحة والكتل السياسية الداعمة للإخوان، بإطلاق عملية عسكرية باسم “فجر ليبيا” بقيادة الإرهابي الإخواني صلاح بادي للوقوف في وجه عملية الكرامة التي أطلقها حفتر.

فشل حكومة السراج

بعد اتفاق الصخيرات بالمغرب توقف القتال بين “عملية الكرامة” و”عملية فجر ليبيا”، وتولّت حكومة الوفاق المعترف بها أممياً إدارة الدولة الليبية، وساندها الإخوان وانضموا إليها، وتوقف المشير خليفة حفتر في محيط بني غازي، وكان من مهام حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج حل الميليشيات وتسليم أسلحتها وتوحيد الجيش الليبي ودمج من يصلح من الميليشيات للجيش عبر  الكلية الحربية، واستكمال وحدات الجيش وتسليحه.

وأُعطيت الحكومة عامين فرصة لتحقيق تلك الأهداف، ولما فشلت تم مد صلاحيتها لعام آخر ينتهي في 2018، وعقد أكثر من مؤتمر للمّ الشمل الليبي، وأمام تعنت الإخوان ورفضهم لأي مصالحة، قاموا بفرض قرارات بعينها على رئيس الحكومة فايز السراج، ومن ثم قام الجيش الليبي في نيسان (إبريل) 2019 بشن أعنف هجوم له مستهدفاً العاصمة طرابلس، للسيطرة عليها وإنهاء وجود حكومة الوفاق الوطني الفاشلة، واستمر الحصار فترة طويلة، وحرصاً على سلامة المواطنين المدنيين وعلى وحدة الدولة الليبية قرر الجيش الوطني الإنسحاب إلى سرت، وعاد الإخوان وميليشياتهم للمشهد مرة أخرى.

بداية الصراع الإخواني الإخواني

ظهر الصراع بين الأجنحة الإخوانية في أعقاب انسحاب الجيش الوطني الليبي الى حدود سرت، وسببه الاستحواذ على السلطة والتمويل، وهذا متوقع من الإسلامويين الذين سرعان ما يحملون السلاح على رفقائهم وإخوانهم السابقين؛ حدث هذا في أفغانستان، وفي الشيشان، وكذلك في العراق وسوريا واليمن وأخيراً في ليبيا، إذ بدت نعرة استعلائية بين الميليشيات الإخوانية المسيطرة أساساً على الحكم، متمثلة بمليشيات مصراتة التي تعتقد أنها الأقوى والأجدر بالحكم والأكثر إسهاماً في الإطاحة بالنظام السابق.

الجناح الأول بمصراتة أو ما يعرف بتيار “الغرياني” نسبة لصادق الغرياني المفتي السابق لليبيا، ويتزعمه علي الصلابي، ونوري أبو سهمين، رئيس المؤتمر العام السابق، والصديق الكبير رئيس البنك المركزي، ومصطفى صنع الله رئيس مؤسسة النفط، وفتحي باشا أغا وزير داخلية حكومة السراج.

ويعتمد هذا الجناح على ميليشيات مسلحة مثل: لواء النواصي وقوات الردع الخاصة ولواء حلبوص، وميليشيا الصمود، ومليشيا المحجوب، وميليشيا الفاروق، وميليشيا باب تاجوراء، وميليشيا غرفة الثوار بالزاوية بقيادة الإرهابي شعبان هدية، ويتحالف هذا التيار مع قيادات من الجماعة الليبية المقاتلة بقيادة عبد الحكيم بلحاج، وخالد الشريف، يتميز هذا التيار بالتفوق العددي والنوعي، وتقدر أعداده بنحو 9 آلاف عنصر، إضافة إلى تفوق في التسليح ووجود طائرات حربية تحت سيطرته.

الجناح الثاني بطرابلس أو مجموعة لندن: يتزعمه محمد صوان المنتمي إلى حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية للتنظيم الإرهابي، وخالد المشري رئيس ما يعرف بمجلس الدولة، ومجموعة إخوان بريطانيا متمثلة بمحمد الثابت عبدالملك، والأمين بلحاج، وبشير الكبتي، وصلاح الشلوي، ونزار كعوان، وغيرهم، وواجهتهم فايز السراج ومحمد سيالة وزير خارجيته، ويعتمد هذا الجناح على ميليشيات مسلحة مثل: مسليشيا ثوار طرابلس، وميليشيا غنيوة الكيكلي وتُعرف باسم الأمن المركزي، وقوة التدخل المشتركة، وميليشيا البقرة، وعدد من السرايا الصغيرة وتعداد عناصرها مجتمعة حوالي 6 آلاف عنصر.

في غضون الأشهر السابقة ظهر ضعف قوة تيار السراج، وعدم قدرته على فرض سيطرته المسلحة على طرابلس، ولا توفير الحياة الكريمة للمواطنين، ومن ثم اندلعت مظاهرات جماهيرية في طرابلس، تطالب بتحسين الأحوال المعيشية، وتم إطلاق الرصاص عليهم، وسقط قتلى في صفوف الشعب في المدينة، وسعى كل تيار إلى أن يلصق التهمة بأخيه، وحاول تيار فتحي باش أغا السيطرة على مرافق العاصمة وتولي السلطة، لكن تيار السراج التابع للندن، سبقه بخطوة وقام بإقالته وتقديمة للمحاكمة بتهمة قتل المتظاهرين.

لن تقف قصة الإخوان عند هذا الفصل فمازالت المؤشرات تنذر بالمزيد، والاحتقان وصل للذروة فهل سيقضي تيار على الآخر، أم ينتصر الفريق المؤمن بالدولة ومؤسساتها ومدنيتها، ويعيد الأمن والأمان للشعب الذي طال انتظاره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى